خاض الحرب كاملة، ولم تكن لديه فسحة لاحتمالات أُخر غير الحسم العسكري والتحرير الأوفى، الذي لا تنقص من أرضه اليمنية ذرة تراب واحدة. هو البطل كله، بلا موسم تخفيضات في الصيف ولا إجازة في العيد والشتاء، الوطني دوماً في الفصول الأربعة، وهو بوصلة الجهات، به تهتدي النجوم في أبراج السماء إذا ادلهم ليلها.
المحارب إلى آخره، وبلا خط رجعة، الذي لم يسترح يوماً إلا لتستظل بقامته شجرة تساقطت أوراقها في ظهيرة البيداء وهجير الخريف.
ولطالما تفيأ الوطن أمين الوائلي كلما مسه الضر أو تعب من لغوب ، لقد شاهدته ذلك الوطن غير مرة وهو يوسد رأسه صدر البطل المخضرم من أول التاريخ إلى منتهى الروح، شاهدته وهو يأخذ غفوة عند منتصف ليل على قمة جبل تربض تحت القفص الصدري لأمين الوائلي الذي ظل بعينيه الوائليتين النابهتين يحرسه.
كان أمين يهدهد الوطن كطفل فقد أبويه وهو لما يزل طري العمر في قماط القابلة.
البطولة كمفهوم والمجد كمعنى والشجاعة كقيمة والقضية كتاريخ ، والنضال كتعريف للنبل وطهر الطوية، وأمين الوائلي كمعجم لكل هذه المترادفات الفضلى في كتاب البشرية، لكأنها قدت من أبجد روحه، اشتقاقا صرفيا من مصدره الأصلي والأصيل.
هذا هو أمين الوائلي، تحديقة النسر ورسالة الهدهد ..أجمل الأسماء وأقربها لدقات القلب .. أمين الجمهورية وسادن كعبتنا الذي نسي أن يحمي إبله.
إبن وصاب وشذى العنصيف والشذاب .. نافذة مطلة من قلعة الدن وصخرة مبتلة مع مشقر أخضر من جبل مطحن، إبن الروابي وسليل المطر.
له " الصدر دون العالمين أو القبر"، ولكم كنت لأحزن لو أن الموت خان البطل على سرير البعير، أو أخذه السرطان وكورونا من غرفة عناية مركزة.
أما وقد استشهد البطل، فذاك حلم من عرف، ومن أعرف من أمين وقد استوفى جوهر المجد من أقصى علوه، "البطل وجد أصلاً ليستشهد" كان يؤكد أمين ، فما أعظم أن تصعد على سلم الله بلامة أناقتك الحمراء وأنت بكامل كرامتك الإنسانية، تلك اللامة المنسوجة من خيوط العرق المصهودة بجبال مازالت بلا أسماء وغبار صحراء شعثاء شاسعة مرشوشة بدم القلب، ومسك الحرية.
مجداً أمين الوائلي وسلام على بيادتك وقبعة القش في العالمين وفي كل وقت وحين.