الشعب اليمني كغيره من الشعوب التواقة للحرية والكرامة، يريد أن يعيش سعيداً حراً طليقاً، يرفض ويأبى أن يذل لغير ربه وخالقه فليس لمخلوق كائناً من كان أن يظلمه أو يحقره ويستذله ويهدر حقوقه وأدميته، بهذا جاء الإسلام فقد أعلى من شأن احترام الإنسان وصان حقوقه وجعلها خطاً وركناً مهماً لمن يريد للإنسانية الخير ويبحث للبشرية عن الأمن والسعادة في هذه الحياة وما بعدها، ولن يكون ذلك إلا بإعطاء الناس حرياتهم ليس منة من أحد ولكن حق لهم من الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء:70) ولقد كان هذا المعنى واضحاً جلياً في جيل الصحابة الذين تربوا على يدي معلم الإنسانية ومحرر البشرية محمد بن عبدالله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قولته المشهورة :" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" وحين أحس اليمانيون أن ثوراتهم السابقة 26سبتمبر 14 أكتوبر قد فرغت من محتواها وأراد الطغاة أن يسرقوها، وأن يؤسسوا دولة للظلم ثانية تقوم على التسلط والاستبداد ومصادرة الحقوق ونهب الثروات وجعلها متداولة بين الطبقة الحاكمة ومن يدور في فلكها من أهل الفساد والإفساد والظلم والطغيان، بينما الشعب يعاني من الفقر والجهل والمرض والتخلف بسبب تلك السياسات الإجرامية الخاطئة فما كان من الشعب إلا أن انتفض وثار كالبركان مطالباً بحقوقه العادلة بطريقة سلمية وحضارية لكن أرباب الاستبداد والفساد واجهوا مطالبهم بالحديد والنار، وقتلوهم ركعاً وسجداً في يوم من أيام الله الخالدة إنه يوم الجمعة جمعة الكرامة، التي ظن الطغاة يومها أنهم سيؤدون الثورة ويقضون عليها من خلال قتل الأبرياء من الشباب والرجال والنساء المطالبين بحقوقهم بألسنتهم الطاهرة وصدورهم العارية غير أن الأمور سارت على غير ما أرد لها القتلة المجرمون ، لقد كانت جمعة الكرامة منعطفاً تاريخياً غير مجرى التاريخ اليمني الحديث فبدماء أولئك الشباب الذين سقطوا بأيدي الغدر والخيانة والإجرام تأصلت الثورة وترسخت وتحولت تلك الدماء الطاهرة إلى شعلة من نار ونور نار تحرق أهل الجور والباطل وتقضي على الظلم والطغيان والاستبداد، ونور تنير للثائرين درب الحرية والعزة والكرامة ففي القتلى لأجيال حياة وفي الأسرى فدى لهم وعتق وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق وإن من حق الشهداء علينا أن نحقق أهدافهم ومطالبهم في الحرية والعدل والكرامة، وأن نقتص لهم ممن قتلهم ظلماً وعدواناً بغير حق تحقيقاً لقول الله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:179) وأن ينال القصاص كل من تورط في تلك الجريمة البشعة الآمر والمنفذ والممول الكل شركاء في الجريمة، والقضاء العادل هو السبيل الوحيد لإنصاف الشهداء والجرحى من الظلمة والمجرمين. وإن من حق الشهداء علينا أن نعول أسرهم ونداوي الجرحى ونكفلهم فهم شامة في جبين تاريخ اليمن الحديث، فلا يجوز التنكر لهم أو نسيانهم أو أن نرى القتلة المجرمين يسرحون ويمرحون في طول البلاد وعرضها دون قصاص أو مساءلة ومحاكمة، والشعب قد شب عن الطوق وعرف القتلة الظلمة والناهبين لحريته وثرواته.. فلن يسكت عن حقه ولن يسقط الحق بتقادمه "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".