نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحيى علاو.. ويسبحُ الناس بحمد خالق رجلٍ عظيم ( ملف )
نشر في التغيير يوم 02 - 08 - 2010

انتشر الخبر كالنار في الهشيم، كدوي الانفجار، هز مساء الوطن، كانت قدماي حينذاك تتراخيان – كأني واقع تحت تأثير خدرٍ ما، رويداً. رويداً وليت وجهي صباح 15/6/2010م باتجاه مركز الخبر، وقفت هناك مذهولاً ولكي أتحقق من خبر، أكان حلما أو ناتجاً عن تعاطيَّ بالخطأ أقراص هلوسة.
أمام مكتبة أمين العليمي- في الدمنة، انتصبت كعمود ، فدفعتني كتل بشرية متراً ، فالتصقت عيناي بطاولة خبر الكتروني أقترف نشر تفاصيل "الزلزال" فيما أنا لازلت غير مصدق أخبار "النت"، كففت النظر ببطء ،حاولت مغادرة موقع "التجمهر ، فصدني جمهورٌ كان قد دفعني في البداية إلى مربع العليمي، ليمنحوني وجبة الصحو، التطمتُ عقبها بفاجعة حقيقة وقع "الكارثة".وآمنت أن الموت حق وأن عليّ أن أرصد أحزان بلدة فقدت عبقرياً ينتمي إلى ثراها.
بدت المدينة تقص أحزانها كغيرها من مئات المدن اليمنية ولاتزال، ففشلت في رصد وتحمل أهوالها ، فآلاف الصور التي علقت على المحلات والمنازل والمركبات ليست كفيلة بإعادة روح "يحيى" وهو من أحيا وطناً ..وآمن أن الأوطان فانية والناس جميعاً ..وحتى الشجر والحجر ،ولن يبق إلا الخالق سبحانه- وحده لاشريك له .
يا لعذوبة الاسم .. ووجع الرحيل!!
قبل 48 عاماً أنجبت أمٌ كريمة، طفلاً ،فنما الطفل وترعرع، وبدأ يتشكل حلمه ، وفيما أصبح يعانق أولى سنوات الشباب، وجد نفسه مشغولاً برسم المستقبل القادم وما إن تجاوز الطفل أسوار بلدته )دمنة خدير) بمحافظة تعز برفقة أبيه -باتجاه مديرية بيت الفقيه ومن ثم إلى عروس البحر الأحمر (الحديدة) ، اتضحت الرؤية تماماً للشاب اليافع، ذي ال14 ربيعاً وقرر العزم أن يعقد اتفاق ابداع مع ذاته، ومع مرور السنوات استطاع الشاب اليافع الاستفادة من رعاية الأسرة له وعامل "المدينة الكبيرة) "الحديدة) أن يقطع شوطاً في مسار المستقبل بالتحاقه بالمدرسة التي بدورها ارتقت به إلى مصاف الوعي وأهلته كي يكون عنصراً مهماً لمستقبل يأمله ويرفل على أنغام سيمفونيته، وما إن وعى الطالب مواصلة بقية مسار خط الرحلة إلى عالم الطموح ، حتى بدأت الحياة تبتسم له قطع عهداً أن يسخر نفسه خدمة للمجتمع والإنسانية.
(يحيى بن علي علاو) إنه قصة كبيرة وعظيمة بدأت من مديرية دمنة خدير .في هذا الملف المغاير والمختلف السياق، نعتقد أننا قد ظفرنا بنشر تفاصيل عن حياته والتي أوجزها أناسٌ من أبناء عشيرته، مع كثير من الأمنيات والذكريات، ولا نزعم أننا قد أكملنا مايجب أن يسرد من كامل ذكريات عن هذا "العظيم"، ومن السُخف أن نزعم أيضاَ أننا قد أنصفناه، فكيف لنا أن ننصفه بظرف زيارة أو عدد من السطور، مع التأكيد: لسنا راضين عما سطرنا ، ونؤمن أن الرجل ومحبيه سيغفرون لنا، إذا ماكان هناك من إخفاق فيما ورد في هذا الملف المتواضع والذي قام بإعداده الزميل محمد الصهباني وننشره بالتعاون مع موقع "التغييرنت" في ذكرى أربعينية عبقري وعظيم والتي صادفت يوم السبت قبل الماضي ،.. يا لعذوبة الاسم ..ووجع الرحيل..إنه الوجع الذي أصاب جسد اليمن ..وجع يشبهه وجع .. يالهول "كارثتنا"
أمة في رجل..
عنوان كبير لاشك أنه يترجم بجلاء مكانة الراحل (يحيي) ، كان لبداية حديث (الشيخ عبد الله قائد البرطي) ، والذي أجمل بدوره ذكرياته مع الراحل "يحيى" والتي بدأت في ثمانينيات القرن الماضي. يتحدث البرطي.. أنه وأثناء ماكان والده المرحوم يرقد في مستشفى العلفي بالحديدة، كان يستغل الفرص لزيارة والد "يحيى" ، والذي وبحكم العلاقة المتميزة بين والد البرطي وعلاو ،ظل يتردد على منزل الأخير والذي يقع بالقرب من الساحل والذي يبعده بعدة أمتار كونه المنزل الوحيد والقريب جداً والمتواضع حد قوله ،مضيفاً:" كُنا عادة مانجتمع بالوالد المرحوم الحاج "علي" مع أولاده ،عبد الحميد ورضوان وعبد الباري وعبد الله ، وعلى رأسهم طيب الذكر "يحيى" وغيرهم، ونظل نتبادل أطراف الحديث والذي كان يغلب عليه الطابع الديني أو الشعر، سيما وأن المرحوم "علي علاو" معروفٌ عنه كرجل دين وملتزم ومتدين، حيث كان يعاملنا كأصدقائه..بل كأننا من أبناء جيله رغم أن أعمارنا متقاربة مع أعمار أولاده، وعلى هذا الأساس كان يتعامل مع أولاده كأنهم أصدقاؤه .. لم أشاهد والحديث لعبد الله قائد البرطي ( الحاج علاو) يتعامل معهم بلهجة الأب الذي يأمر ويغضب..بل كان يعاملهم ببساطة وبجدية ،أولاده بدورهم يبادلونه الحب والإجلال، ورغم تولي "الحاج علي" عدة مناصب رسمية، منها مديراً عاماً لواجبات الحديدة وأيضاً مديراً عاماً لضرائب الحديدة، بالإضافة إلى توليه مناصب أخرى إلا أن الدنيا كانت عنده مجرد ضيف عابر، لم يحاول أن يكوِّن ثروة لأولاده بامتلاك العقارات أو يحسب حساباً لمستقبلهم، على عكس ذلك كان جُل اهتمامه منكباً على تربيتهم التربية الصحيحة ، وكان يعتبر التحاقهم بالعملية التعليمية عاملاً كبيراً يستطيعون الحصول على درجات عليا بهدف الاعتماد على المستقبل وبناء أنفسهم بأنفسهم ، وفعلاً تحقق حلم الأب ، كبروا الأولاد والتحقوا بالجامعات وشقوا طريقهم في الحياة ، ووصلوا إلى ماوصلوا إليه حالياً، وطال العمر حتى تحققت جهود "الحاج علي" والتي أثمرت بإعداده لأسرة كريمة ،عايش وحصد تلك الجهود العظيمة خلال سنوات عمره إلى أن وافاه الأجل في تسعينيات القرن الماضي، مات قرير العين وهو مطمئنٌ لمستقبل الأسرة، وكان هذا مكمن النجاح وسر إعداد الأستاذ الكبير يحيى علي علاو – رحمه الله، الذي سلك نفس الطريق بالالتزام بالسلوك الأخلاقي، تجلى ذلك في تعامله مع أشقائه وأولاده كرجل متواضع دمث الأخلاق ( كأنه نسخة مصغرة) من والده المرحوم".
ويؤكد البرطي أنه لم يشاهد في حياته الفقيد غاضباً مهما كان حجم المشكلة" كان رجلاً متواضعاً مبتسماً على الدوام وهذه أبرز ميزة له ،وقد استطاع خلال فترات تقديمه لبرنامج"فرسان الميدان ،وبرامج أخرى أن يزرع الابتسامة وإدخال السعادة إلى قلوب الناس والمشاهدين بشكل عام ، وببديهة وبراعة وإبداع استطاع أيضاً أن يفرض نفسه مبدعاً كبيراً..وإنساناً بكل ما تعنيه الكلمة، حيث ظل يواسي المحتاجين و يبحث عنهم أينما كانوا..في السهول والجبال ، في الأودية في البحار، في الصحاري ، في مواقع الشرف والبطولة في الجامعات ، في المعاهد ،في المدارس ،في الأماكن العامة ،في الشوارع والأسواق الشعبية منها والعامة، في أوساط الجاليات العربية والأماكن السياحية، في كل مرفق وكل زقاق وخلف ستار "العوز" ، تلك الأماكن المختلفة ليست إلا القليل إذا ماتحدثنا عن مجملها فسنحتاج إلى وقفة طويلة..طويلة ، باختصار فإن مناقب الفقيد "يحيى" لاتحصى ولاتُعد، وهي بالطبع ليست بخافية على أحد.. مهما أفرغنا من الكلام وأسلنا حبر المداد على الأوراق فلن نستطيع أو بمعنى أصح لن نجرؤ على القول: إننا قد أوفيناه حقه.
وأبدى البرطي في ختام حديثه استياءه الكبير من قبل بعض الأحزاب الذين قال إنهم يحاولون أن يوهموا أنفسهم والمجتمع أن الراحل كان أحد كوادرهم، وهذا منافٍ للحقيقة ،مستطرداً " الرجل كان مثقفاً هذا صحيح ، متديناً، نعم، هكذا أراد له المرحوم، ومات وحزبه ( اليمن أولاً وأخيراَ). رغم أنه كان عضواً في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام حتى انعقاد دورته الأخيرة".
حضور في صخر صم
عبد السلام الهبوب " ظل يتميز بواجبه الأخلاقي، وكان ولن أقول بين قوسين (يحاول) بل استطاع أن يفرض نفسه طواعية في قلوب الملايين من المشاهدين وكل من حوله ،فهو يحفر في صخر صم.. ولازلت أتذكر يحيى في صباه إبان فترة نشأة التعليم النظامي في خدير، شكله المختلف ولهجته المختلفة، ورغم صغر سنه إلا أنه كان يبدو "زيناً" دائماً - على عكس الآخرين ، وكان يتكلم نفس اللهجة التي نتكلم بها ولكن بلكنة "تهامية" إن جاز التعبير، أجزم أن يحيى لوكان قدر له أن يستمر في خدير لما رأينا هذا الفارس بعد ذلك..
على كل حال من لايعرف يحيى ووالده يكون ناقص المعرفة، لأن كنز يحيى المعرفي ماهو إلا بذرة والده،ذلك الموسوعة الفقهية التي طمرتها (خدير) كما طمرت كثيرين من أفذاذها، وقد أصبحت اليوم مقبرة الجبناء ومزرعة المشايخ حد تعبير الهبوب".
أما حمود محمد حمود البشيري والذي أغلق يومها صيدليته في سوق الدمنة، فقد طالب من الدولة إطلاق اسم الفقيد على شوارعها وكلياتها ، تخليداً للفقيد وذلك من خلال إبراز إنجازاته الإعلامية، لما من شأنه استفادة الأجيال وخاصة طلاب الإعلام .مطالب البشيري توافقت مع مطالب الأخ علي مدهش الذي أتى سيراً على الأقدام من قريته "ظفار" ، غير مصدق بموت علاو، قال مدهش: تباً لمن خذلوا يحيى علاو، ومضى يترحم عليه مقهوراً.
يكفي أنه من خدير
أما الشيخ منصور شطيفة، فيسترجع هو الآخر الذكريات، إذ ما يزال محتفظاً بتفاصيلها منذ أكثر من عقدين مضيا، يقول شطيفة "ذات يوم فشلت في العثور على وسيلة مواصلات تقلني إلى المنزل الذي يبعد عن المدينة بعشرة كيلومترات تقريباً، فكان من يحيى إلا أن أصر أن يوصلني بسيارته رغم مشاكله الكثيرة، فعل ذلك ولم يتردد وأوصلني بكل تواضع وأخلاق.
سألت شطيفة بعد مرور هذه السنوات: ما الذي يمثله يحيى في حياته؟ فأجاب: "رجل سيظل اسمه محفوراً في قلبي ولا أدري ماذا أضيف.. لكنني أستطيع القول: لنا الفخر إن أنجبت خدير يحيى.. يكفي ذلك.
هبة السماء
الشاعر الهزلي/ علي محسن البرطي كان قد أعد كما قال موضوعاً مكتوباً عن يحيى، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة مضيفاً: عيب عليَّ أن أكتب عن يحيى سطرين أو حتى مائة سطر".
وبلغة هاجس شاعر تمرد البرطي على الرسميات واختصر حديثه "كيف لي أن أتحدث عن هبة السماء، ولهذا سأظل أنظر إلى نجوم السماء دائما لأتذكر اسمه".
الدكتور عادل الحجي أيضاً قال إنه سيكتب، وعند مغادرتي خدير مررتُ عليه مذكرا إياه فاكتشفت هو الآخر أنه لم يكتب شيئاً، لكني قرأت في ملامح وجهه أحزاناً اختصرت الكلمات، ولم يستطع إخفاء دموعٍ بدت في طريقها للذرف، ففارقته قبل أن يصاب بالحرج!
عبقرياً وعظيماً حتى الموت
سعيد السامعي
إنني إذ أمسك القلم لأكتب عن هذا العبقري العظيم،أخشى أن يفوتني شيئ عنه فأكاد أحجم عن الكتابة، إذ أنه محال أن توفي الكلمات عبقرياً فذاً بعض حقه ومنهم يحيى .
يحيى علاو في الذاكرة:
ونحن صغار كنا نلعب وكان يحيى قدوة وملهماً لنا في ألعابنا، يخترع لنا أنواع اللعب وينظم صفوفنا، ويصلح أي خلاف قد ينشب بيننا، فهو الوحيد الذي لاأذكر أنه أختلف مع أحد في أثناء اللعب، وهو الوحيد الذي أذكر انه لم يكن يتفوه بسب أو فحش على أحد. كثيرة هي المواقف التي لاتزال في ذاكرتي عنه، ونحن صغار كنا نسرح ونمرح، ومن تلك المواقف أنه حصل يوماً على ''بندق فرنساوي'' فراح أمامنا مزهواً فرحاً ونحن نركض وراءه نردد شعاراً كان يلقننا إياه، وكانت صدمة لنا وله عندما وصلنا بيته فخرجت أخته الكبرى والوحيدة وخوفته من مغبة حمل تلك البندقية فأذعن لها ،ورحنا جميعاً لإعادة تلك البندقية لصاحبها.
وفاء الأسرة وترددها على الدمنة:
غادر وأسرته الدمنة فأحدث فراقه... وإخوانه فراغاً في أنفسنا، فقد كان إخوانه الكبار مصابيح إبداع في صفوف الكبار، وكان يحيى مصباحاً لنا نحن الصغار. كما أن انتقال الأسرة للسكن في الحديدة لم يكن لينسيها دمنة خدير، فما إن أتت العطلة الدراسية حتى عاد يحيى وإخوانه لقضاء العطلة بين أترابهم، فكانت أياماً سعيدة قضيناها مع هؤلاء الذين عادوا من المدينة إلى الريف.عادوا وهم في أحسن لبس، فكنا نجتمع إليهم فيحدثوننا عن بحر الحديدة وعن مينائها وبواخرها،وكان ليحيى كاميرا فأخذ ينظمنا لالتقاط الصور ورحنا جميعاً مع هؤلاء الإخوة الطيبين نقوم بالرحلات إلى غيل "ورزان" الشهير، وكانت لهم مزرعة الرحاب لا نأكل من ثمارها إلا عندما يأتي يحيى وإخوانه.
التفوق والنبوغ :
كم كان مثلجاً لصدورنا عندما أُعلنت النتيجة العامة للشهادة الثانوية في العام 1978، فكان يحيى الأول في الجمهورية(القسم الأدبي(، وكما هو حال الرجال،أصحاب الأخلاق العالية، فإن التفوق زاده تواضعاً وحباً لأبناء قريته، فكان لايأتي زائراً إلا وسأل عن كل أصحابه، فيزورهم ويتلمس أحوالهم.
أثناء الدراسة في السعودية:
إن أكبر ذكرى سجلتها ذاكرتي للمرحوم وهو يدرس الإعلام في السعودية أنه عاد إلينا بشيء جديد، ذلك هو التدين المنقطع النظير....نعم....كان قبلها محافظاً على الصلاة في المسجد، ويسعى بنا لإتقان أماكن الصلاة في "العُّراض" المجاور لمنزلهم، أما بعد عودته من السعودية وخاصة أثناء فترة العطل الدراسية فقد كان كثير الصلاة، ومحافظاً على صلاة الجماعة في المسجد، يقعد بين المغرب والعشاء لحضور المحاضرات والانضواء في حلقات القرآن، حتى كان يضرب به المثل في طول الصلاة والإكثار من النوافل.
قلبه الكبير الحنون وحبه لأعمال الخير:
في هذه الأثناء- أثناء دراسته في السعودية وعقب أن أدينا صلاة الفجر في شهر رمضان لاحظته يرمقني بعينيه طويلاً، ثم دعاني وطلب إلىّ أن نخرج للسير في الوادي، فلبيت طلبه، حتى إذا خلالنا الجو قال: إنني أحببت معك ياسعيد السير اليوم لنناقش قضية المنطقة،فراح يشرح تردي الأوضاع ويحثني على أن نعمل شيئاً- نحن الشباب لهذه البلاد الحبيبة..لبيت النداء وأبديتُ له استعدادي لعمل أي شيء يريد،فاتفقنا على أنه سيطرح الأمر على كل الشباب....ثم....انتهى الحديث عن مخططه الذي كان يتوق لتنفيذه ولم يعد يناقشني في الأمر...وكم كنتُ آمل أن أنفرد به لأناقش ذلك الأمر.. دوافعه وأبعاده وماهيته.. فلا أدري هل ناقش هذا الأمر مع غيري..؟؟ أم ماذا حدث؟؟.لكن الذي وجدته في كثير من المجالس التي جمعتني به أنه كان لايفتأ يناقش هذه الأمور ويحترق للمعاناة التي تعانيها قريته الحبيبة (الدمنة(.
من الميدان إلى الوفاة / فكره العميق لقضايا الأمة:
برز يحيى - رحمه الله إعلاميا فذاً فبدأ برامجه هادئاً، لم يثر انتباه أحد من أصحاب الأفكار الضحلة والعقول الضيقة حول فكرهِ العميق الذي تجاوز القشور والضحالة، إلى القضايا التي تمس الأمة الإسلامية في كل بقاع الأرض، فكان من عظيم ماقدمه – لفت الرأي العام اليمني لمعاناة المسلمين في البوسنة والهرسك، حيث أيقظ هذا الشعب وملأه تعاطفاً وحمية لإخوانهم المسلمين في البوسنة والهرسك، وقبل هذا البرنامج كان هو الإعلامي الأول الذي قدم البرامج تلو البرامج عن الانتفاضة الأولى في فلسطين 1987م، فأحدث ثورة في النفوس على إسرائيل.
في عالم عجيب:
في هذا البرنامج كان يعالج قضايا فكرية ودينية، جذبت كل المشاهدين اليمنيين وأحدثت فيهم تثقيفاً ومعرفة للعالم من حولهم وارتباطاً بعقيدتهم وقضاياهم المصيرية.
في فرسان الميدان: كان دقيقاً في الأسئلة الهادفة التي يختارها، دفعت قطاعاً كبيراً من المشاهدين إلى التزود بالثقافة الدينية والتأريخ الإسلامي، ناهيك عن تلمسه لأصحاب الفاقة في المناطق النائية في الجبال الوعرة، والصحارى القاحلة، فأدخل البهجة والسرور على الأيتام والبؤساء والمقلين، بدافع الحب لهذا الوطن، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، رغبة بما عند الله من الأجر والثواب، وهذه هي روح الإيمان بالله.، يتجلى فيها روح الإبداع الملهم، ومن غير يحيى علاو قدم جبال اليمن ومآثرها للعالم الخارجي فأظهرها أجمل مكان لمن يتابع برامجه؟؟
هول الفاجعة:لقد كانت فاجعة مؤلمة وخاصة لمن عايش المرحوم عن قرب، فهو الرجل الصالح القدوة للتدين ،والمتفاني مع قضايا أمته ،وهو الرجل العبقري الذي يحسن أن يخدم أمته دون الاصطدام والصراع مع أحد، وهو الرجل الذي لم يحمل قلبه كرهاً لأحد، وهو المجاهد الذي فعل مافعله أحمد ياسين وفتحي الشقاقي، ويحي عيّاش، وعلي عزت بيجوفتش.
الخاتمة:
إنني إذ أتذكر المرحوم "يحيى علاو" أقف مذهولاً أمام فجيعتنا به، فأذهب أفكر: ماهو السر وراء هذا العلم العظيم في أمتنا...."تتوارد الأفكار والصور لشخصه فأتمنى لو أن العبقرية والعظمة والتدين كبسولات نعطيها أجيالنا فنرى جيلاً يعيد الكرامة والأخلاق وهذا مستحيل".ثم يعود الأمل إلى نفسي عندما أتذكر أن العباقرة والمتدينين مثل يحيى علاو نستطيع أن نوحدهم بأيدينا، فيحيى وأحمد ياسين والإمام الشهيد (حسن البناء) والآلاف منهم في تأريخ امتنا أوجدتهم عوامل هي:
1- التنشئة منذ الصغر على الأخلاق العالية وحب الآخرين، وحب الأمور العالية والترفع عن السفاسف رغبة عند الله.
2- التعليم الهادف المبكر، تعليم الدين والتاريخ وأمور الحياة.
وتلك هي العوامل الكامنة وراء يحيى علاو ، رحمه الله، فأبوه كان متعلماً ومهذباً ومتديناً، وكذلك أسرته أسرة طيبة الأخلاق، محبة للعلم،فما من واحد من إخوانه إلا وبرز في ميدانه.
كذلك أخرج الإسلام قومي شباباً مخلصاً حراً أمينا.
رحمك الله – أبا محمد- رحمة الأبرار وأسكنك فسيح جناته.
*******************************************************************
وحتى لاننسى ذكراه.. فليستمر علاو
قائد عبده سالم
وحتى لا ننسى فارس الثقافة والإعلام/ يحيى علاو، أو نتناسى ذكراه وهمسه الرمضاني على وجه الخصوص وبرامجه المتنوعة عموماً، فيجب على القائمين بالسعيدة"القناة" وقناة اليمن الفضائية أن تواصل إحداهما أو لتشتركا معاً بمواصلة برنامجه الرمضاني الشهير جماهيرياً"فرسان الميدان بمسماه وفكرته مع تعديل وتطوير بعض الفقرات كما عودنا علاو، التعديل والتطوير في كل سنة وذلك بما يخدم أفكاره ورؤاه ويقدم مادة ثقافية دسمة متنوعة ديناً ولغة وجغرافيا وتاريخاً وتراثاً شعبياً يمنياً، وعليه اقترح تقديم البرنامج إلى ست فقرات على النحو التالي:
أولاً المجال القرائي-آية قرآنية ذات مدلول قيمي/ تربوي/ اجتماعي- ويكون السؤال عنه.
ا/ في سورة ذكرت-ب- والمعنى المقصود...ح/ ما الآية قبلها أو بعدها- السبب.
ثانياً المجال الفقهي: من أبواب الفقه- كل يوم باب من أبواب ومواضيع الفقه-فقه المعاملات الشرعية- المواريث- ولتكوين السؤال إلى ثلاث فقرات
المعرفة للموضوع/ الدليل قرآن+سنة/ حادثة وحديث- تعليق على ذلك.
ثالثاً: المجال التأريخي والجغرافي اليمني/ عن معالم- مدن- أسماء ومواقع مديريات- حوادث وتواريخ محميات/ شخصيات يمنية مشهورة / سياسية- عسكرية- تربوية- ثقافية يتم العليق المصور للمراد إبرازه من السؤال لتكتمل الفائدة.
رابعاً :المجال الثقافي/ ثقافة عربية/ عالمية/ دول/ عواصم/ مدن هامة/ موانئ/ شخصيات هيئات / كتب، منظمات دولية.. عملات-يتم التعليق بعد الحصول على الإجابة.
خامساً موروث شعبي+مساعدة مبدع ومساعدة محتاج
سادساً المشاركة للمشاهدين:" سؤال للمشاهدين عبر التلفون بجائزة قيمة، تعليق يومياً مع اسم الفائز والجائزة اليوم الثاني.
وأخيراً متى وكيف سيتم تقديم البرنامج/ من سيغامر بتقديم البرنامج ليكمل فكرة عظيمة بدأت قبل خمس عشرة سنة أسسها وبرمجها الإعلامي الكبير يحيى علاو تتقدم وتتطور سنة بعد أخرى ويكبر معها- أقول: نعم توجد صعوبة ومغامرة للبديل ومدى التألق وقبول الجمهور له ولكن ليس مستحيلاً طالما الفكرة موجودة والهدف هو مزيد من الثقافة واعتراف بفضل هذا الفارس العملاق باني الفكرة للبرنامج الأستاذ يحيى علاو ولأجل هذا أرى أن تعلن قناة السعيدة أو اليمن الفضائية عن تبني البرنامج- وتوعز للجمهور ومحبي الفقيد فتح باب الترشح لمن سيفوز بتقديم البرنامج الشهير فرسان الميدان- ويكون المتقدم من المثقفين وحاصلاً على مؤهل جامعي، تربية، لغة عربية/ آداب، إعلام جغرافيا/ تأريخ/ علاقات عامة- ويمتلك الموهبة وحب العمل ويتم اختبارهم من كبار رجال الإعلام ذوي" المستوى الثقافي- التعبير اللغوي- صناعة الخبر المادة/ حسن التقديم/ تقييم الموقف/ مع تقديم تصور عملي للبرنامج" أو الفائز يجب دعمه من القناة كلياً ومن الجماهير ومحبي علاو- وفاء لعلاوي حياً وميتاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.