لا نكاد نصدّق إن هذه المناظر المروّعة التي تقشعر منها الأبدان وإن تلك الجرائم الإرهابية المروّعة تحدث في بلدنا الحبيب اليمن السعيد الذي يتباهى أبناؤه بأنهم أهل إيمان وحكمة، وإنهم أرقّ الناس قلوباً وألينهم أفئدة كما وصفهم رسول الرحمة ومنقذ البشرية ومخلّصها من الشرور، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله؟. وكيف لنا أن نصدّق إن رجلاً مسلماً يؤمن بالله ورسوله ويقرأ القرآن على هذا القدر من الوحشية والإجرام الذي يجعله يستحل لنفسه قتل النفس التي حرّمها الله بغير وجه حق واستباحة حرمات بيوت الله التي أمر أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه بالغدو والآصال. فالمسلم الحق العارف بالله وتعاليم دينه الإسلامي الحنيف يعرف عظمة حرمة دم الإنسان عند الله سبحانه، ولا يمكنه حتى مجرد التفكير بهذه الوحشية من ذبح للمسلمين وتفجير المصلين داخل المساجد.. وكلّنا يتذكّر أن اسرائيل عندما قرّرت اغتيال الشيخ أحمد ياسين انتظرته حتى خرج من المسجد، فما بالنا بمن يدّعون أنهم مسلمون..؟! فكم هو مؤلم ما نراه اليوم في وطننا وهذه الدماء التي تُسفك في أكثر من مكان.. فهل يُعقل أن يتحوّل الإخوة إلى أعداء يقتل بعضهم بعضاً، ويتنافسون في سفك دمائهم وتقطيع أوصال وطنهم؟. ولا نكاد نصدّق أن الخلاف السياسي تحول إلى صراع دامٍ، ومن خلاف حزبي للسيطرة على السلطة إلى صراع مناطقي وطائفي ومذهبي وتمزيق النسيج الاجتماعي لليمنيين وتقسيم وطنهم على أسس مناطقية وطائفية. فهل هذا هو المشروع الحضاري والمدني الذي أنتجته لنا الأحزاب السياسية المتحاورة في غرف الفنادق والمتقاتلة في شوارع المدن؟. نحن ندرك جيداً إن هناك مؤامرة كبرى تُشارك فيها جهات عديدة تستهدف اليمن ووحدته وأمنه واستقراره، وندرك أيضاً أن هذه الآفة المسماة بالإرهاب الذي تم زرعه في بلادنا هي جزء أساسي في تنفيذ هذه المؤامرة. ولكم يحز في نفوسنا أن نكون نحن اليمنيين أدوات هذه المؤامرة، وبأيدينا نذبح أنفسنا ونقطّع أوصال وطننا.. وبدلاً من الاصطفاف في خندق الوطن ونثبت أننا أهل إيمان وحكمة ولن نكون بيادق تحرّكها أصابع اللاعبين الدوليين والإقليميين ترانا نصطف خلف أحزابنا ومناطقنا ونتخلّى عن وطننا ليقع فريسة بيد الإرهابيين، فأين هي الحكمة يا أهل الحكمة من هذا الجنون المتصاعد الذي يهدّد مستقبل شعب ووطن؟! "الجمهورية"