حقق حزب العدالة والتنمية التركي فوزاً مستحقاً في الانتخابات البلدية؛ نزل ذلك برداً وسلاماً على العرب والمسلمين وعلى كل الأحرار في العالم، بينما حلّ الإحباط والألم على العبيد والمستبدين والمتآمرين، الذين بذلوا أقصى ما أمكنهم من المكر لإسقاط الإنجاز التركي الذي يتعملق كل يوم ويتجه بتركيا نحو العلياء بخطوات واثقة محققاً في سنوات معجزة لم يقدر عليها من سبقه خلال ثمانين عاماً. لقد ظل الإنجاز والإبهار محصوراً في دول العالم المتقدم، حتى ظن العرب والمسلمون ودول العالم الثالث أن التخلف والخنوع قدرهم الذي يجب أن يتعايشوا معه، لكن المعادلة بدأت تتغير من خلال ما أنجزته تركيا وإيران والبرازيل وجنوب إفريقيا ودول النمور الأسيوية، التي استطاعت أن تقف على أقدامها، ويأتي الصعود التركي مثالاً لإعلاء شأن الإنسان واحترام حريته وإطلاق إمكاناته كأساس للنهوض؛ لأن الإنسان الخانع المهان لا يمكنه أن يصنع العزة والكرامة لنفسه فضلاً عن قدرته على نشر السعادة لغيره! فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية التركية جاء بعد مؤامرة وكيد محلي وإقليمي ودولي ما زال يعمل جاهداً للقضاء على آمال الشعوب التّوّاقة للحياة الحرة الكريمة، وإبقائها تابعة ذليلة لا تملك قوتها وقرارها، ومن المؤسف أن يبدد العاجزون أموالهم وإمكانات شعوبهم لوأد النجاح الذي عجزوا عن محاكاته، وكان الأولى بهم أن يستفيدوا من التجربة التركية ويمدوا جسور التعاون مع نظامها لينسجوا على منوالها؛ في وقت يتقارب فيه العالم ويتضامن، ويسعى للبناء وليس للتخريب... جاء فوز حزب العدالة والتنمية بقيادة أوردغان اعترافاً من الشعب التركي بما تحقق من إنجازات عظيمة حتى أن أحد القادة الأتراك المنافسين لم يجد ما ينتقده إلا إن يقول بأن أوردغان ينجز مشروعات عملاقة تصنع منه فرعوناً!! الفوز الذي حققه الشعب التركي وأوردغان وحزبه يستحق الوقوف عنده ملياً: فالتواقون للحرية والكرامة عليهم إدراك أن الإعجاب بحد ذاته لا يكفي ولا يفيد، والأمنيات لا تصنع المنجزات، بل يجب دراسة التجربة التركية والعمل على محاكاتها والاستفادة من نجاحاتها وتجنب إخفاقاتها. أما المتآمرون الذين بطل سحرهم وفشل مخططهم فجدير بهم أن يراجعوا أخطاءهم ويعملوا لإصلاح ما أفسدوه، ويحسنوا التعامل مع الشعب التركي وحكامه اليوم، أو على الأقل يكفّوا أيديهم عن العبث والتخريب وما كل مرة تسلم الجرّة!! أما أوردغان وحزب العدالة والتنمية فالتهنئة لكم مستحقة، والدعاء لكم واجب لأنكم تعيدون لأمتكم عزتها وكرامتها المهدورة، غير أن الفوز الذي حققتموه لا يكفي؛ فما تزال التحديات أمامكم كبيرة والمراحل طوال، وحبذا أن تتعاملوا مع من فَجَرَ في خصومته معكم بالتسامح؛ فالكبير يظل كبيراً ولا يقبل أن يقزّم نفسه بالانتقام، والعفو أبلغ في الرد لأنه يأتي عن مقدرة وليس عن عجز، كما أن التركيز على استمرار النجاح والنمو الاقتصادي والصناعي والتقني والتعليمي هو الخدمة الكبرى التي تقدمونها لشعبكم وللأمة العربية والإسلامية، وقد يكون من الحكمة أن لا تتحملوا وحدكم في هذا الظرف مسؤولية رفع الضيم عن الشعوب المظلومة، لأن الواجب متعينٌ أولاً على أبناء كل بلد، وقد كانت سياستكم في تصفير العداوات مع الآخرين إحدى أسباب نجاحكم؛ فلتحرصوا على أن يبقى هذا هو الأصل في علاقاتكم الدولية، وذلك لا يتعارض مع الوقوف مع القضايا العادلة للشعوب والانتصار لحرياتها وحقوقها بالقدر الذي لا يجعل عجلة النهوض عندكم تتوقف عن الدوران. الشكر والثناء لله أولاً، ثم شكراً أوردغان، ولحزب العدالة والتنمية، وشكراً للشعب التركي العظيم؛ لقد أعدتم البسمة والفرحة والأمل إلى مئات الملايين من المسلمين وأحرار العالم.. [email protected]