فاجأ الشعب اليمني الشقيق الجميع ، واثبت ان "الحكمة يمانية" ، فرغم ما تعرض ويتعرض له من تنكيل وتقتيل ، على يد عصابات وبلطجية النظام ، الا انه يصر على التمسك بسلمية الثورة ، وعدم الرد على هذه الاعتداءات الخطيرة ، والاستفزازات التي يتعرض لها ، وادت الى استشهاد اكثر من 52 يمنيا يوم الجمعة الماضي ، جمعة الغضب ، في ميدان التغيير بصنعاء ، واصابة العشرات. من المعروف والمعلوم ، أن الشعب اليمني هو اكثر شعوب الارض تسليحا ، وعشقا للسلاح ، ففي اليمن اكثر من خمسين مليون قطعة سلاح ، ومن كافة الانواع ، اي بمعدل قطعتي سلاح لكل مواطن ، ورغم عسكرة المجتمع اليمني ، والتي تلقي بظلالها على شخصية المواطن اليمني ، وتفسر اندفاعه ، فانه متمسك بشعار الثورة الشعبية (سلمية.. سلمية) وبتقاليدها ، فيدخل ميدان التغيير بصنعاء ، وغيره من الميادين في عدن وتعز والحديدة وحضرموت والمكلا.. وغيرها بدون سلاح ، ويرفض ان يرد على الطرف الاخر ، وهو يمطره بوابل من الرصاص. هذا الاسلوب الحضاري الراقي ، ادى الى انضمام ابناء الشعب اليمني للثورة ، والى تعاطف قطاعات واسعة من القوات المسلحة والامن العام والاحزاب والسفراء والعلماء وطلاب الجامعات واتحاد الكتاب والصحفيين.. الخ ، فاعلنوا انضمامهم الى صفوفها ، بعد ان ايقنوا ان لا بد من رحيل النظام ، بعد ان فقد شرعيته ، ولا بد من تغيير جذري شامل ، على غرار ما حدث في تونس ومصر ، لطي صفحة الاستبداد والقمع والفساد والتخلف ، وتشريع ابواب مرحلة جديدة ، مرحلة الحرية والكرامة والعدالة والمساواة. ان المتابع لتفاصيل ووقائع الثورة الشعبية في اليمن السعيد ، يجد انها تسير على خطى وخطوات الثورتين الشقيقتين المباركتين ، في مصر المعمورة وتونس الخضراء ، وانها حتما ستحقق الانتصار المامول ، ما دامت متمسكة بالنهج السلمي ، وما دامت الجماهير اليمنية ملتفة حولها مصرة على التغيير الشامل الجذري ، ومصرة على التضحية والاستشهاد ، ولن تغادر الميادين والشوارع ، الا وقد خفقت رايات الحرية في اعالي قمم جبال اليمن ، كما تخفق على سهول تونس الخضراء وعلى روابي مصر المحروسة. الثورة الشعبية اليمنية ، اعادت الثقة للامة مجددا ، بان هذه الثورات متواصلة ومستمرة ، وان الشعوب العربية مصممة على التغيير الجذري ، وطي صفحة مرحلة الظلام والاستبداد والتبعية والفساد ، متمسكة بتقاليد الثورتين التونسية والمصرية ، ونهجهما السلمي لتحقيق التغيير الشامل. باختصار.. نامل ان تحقق الثورة اليمنية اهدافها ، وقد أعادت توحيد الشعب الشقيق ، وأسقطت والى الأبد هواحس الانفصاليين ، وان لا تتكرر الماساة الليبية ، وينحاز الجيش اليمني الشقيق الى الشعب ، والى الثورة ، كما انحاز الجيشان المصري والتونسي ، وان يحترم النظام ارادة الشعب ، فهي مصدر الشرعية. * نقلا عن الدستور الاردنية