في ستينات القرن الماضي كان يقال وعلى سبيل التندر في اروقة وزارات الخارجية العربية, بان الدرجات العسكرية اصبحت رائد فعقيد فسفير!, وكان يقال ان على الانسان ان يبني نفسه بشكل سليم ليصبح دبلوماسيا مرموقا وذلك بان يجتهد في دراسته في الكلية الحربية, كما كان يقال ان المشاغبة السياسية هي اقصر الطرق للحصول على سفارة هادئة للاستجمام, وبأن الفشل في المناصب الحكومية لن يمر بدون عقاب رادع يتمثل في التعيين كسفير في دولة جميلة. هذا كان يحدث في ستينات القرن المنصرم, ايامها كان الوضع في المنطقة العربية عموما لايتسم بالادراك السليم لاهمية مبدأ التخصص ولا ادراك لاهمية الدبلوماسية وضرورة ادارة السياسة الخارجية للدولة من قبل محترفين ابيض شعر رأسهم وهم يخدمون في الجهاز الدبلوماسي لبلادهم, كان يحدث لاسباب كثيرة منها التخلص من شخصيات تمثل ضغوطات معينة, او للمجاملات والمحسوبية , او بسبب ان شخصا ما يشكل خطورة, او لمجرد عدم الثقة " الغير مبررة" في الموظفين الذي جهزوا لما يفوق العشرين عاما لشغل هذا الموقع الهام والمميز اما في وقتنا هذا..في وقت التخلص من العقليات التي لم تكن تقدر اهمية الدبلوماسية, في وقت الاصرار الكبير على اقامة دولة النظام والقانون, في وقت مخرجات الحوار التي توصي بل وتستحلفنا بالله بان نتصرف بشكل سليم في ميادين عديدة ومنها الميدان الدبلوماسي, في عصر اكد فيه فخامة رئيس الجمهورية في اكثر من مناسبة بانه لا مجال الا لبدء احترام القوانين وبناء الدولة الحديثة, تلك الدولة التي يفترض ان يكون الاقتصادي فيها اقتصادي, والطبيب طبيب, وقائد اللواء قائدا للواء, والسفير سفير. تشهد اليمن اليوم وضعا استثنائيا بفراغ اغلب سفارتها في العالم من السفراء , وهو وضع فرضته اسباب في السنوات الماضية, الا انه ومهما كانت الاسباب لا يمكن وصفه بوضع سليم او ايجابي, فالتمثيل الدبلوماسي على درجة سفير هام جدا من حيث قدرة السفير على التواصل مع مستويات عالية في الدولة المستظيفة واعطاء ثقل اكبر لدور وتواصل السفارة, كما ان خلو السفارات من سفير خصوصا في الدول الهامة مؤشر سلبي ورسالة " بالتأكيد غير مقصودة" بعدم ايلاء الاهتمام الكافي للعلاقات, وهو وضع في المجمل يتسبب في تباطوء الحركة الدبلوماسية وينعكس على اداء السياسة الخارجية, على انه من الواجب الاشارة الى الدور الرائع الذي لعبه الصف الثاني من قيادات الدبلوماسية اليمنية للثلاث السنوات الماضية في شغل دور القائم بالاعمال بشكل مهني محترف ومشرف استطاعوا من خلاله تخفيف الاثار السلبية بل وتحقيق مكاسب في بعض الملفات. يجب ان يحدونا الامل والثقة في القيادة السياسية في البلد في ان يتم تنفيذ القانون الذي ينص على ان السفراء يجب ان يكونوا من كادر وزارة الخارجية باستثناء نسبة 10% تمنح قانونيا لرئيس الجمهورية للتعين في هذه المناصب من خارج وزارة الخارجية, وهي نسبة مهمه وتسمح بوجود شخصيات مميزة من خارج وزارة الخارجية, وهناك بالفعل من مثلوا بلادهم بشكل رائع وممتاز وخدموا الدبلوماسية اليمنية بصورة كبيرة من خارج وزارة الخارجية. ويأتي الحرص على هذه الخطوة من منطلق الحرص على ان تفعل القوانين في بلادنا وعلى ان يكون للاختصاص دوره الذي يتم احترامه في اي ادارة تسعى ان تكون حديثة ومؤثرة, ومن الحرص على سياسة خارجية فعالة يديرها اشخاص مؤهلين يدركون ماهو مطلوب منهم وقضوا سنوات طويلة جدا من التأهيل والتدريب لشغل هذه المناصب الحرص يأتي من منطلق اننا نريد سفراء في سفارات تمثل وتخدم اليمن, لا ان نعود الى وضع سابق مثل فيه منصب السفير فترة استراحة واستجمام تمنح لاسباب لا علاقة لها بالعمل المهني والتخصص. نثق في ان الفترة القادمة ستكون لسفارات اجل اليمن, وسفراء من اجل اليمن [email protected]