في نهاية الحلقة الثالثة دبوان في مكتب هند يتندران على حالة سعدان بعد سماعه رئيس الجمهورية وهو يتوعد مدير مكتبها عبدالرب بالويل والثبور فقد تعمدت هند فتح سماعة التلفون في مكتبها وهي تتحادث مع رئيس الجمهورية (الافندم) وفي الواقع لم يكن رئيس الجمهورية هو الذي يتحدث ولكن الذي كان يتحدث هو دبوان مقلداً صوت رئيس الجمهورية بدقه متناهية كما ظهر ذلك في نهاية الحلقة السابقة . الحلقة (4) الشغف بالظهور " غداً" دبوان مخاطباً هنداً... " في الساعة الحادية عشر قبل الظهر ، سيحضر الى مكتبك ابرز مقدم في تلفزيون " الوطن " وتعرفينه سليط اللسان والاذكى أسلوبا في ادارة النقاش السياسي ولذلك كسب لقبه "درويش الوطن"– كوني مستعده له بواحده من خطاباتك المثيرة حول المنجزات التي حققتها وزارتك المستحدثة التي لم يتجاوز عمرها الثمان سنوات وهنا توقف دبوان ليبلل ريقه برشفه من الماء وهو يعرف ان لا شئ قد حققته هذه المرأة خلال السنتين التي تولت فيها قيادة الوزارة واسترسل ....ولا تنسى "تخضبي" الوزير السابق .... لفقي عليه بذكائك المعهود أية " حكاية " من حقك الحكاوي المشهورة ...فالناس تستهويها "الحكاوي !" هند تتنطط على الكرسي مثل الطفلة فرحانه بهذا الخبر الذي زفه أليها دبوان ومع ذلك لم يمنعها هذا الفرح من السؤال..... " ولكن قول لي ..... بكم وعدته "؟! دبوان : بثلاثمئة – البرنامج ساعة كاملة يعني طويل طبعا غير العشرة الف للمصور والخمسة للمرافق هند: " واااا على كيف ؟" دبوان :لا تقلقي ... كالعادة ، معه النصف ومعانا الباقي وسيوقع على كامل المبلغ "وسنقتسم انا وأنتي حق المصور والمرافق "! قفزت هند من الكرسي وشدت رأسه الصغير بيديها الواسعتين وطبعت على جبينه قبله قويه تقزز منها دبوان ومسحها بالمنديل مبرراً أنه يمسح "أحمر الشفاه – الحاموره " فأدركتها هند ولكنها "بلعتها" وقالت .... " ولا با أسلم ريالاً واحداً ---" " طيب أنا با اتحمل العشرة وأنتي الخمسة حق المرافق " قالها دبوان معاتباً ومتعجباً من بخل هذه المرأة"! هند رافضه "فلتتحملها الوزارة – هذا عمل أعلامي لصالح الوزارة .. لماذا ندفع من جيوبنا على عمل تستفيد منه الوزارة – الدعاية ليست لي ولكن للوزارة ؛التعب لي والفائدة "للقيوم" .. مش هكذا يقول المثل الشعبي يا ماجد ؟! اشتي حقي المئة الف من دون نقص "- وخبطت الطاولة وسقط كأس الماء فوق ثياب دبوان الذي قام للتو ينشف بنطلونه من الماء ... قائلاً ؛ " والضرائب ؟!" "مالها الضرائب؟ تغور في ستين داهية ؛ على كل مبلغ صغير وكبير تقف لنا الضرائب . سأكتب في الأمر كلمة " صافي" لا تقلق يا دبوان ." " وهذه مخالفة جسيمة لقانون الضرائب " علق دبوان مبتسماً !! " هذا شغلك يا مخرج البدائع مع سعدان " وبذلك أنهت هند لقاءها مع دبوان الذي صافحها وانصرف . هند شغوفة بالظهور وهي تقتنص الفرص لتظهر في اية صحيفة للإدلاء بأي خبر ولو كان تافهاً الأهم في الامر أن تظهر صورتها في الصحيفة ولو في صفحة الوفيات ؛ وأما على شاشة التلفزيون فهذا أفضل ما تتمناه وان كانت الصور عابره ، فهي تترقب صاحب الكاميرا و تنظر الى عينية مباشرة ( مع البهرره )عندما يتحرك حتى يقترب اليها ( في الجلسات الاسبوعية للحكومة )فتنتصب وترفع مقدمة وجهها سنتمتراً او اثنين أعلى من مؤخرة رأسها وتبرز عينيها وتبتسم من دون سبب وهي تجيد الابتسامات الكاذبة . هذا الشغف بالظهور لازمها منذ طفولتها المبكرة ، وما لجوءها الى الشقاوة الذكورية وشدة اذيتها للناس من حولها الا لجذب الانظار اليها . هند كطفلة لم تكن تملك اية موهبة ولا تملك الشكل الوديع للطفلة البريئة المحببة للنفوس لذلك لم يكن احد ينتبه اليها . في المدرسة ، كان خطها ولايزال رديئاً وكانت تخسر دائماً كامل العشر علامات المخصصة للخط الحسن وكانت تحاول تقليد زينب ابنه عمتها وزميلتها في الفصل التي كانت متفوقة في الرسم ولكن دون جدوى ولذلك ، كانت تغتنم ايه فرصهسانحة لتضربها ؛ اما صوتها فكانت فيه خشونة اقرب الى صوت الفتيان لذلك كانت تقُصى من الاشتراك في فرقه الانشاد للبنات رغم انها كانت حفاظة ممتازة للأناشيد كما هي الان حفاظة للخطابات المكرسة للشتائم والملاعنات والخصومات وتُعرف بين أوساط الموظفين ب "الأسطوانة "،من فرط تكرار هذه الملاسناتبمناسبة أو بغير مناسبة . ابوها ، الحاج مبارك باشبيل كان رجلاً فاضلاً ودوداً وكريماً يحبه سكان الحي ويستأنسون بقربهم منه فقد كان ميسور الحال يملك مطعماً ومبنى صغيراً بجواره فيه عدد من الغرف يؤجرها للنزلاء من المسافرين والسواح وكان أحد أسباب وفاته شقاوة هند التي أتعبته فلم يكن لديه هم في أخر سنوات عمره الا ملاحقه هند من حاره الى حاره ومن زغطوط الى زغطوط ومن سوق الى سوق . ولم يظفر الحاج مبارك بأولاد فقد خلف سبع بنات أصغرهن كانت هند وهي الوحيدة من زوجته الثالثة المسلمانيه ( كانت يهودية فأسلمت ) وكانت الاخيرة فبعدها قرر ان تكون هند هي أخر خلفته وأمها شمعه أخر زوجاته فقد ياس المسكين من انجاب ذكور وكان يندب حظة ...... ويقول في السر والعلن ..." لو انجبت ولداً واحداً فقط لتركت له أمرها فسيكون معيناً لي في ملاحقة أخته هند وربما لن تكون بهذه الدرجة العالية من الشقاوه اذا كان معها أخ كبير ولو غير شقيق "!