تصعد امي الدرجات صباحافي طريقها الى سطح المنزل وهي تئن تحمل بكلتي يديها وعاء قد ملأته ببقايا الطعام وفتات الخبز الجاف الذي بللته بالماء غير أبهة لمنادات حفيداتها لها بالعودة كي لاتصيبها شظية من ضمن الشظايا التي تتطاير نتيجة التفجيرات قد مر يومان دون ان تطعم امي الحمام لكنها استطاعت ان تجمع لهن كمية لابأس بها من الخبز الجاف ربما يكفيهن لايام قادمة هكذا كانت تفكر حين احتضنتها حفيدتها من الخلف وكأنها ستحملها لتعيدها للأسفل . نزعت نفسها من ذراعي حفيدتها التي نحاول جرها للاسفل بغضب ,تقول لنفسها مابالها هذه الصغيرة تقوم باحتضاني وهي تعلم انني احمل ثقل الوعاء وبالكاد اصعد الدرجات بالم ركبتي الدائم بدلا ان تعينني تثقل علي بجسمها صرخت بغضب: وخري ياهذه لكن الصغيرة اخذت تجر جدتها الى اسفل صارخة انزلو ضرب يا"أمامة "ضرب استطاعت بقوة ان تفلت نفسها من حصار حفيدتها مواصلة صعودها لإطعام الحمام لكن حفيدتها لحقت بها وفي هذه المرة قامت بحمل الوعاء من بين يديها وبحركات مسرحية شرحت لجدتها ان هناك انفجارات تدوي استدارت أمي باستكانة عائدة من حيث اتت قائلة: يوه تفجيرات مكانهم يفجروا ليش ماسمعت ؟الله لارحمهم ولا رضي. امي تعاني من تناقص سمعها لذا لاتعلم ان الانفجارات تدوي من حولها وان الحروب تلغي عاطفتها تجاه الحمائم التي تتجمع حولها حين تقدم اليها بفتات الخبز الحمائم لاتحلق في الحروب يا امي ,تطير بعيدا حيث السلام!
"فساتيني" اعلق بعض فساتيني في الدولاب الكبير في بيتنا في "صنعاء"لكني أضع الدروع وملابس البيت في الشنط التي أضعها تحت سرير امي او فوق الدواليب الموزعة اترك حذائي الرياضي الذي أرتديه في جولتي الصباحية المبكرة في شوارع صنعاء وأزقتها في مدخل البيت ربما لأقنع نفسي انني قادمة لزيارة أمي في موسم قادم , وانني سأتجول به في صنعاء في الصباح المبكر ومازالت شوارعهامقفرة, احب عبيرها الصباحي قبل ان تتحرك المركبات وتعكر كل شي. اكون بمفردي وفرادى من الكلاب الضالة الجريح بعضها والتي تحاول ان تجد لها بقايا من قوت في أكوام الزبالة المتناثرة ,تتراكض القطط دائما هربا من الكلاب حين تقدم الى اكوام الزبالة التي تحتل مساحات في وسط الحارات. المرة الاولى حين عدت وجدت امي قد أخفت حذائي لم يا امي؟ قالت انها خافت عليه ان تاخذه العاملة الافريقية التي تأتي لمساعدتهم ضحكت من قلبي واحتضنت امي لم يكن في الحذاء مايطمع بالسرقة ولكنه احساس الام ورغبتها في صون طفلها باشياءه ورموزه, شعرت هذا باحساس الامومة بداخلي وكيف احتفظ باشياء تافهة لصغاري الذين كبروا لكنهم وأشيائهم يظلون صغاري. انفجار هائل يدوي ويطير بفساتيني الوردي المذهب والأخضر الحرير والتركواز الذي ارتديته في حفلة عقد ابني و....... لم استطع ملاحقة فساتيني او الامساك بأحدها.... لكني امسكت بطرف الكتاب الذي كنت أقرأه لأفيق من غفوتي لأجد انني هنا في شقتي جنوب الشمال الإسكندنافي لقد أشرعت باب البلكونة وشباك غرفة النوم للهواء لكن الريح العاتية في ربيع الشمال أقفلت باب الغرفة بدوي هائل. مصير فساتيني لا اعلمه! آمل انها مازالت بخير. لم يقل لي احد ان الغارات قد أحرقتها ربنا اخفوا ذلك كعادتهم في اخفاء المروعات عني ,والتي يحكونها لاحقا لتكون اخف وقعا أتوق للعودة وارتداء فساتيني في المناسبات التي تحدث في الصيف وكذا حذائي الرياضي القديم وان أتجول في شوارع صنعاء قد لايكون تجوالي هذه المرة لأستطلاع الحالة الاجتماعية للناس بإحصاء من ينامون في الشوارع اوللحزن على الكلاب الشاردة ولكن لقياس حجم الخرائب المكملة للصورالمؤلمة والتي ستصاحب رحلة عمري القادمة. يوم كهذا سياتي لابد !فالحزن ينتظر لكنه لايغيب..