ليس صحيحا كما يصور البعض او يحاول من باب المكابرة والعناد تحميل ايران كل تبعات وويلات ومصائب العرب وتخاذلهم وفشل الذريع في شتى مجالات الحياة، كما انه من العيب ان يلقي المرء على الاخرين تبعات فشله، خاصة عندما يكون الامر متعلق بمصير امة يبلغ تعدادها السكاني قرابة 3 ملايين نسمة وتمتلك من المقومات الاقتصادية المتنوعة عشرات اضعاف ما تمتلكه ايران الاسلامية. لنكن واقعيين ومنطقيين ونبتعد عن التعصب العرقي والمذهبي وكل اشكال التعصب الاخرى، التي لن تحل مشكلة العرب او تنتشلهم من حالة التشرذم والتقزم والصراعات الداخلية المؤلمة، وانما ستقضي على مستقبل الاجيال العربية القادمة، او ربما ستعيد العرب الى ما قبل عصر الصناعة كما توعد وهدد جميس بيكر العراق ابان اجتياحه للكويت عام 1990م. العرب وللاسف الشديد هم اعداء انفسهم بالدرجة الاساس، والشواهد التاريخية تثبت صحة هذا الطرح، ولنلقي نظرة سريعة على تاريخ العرب الحديث ونرى اين الخلل واين تكمن المشكلة والمعضلة بدلا من الهروب من الواقع العربي المخزي الى اختلاق ذرائع ومبررات ضد الاخرين، نحملهم تبعات مصائبنا وكوارثنا التي هي من صنع انفسنا ومن سوء اعمالنا ولا علاقة لايران بما وصلنا اليه من حالة خزي وعار وشنار وانحطاط لا نظير له في العالم. العرب كما تثبت وقائع تاريخهم الحديث كونوا 22 دولة عربية، البعض منها لا تصلح ان تكون محافظة سواء من حيث المساحة او من حيث السكان، وبدلا من ان تتعاون هذه الدويلات العربية فيما بينها وتتكتل مع بعضها لتصنع متطلبات امنها واقتصادها كما فعلت الامم الاوربية او الولاياتالمتحدةالامريكية او كما تفعل الكائنات البشرية الاخرى كالفيلة والحمر الوحشية والثيران في الغابات، كما نشاهدها في شاشات التلفاز وهي تتكتل مع بعضها كل حسب جنسه في تجمعات حيوانية تقوم على التعاون والتلاحم العجيب. قرأت احد المرات للدكتور عبد العزيز المقالح مقالا يتحدث فيه ساخرا من حالة البوؤس العربي والانحطاط والذل والهوان نتيجة العداوات والصراعات والخلافات العربية، التي لا تنتهي الا بمعجزة سماوية تفوق كل المعجزات التي قرأنا عنها في الاديان والكتب السماوية، حيث يقول الدكتور المقالح، انه لم يقرأ او يشاهد في حياته قط ان ذئبا اكل ذئبا اخر، او ان اسدا متوحشا افترس اسدا اخر، وتسائل الدكتور المقالح، لماذا يا ترى العرب هم الوحيدون الذين يقتلون بعضهم البعض ويفترس بعضهم البعض الاخر؟ سيقول بعض الكتاب المهرجون ان السبب في ذلك ايران. اشعر من خلال هذه الكتابات والطروحات التي تحمل ايران تبعات فشل العرب في ان يكونوا امة موحدة محترمة لها وزنها بين الامم والشعوب، ان ثمة لؤم يكتنف تلك الكتابات والطروحات، كونها لا تنطلق من الحرص على العرب او الاهتمام بمستقبل العرب او ايجاد حلول حقيقة لخروج العرب من مستنقع الحروب الاهلية المستعرة في اكثر من دولة عربية، بقدر ما تنطلق من الحرص على تأجيج الصراع الطائفي بين العرب انفسهم شيعة وسنة، والسعي الى شحن النفوس بالكراهية والعداء لديمومة الحرب الاهلية القائمة من اجل ان تستمر وان لا تنتهي الان او في المستقبل القريب. ان هذا النوع من الكتبة ومن حملة الاقلام الخفيفة كما يبدو، يقومون بمهمة اوكلت اليهم، وهي تكريس فكرة الصراع العربي الايراني وتهيئة الرأي العام العربي لقبول فكرة ان ايران عدوهم الحقيقي او ان عدوهم الوحيد في هذا العالم هو ايران ولا شيء غير ايران، وهذه الطروحات لعمري انها السم المغطى بالعسل كما يقال، لان اكبر جرم يحدث في عالم اليوم هو ما نسميه غزو العقول، كون خطورته تكمن في تسطيح العقل وتبلده، من خلال ابعاده عن الواقع وايقاعه في الوهم لتبقى المشكلة كما هي وتستمر المعركة الخاسرة تطحن العرب وتمزقهم شر ممزق ليبقى العرب يدورون في حلقة مفرغة مثل الجمل الذي يغطى رأسه ويستمر في الدوران حول المعصرة بينما يظن نفسه يسير في خط مستقيم. والخلاصة ان ايران برئية مما حل بالعرب وليس لايران ذنب في ان العرب انحدروا الى مستنقع الحروب الاهلية الداخلية، وانما العرب هم سبب ما يحدث لهم، لانه باختصار من صنع ايديهم، فهم من اختلفوا فيما بينهم وهم من سعى الى زرع الخصومات في مجتمعاتهم وهم من اجج النزعات المذهبية والعرقية والقطرية فيما بينهم وهم من افسدوا حياتهم بانفسهم وهم ظلموا شعوبهم واهانوها واذلوها وسعوا في خرابها وتدميرها وانحطاطها، ويكفي خرافات الخطر الايراني، والوهم بجدلية الصراع العداء الايراني، لان ايران دولة اسلامية جارة ومن المفترض ان تربطنا بها علاقات اخوية متينة تفرضها مبررات منطقية وعقلانية كثيرة اهمها الجيرة الحسنة والرابطة التي لاتنتهي وهي رابطة الدين الواحد، الرابطة الاسلامية المتينة، فديننا واحد وربنا واحد ونبينا واحد وقبلتنا واحدة وكتابنا واحد وينبغي ان يكون العرب والايرانيين جسد واحد تحركة روح واحدة، وكفى تهريج وخرافات وخيالات واوهام يا كتاب الزيف وصناع الضلال.