ربما صار بالإمكان القول بعد التجارب الرائعة في السنوات الماضية بأن مستقبل صناعة الصورة التلفزيونية في اليمن قادم بإبداع غير مسبوق خاصة مع ظهور شركات وقنوات تلفزيونية تمثل حافزا لكل الدارسين في المجالات التلفزيونية وأصبحت تمثل هاجسا لهم لمغازلتها بأعمال إبداعية تنبئ عن مواهب متنوعة في التخصص والمجال ، ويمثل فيلم هجير المدينة الذي أعد كمشروع تخرج لنيل درجة البكالوريوس بقسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة الحديدة أحد أهم الأعمال المنتجة لفئة الشباب وبدعم ذاتي تحمل تكاليفه طلاب المجموعة التي قامت بإنتاجه ، فنون الثورة تابعت كواليس الفيلم وما وراءه وخرجت بهذه السطور : عمل درامي توثيقي لعل التوجه الجديد الذي عمد إليه طاقم فيلم هجير المدينة جعل منه نموذجا جديدا في طريقة معالجة قضايا المجتمع عن طريق المزج بين الدراما التمثيلية والوثائقية للخروج بمعالجة تحاكي الواقع بأسلوب درامي ، الفيلم الذي قام بدور البطولة فيه الأطفال ( خليل البرعي ، أكرم الطياشي ، يوسف الظاهري ) وشارك في التمثيل نخبة من الطلاب والممثلين بمحافظة الحديدة ، وفكرة ومعالجة قصصية نصر الرفيد وسيناريو وحوار ماجد الطياشي ، وقام بتصويره وإخراجه جمال النمري وسامي السفياني ،والمؤثرات الموسيقية للموهوب إبراهيم سبا تم عرضه في كلية الفنون الجميلة بجامعة الحديدة ونال إعجاب الحضور. معالجة حساسة لقضايا هامة الموضوع الذي تناوله الفيلم جعله محل لكثير من التساؤلات حول طبيعة قضايا الطفولة التي تنتهك بشكل كبير وتؤثر على مستقبل الوطن وتنميته ، ويسلط الفيلم وبقوة على أن الأسرة هي السبب الرئيسي لتشرد الأطفال وانحرافهم بالمجتمع بالإضافة إلى عوامل أخرى كالفقر والخلافات الأسرية واليتم وغيرها ، ويسرد الفيلم عن طريق تجربة الطفل مروان الذي قام بدور البطولة قصصا من المعاناة اليومية التي يعانيها الأطفال في الشارع كل يوم وتبدأ في الهروب من القرية الى المدينة ومسلسل البحث عن العمل والمسكن والاكل والتي تصبح شيئا من المستحيل مع طفل لم يدرك بعد قيمة الحياة او التكيف معها فيسرد الفيلم معاناة البحث عن العمل والسرقة والضرب وإيجاد مكان للنوم وجميعها قصصا تم أخذها من الواقع . حرفية عالية الجودة في التصوير والمونتاج صناعة الصورة التلفزيونية التي شاهدناها في فيلم هجير المدينة تنبئ عن حرفية عالية لمواهب قادمة في هذا المجال ، لكن الطاقم يؤكد أن الدراسة في كلية الفنون بجامعة الحديدة لم تكن سوى مواد نظرية يقدمها زملاء لهم تخرجوا في الأعوام الماضية ويعملون فيها كمتطوعين بينما غادر جميع الأساتذة ممن يحملون الشهادة العليا بسبب مضايقات عمدت إليها عمادة الكلية في سبيل التطفيش ، وأكد فريق العمل بأن تلك الخبرات التي اكتسبوها كانت من خلال العمل مع شركات وقنوات فضائية خاصة أثناء الإجازات الصيفية ، التصوير الذي تم بكاميرا تلفزيونية واستخدم فيه تقنيات جديدة كالكرين الذي أعطى لقطات جميلة ورائعة بالإضافة إلى الاعتناء باللقطات القريبة والتي تركز بشكل كبير على ملامح الوجه للتأثير في المشاهد وإعطاء صورة حقيقية لمعاناة الأطفال ، ويعد مونتاج الفيلم أيضا نقلة نوعية من خلال التنوع الهائل في اللقطات للمشهد الواحد وهو ما يؤكد عن جهد كبير بذله فريق العمل للوصول بالفيلم إلى مستوى عالي من الحرفية . الفيلم على القنوات المحلية في الأسابيع القادمة ولغرض إتاحة اكبر قدر من المشاهدة أكد فريق العمل بأنه قد تم التنسيق مع عدد من القنوات الفضائية المحلية لعرض الفيلم خاصة وان موضوع العمل مهم في جانب التوعية لخطورة عمالة وتهريب الأطفال وهي قضايا حساسة ومهمة لتوعية الأسرة بمخاطرها ، وعن الصعوبات التي واجهها طاقم العمل أكدوا أنها كانت كثيرة وشائكة لكن الصعوبات الأهم كانت من قبل أساتذة القسم الذين ورفضوا مناقشته إلا بعد جهود كبيرة بسبب كتابة اسم الشركة التي ساهمت في دفع بعض تكاليف العمل في تتر الفيلم وقال الطاقم بأنه في وقت تباع أجهزة الكلية في الشوارع لم نستطع الحصول حتى على دعم معنوي من قبل الكلية وان كل الجهود فردية بذلها فريق العمل ليل ونهارا ، وقدموا شكرهم الجزيل لشركة باذيب ومؤسسة التواصل للتنمية الإنسانية على مساندتهم في إنجاح العمل . الفيلم فرصة للمنظمات العاملة في مجال الأطفال ويمثل الفيلم أيضا إضافة نوعية لأرشيف المنظمات العاملة في مجال الطفولة لغرض التوعية في مجال مكافحة عمالة الأطفال وتهريبهم ومكافحة تجارة الأعضاء البشرية بحيث يمكنهم من عرضه على أفراد الأسرة وفي المدارس والجامعات .