* " التغيير" خاص: افتقدت اليمن والحركة الوطنية وقوى التحديث باستشهاد جار الله عمر واحداً من رواد وصانعي المستقبل. أما الحزب الاشتراكي فقد أصيب بمقتل لرحيل أمينه العام المساعد إصابة بالغة كون جار الله عمر كان مهندس ودينامو نشاط الاشتراكي في الظروف الصعبة . عزيزي جار الله عمر: تمر علينا ذكراك الثالثة المأساوية وقلوبنا تنفطر ألما وتقطر دماً ليس لفقدانك فحسب كرجل سياسة وحداثة أو لصفتك التنظيمية ، بل افتقدنا التسامح وسجايا حملتها والسمو على صغائر الأمور وتفردك بسمات لم الشمل وقبول الآخر وتشجيع الشباب وصقل مواهبهم وتبنيك للرأي الآخر وفن الاختلاف ورحلت وليس لك خصوم سوى قوى الظلام والإرهاب . كنت سياسيا بارعا تمتلك زمام المبادرة وكنت عظيما في المنعطفات الصعبة كانت قضية الجنوب واجتياحه والحرب المفروضة على أبنائها في صيف 1994م ، هاجساً بل عنواناً ومفتتحا ومدخلا لكل أحاديثك وخطاباتك السياسية وكتاباتك وكانت عدن النموذج المدني لدولة النظام والقانون الذي كنت تستشهد به في مستهل كل خطاباتك . كان الجنوب وتاريخه وجرحه الغائرة تشغل بالك وتسكن ثناياك ، كنت أكثر وفاء لها في محنتها ولم تتنكر لها ويكفيك فخراً وشرفاً بالمساهمة بصياغة مفردات مشروع البرنامج السياسي للحزب الاشتراكي في مؤتمره الرابع ووضع قضية إصلاح مسار الوحدة وإزالة آثار الحرب في أوليات البرنامج . كنا نتمنى بقاءك في قيادة الحزب لتكون موجه لطاقات الشباب وغارسا لمبدأ التسامح والسمو والثبات وفن الاختلاف في نفوسهم ، ولكن عزاءنا بقيمك وتراثك الذي نتمنى الحفاظ عليها قبل أن يجبرونا على تركه . كيف لا ونحن نصنف مناطقيين ونوصم بالتهم الباطلة من رفاقنا نظراً لتمسكنا بأدبيات ووثائق الحزب لا غير .واعتبروا الحديث عن الجنوب جريمة ومن يدافع عن التاريخ والمبادئ ويجهر بالرأي والصراحة والثبات تلحقه تهم الرفاق التي تتوافق ونهج الحاكم . اعذرنا أبا قيس لم نستطع الوفاء لك ولكننا لم نتخلى عنك ونفرط فيك ونذرنا أرواحنا وقلناها صراحة دون خوف بأن دمك لم ولن يذهب هدراً وعملنا بما يمليه ضميرنا ولكن الأمر ليس بأيدينا . وأقولها صراحة وفي ذكراك الثالثة وبعد أن شديت الرحال إن رفاقك الجنوبيين شدوا الرحال أيضا واتجهوا جنوباً وشرقاً بعد أن وجدوا أنفسهم وحيدين في الساحة يدافعوا عن قضية الحزب الرئيسية عن عدن والجنوب والتضحيات . ولكنك كنت عنوانا بارزا في ذاكرتهم يتذكرون عندما أتيت من المنفى إلى الضالع التاريخ ضالع الثورة والدم الزكي لتقود المسيرة الكبرى محمولا على أعناق أعضاء اللجان الشعبية وشباب الاشتراكي تجوب المدينة وملقياً فيها خطبة الوداع خطبة الوفاء للتاريخ ومهد الثورة والتحرر الجنوب الوطن المغدور المسلوب المعجون ترابه بدم الأبطال . عدت بربطة عنق الكبرياء إلى أبناء الشهداء والموقوفين عن العمل والمشردين والمفصولين وضحايا النظام القمعي . عدت إلى ساحة النضال ولم تعد إلى قصر الحكم والحاكم وكنت موفقاً بذلك. كنت عظيماً وسامياً وأستاذا بإدارة فن الخلاف واحتواء الأزمات والحفاظ على الرفاق والكل يتذكر موقفك المسؤول في المؤتمر الرابع للحزب الدورة الثانية إلى جانب رفيقك المناضل البطل حسن باعوم الآتي من سجن المنورة بالمكلا إلى قاعة المؤتمر كنت عظيماً في لم الشمل والحفاظ على الرفاق ووحدتهم كونها وحدة الحزب ومصدر بقائكم وسر قوتكم . لم نقدم لك شيئاً سوى قرار بإجماع المندوبين في مؤتمر الحزب الخامس يقضي بتدويل قضيتك وطرحها على الهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية العربية والعالمية ولكن ليس المحزن رحيلك فحسب بل عد م احترام وثائق الحزب وقراراته . مما أدى بنا إلى الاتجاه جنوباً حاملين أوجاعنا وقضيتنا وكانت ذكراك الثالثة في عدن تدشين لمرحله جديدة والتفاف شعبي وتنظيمي للحفاظ على قضية الحزب الجوهرية . سلام عليك يوم ولدت ويوم رحلت وفي ذكراك الثالثة و يوم انبعاث قضية الجنوب وسلام عليك يوم تبعث حيا .!