وأنا أتابع بعض جلسات الحوار ؛ ينتابني قلق كبير وحزن أكبر، من تلك الفوضى والعشوائية التي يختلقها البعض، وكأنهم دخلوا الحوار ولم يدركوا السبب من وجود الحوار ! ولا أهميته ؛ فبدأ بخلق المشاكل، وكأن اليمن لا ينقصها شيء سوى المشاكل ، لمثل هؤلاء نقول كفى صبينه ، نصرخ في وجه الجميع قائلين إن مستقبل اليمن شعبا وارضا كله بين أيدكم؛ فهل تدركون ما خولناكم فيه؟ من يوم إلى يوم ونحن نراقب الأمور في بلدنا وأيدينا على قلوبنا، خوفا وطمعا أن يصل الوعي والإدراك لدى بعض المتحاورين إلى إن الخروج بالوطن مرهون بنجاح الحوار، وان الوطن يمر بمنعطف خطير، فكل يعول عليهم ، لكن للأسف ما نراه هو إن الأوضاع والمشاكل تتفاقم وتزداد الأزمة تعقيداً ، حتى باتت تهدد بنسف العملية السياسية وتعريض الوطن والشعب إلى الفتنة الطائفية ، وهناك _للأسف _ من يعمل بجد وإصرار للوصول إلى هذا الأمر، ويعمل على إثارة الحرب الطائفية ، وما قام به المدعو المحطوري إلا خير دليل ، وما تلاه من تفجير في صعده يضع النقاط على الحروف في دخول اليمن مسرح جديد ، انه مسلسل الرعب الطائفي الذي قوض العراق وجعله على جرف هار ، وهذا ما نخشاه في اليمن ولأننا نرى تصرفات داخل الحوار اقل ما يقال عنها تصرفات غبية . هناك أعمال طفولية يمارسها البعض دون وعي للمكانة التي وضع فيها ، حديث من غير إذن ،عدم الالتزام بالوقت المحدد وكأننا في مقيل ، وكلام غير مسؤول يوجه إلى بعض الأحزاب وبعض القيادات في الأحزاب بغرض النيل من تلك الأحزاب أو الشخصيات ،أو كسب موقف ،أو الشهرة ،وهذا يزيد الهوة بين المتحاورين ، وقفات احتجاجية بغرض تعطيل الحوار .... من يرى هذا كله يتبادر إلى ذهنه أسئلة كثيرة ! هل يعقل إن من مثل هؤلاء يعول عليهم مستقبل اليمن ؟!! وينتظر منهم الشعب الخروج بالبلد إلى بر الأمان ؟! بات الشعب يدرك جيدا عدوه من صديقه، بات يدرك جيدا من يريد إن يعطل الحوار ؛ كي يستمر مسلسل الانفلات الأمني ؛ لان هناك فئات لا تعيش الا على (قيح الجروح) .. أيها المتحاورون ؛ لا ندعوكم إلى إن تطهروا قلوبكم من الضغائن ، أو الصوم عن المناصب ، أو العفاف عن ما يمنح لكم ، بل نريدكم أن تقفوا وقفة مسؤول تجاه تلك الفظاعات ، والانتهاكات في أنحاء اليمن ، شرقه وغربه ، شماله وجنوبه، ليس هناك أنانية اشد أن توظف معاناة الناس سياسيا؛ وضد اتجاه او حزب معين ، التجرد في طرح القضايا مطلب الجميع وهي دليل نزاهة الضمير ونقاء النفس ، لا محاباة لأحد . لم يعد بمقدورنا السكوت عن الانتهاكات في صعده ؛ لأي سبب من الأسباب ، او الصمت عن رد جميع الحقوق ؛ وبالذات لأهلنا في الجنوب ، لذالك يجب تعرية كل من سولت له نفسه المساس بحق الغير في الشمال والجنوب كائن من كان . نريد أن يلمس الشعب مناقشة للقضايا المهمة ،وتردي الأوضاع ، وسوء استخدام السلطة. لا نريد تكرير الماضي من ابتذال المعارضة ، أو استذلال الحكومة أمام الجيران ، أو السمسرة من قبل من يسمون أنفسهم مشايخ . نحن لا ندعوكم إلى طي صفحات الماضي ، ففيها مسؤوليات وقصاص، ولكن ندعوكم إلى حلها حلا عادلا ، ولا إلى طي الخلافات ولكن إلى احترام الاختلاف ، والأفكار حتى إذا لم تؤمن بها ، ومناقشتها وتفنيدها بالدليل والبرهان، وترك التعصب المقيت للرأي ، فالاختلاف المهذب مصدر من مصادر القوة ،وعامل من عوامل التصحيح ،والترشيد ، لو وضع في سياقه ا لحضاري المناسب. نحن ندعوكم إلى أن تتركوا المماحكات السياسية فقد سممت كل مجالات حياتنا - السياسية والاجتماعية والأخلاقية ... الخ إذ قسمتنا إلى أسياد يملكون كل شيء، وعبيد لا يملكون أي شيء. أيها القوم ندعوكم إلى الحوار المسئول . فعليكم يترتب مستقبل اليمن - نسأل الله أن يصلح نياتكم - فبأيديكم تجنيب البلاد المزيد من الأهوال والصراعات، و تفكيك الإضغان السياسية والطائفية والعرقية العمياء التي يعمل على إذكائها من فقد مصالحه ومن لا يعيش إلا على وجود الصراعات والمشاكل ، نجاح الحوار مرهون بالاستعداد للتنازل عن إي شروط لا تخدم اليمن ؛ ولو ظهر لنا أن فيها مصلحة للحزب أو الطائفة ، النجاح مرهون بالتضحية بالامتيازات التي ستعود على الحزب أو الطائفة أو القبيلة ، نجاح الحوار مرهون بنقل التنافس من ساحة الاعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية إلى ساحة العمل التضامني المسؤول لحل المشكلات الأساسية التي يعاني منها الشعب، النجاح مرهون بإثراء القضايا التي توفر الحياة الآمنة والعيش الكريم للجميع . ان ترك جميع المصالح وراء ظهورنا وجعل مصالح البلاد في أولوياتنا من شأنه أن يصل بنا إلى التقدم وحماية الثروات ولجم التدخلات الخارجية ، والتي تفرضها استحقاقات العواصف التي تضرب المنطقة وتشكل خطرا داهما علينا، شعبا ووطنا ،وعندما تكون اليمن هي مربط الفرس في الحوار وذروة سنامه سنتغلب على كثير من المشاكل. ليس هناك فرصة سانحة كما هي عليه الآن ؛ قلوب متعطشة للتغير ، ودعم دولي، وإقليمي، هذا كله يهيئ أجواء رائعة للاتفاق في ما بينكم ، وعلى الحق، لا نريد ان نرى أو نسمع أن هناك من يعمل على تضيق هذه الفرصة يوما بعد آخر من داخل الحوار قبل الخارج ، علينا جميعا أن نقف وقفه جادة في وجه هذا العصف الذي سوف يشظي أواصر المجتمع اليمني، ليس هناك حر ووطني يحب أن يأتي يوم وقد استنفذت فيه إمكانيات تصويب المواقف والتراجع عن الأخطاء، فتدفعون أنتم ويدفع الشعب معكم، ثمنا باهظا لإصرار البعض على نهج الخندقة وإقصاء الأخر ، أو الأنانية وكسب مواقف سياسية أو شهرة ، وكله بحجة العداء لحزب أو تيار معين ، اليمن فوق الجميع يا قوم . والتاريخ لن يرحمكم، يا أصحاب العملية السياسية، إن لم تتفقوا على اليمن فعلى أي شيء سوف تتفقون.. والحق بائن للجميع واليمن آمانة في اعناقكم .