في الحديث عن ثورة فبراير المجيدة؛ كثيرا ما يحضر البعد العاطفي بتجلياته المختلفة، حيث تتوارد الذكريات، وتحضر أسماء الشهداء، ويثور الشوق إلى أجواء ساحات الاعتصام، بزخمها الثوري، وحضورها الجماهيري، وذكرياتها الندية، وبوحي من ذلك كله يذهب الكثير ممن يتحدث عن هذه الثورة مع حلول يوم الحادي عشر من فبراير إلى تسمية هذا اليوم ب(ذكرى ثورة فبراير)، وهي تسمية فيها من معاني الخذلان لهذه الثورة والتخلي عنها الشيء الكثير، ذلك أن دلالة كلمة (ذكرى) تدور حول معاني الفقد لأمر محبوب إلى النفس، أصبح خبرا من أخبار الماضي، ولأن استحضاره أمر مستحيل فإنه يتم الاستعاضة باستحضار ذكرياته عن استحضاره على وجه الحقيقة، وبهذا نكون قد حكمنا شعوريا على هذه الثورة بأنها صارت جزءا من الماضي البعيد، وكلما مرت السنوات ازداد بعدا ليصبح مجرد (ذكرى) لا أقل ولا أكثر. إن ثورة فبراير العظيمة ما تزال حاضرة قوية، وكل ما يجري على الساحة اليمنية اليوم من أحداث جسام هي من معاميل هذه الثورة، وما تزال روحها الوطنية سارية في كل ربوع الوطن الحبيب، صحيح أن هذه الثورة جوبهت بكم هائل من الحقد، وتعقبها سيل جارف من الخيانات الداخلية والخارجية؛ لكن هذا هو شأن الثورات الإنسانية الكبرى، وهذه أيضا سنة الله في الغربلة والتمحيص، حيث يواجه الحق الواحد بترسانات متعددة ومتنوعة من الأباطيل، حتى إذا طغى ضجيج الباطل، وعلا رهجه ومرجه؛ أذن الله لشمس الحق أن تسطع، ولصبحه أن يطلع، وحينها يندثر كل الزبد، وينجاب الدخان، ولا يبقى إلا الخير.. والخير وحده. إن أجمل وصف نطلقه على هذه الثورة ونحن نعيش يوم الحادي عشر من فبراير هو العيد العاشر لثورة فبراير.. نعم إنه عيد لأنه صنع لليمنيين مساحات واسعة من الفرح، حين جسّد وحدتهم، وآواهم إلى ربوة ذات قرار مكين من العزة والكرامة والحرية، ومنحهم اليقين في أنهم قادرون على تجاوز الصعاب والمحن. وفي الغد القريب سيكون فبراير الثورة يمنا جديدا مزدانا بالنماء والخير والحرية، وستذهب كل المشاريع التعيسة أدراج الرياح، وسيهوي كل الخونة والمرجفين تحت سنابك فبراير المجيد.. عيد كل اليمنيين.