بعد اعتراف اللواء علي محسن الأحمر بأن حرب 1994م على الجنوب أدت إلى استعمار الجنوب، وأن الجنوب مستعمر فإن على المزايدين أن يخرسوا أو يكونوا على أقل تقدير مستمعين إلى ما يطالب به الجنوبيون.. خصوصا في ظل ما نشاهده من مليونيات الجنوب المتكررة والتي تعد أكبر وأوضح دليل على أحقيتهم، وعلى الرأي العام قراءتها بتمعن لا الاستهانة بها. لقد عشنا زمنا قارب الثلاثة والثلاثين عاما والتي عرفها النظام والسلطة في الشمال قبل أن يعرفها الجنوب، وبالتالي علينا أن لا (نغطي عين الشمس بمنخل).. عرفنا تعدد الولاءات القبلية والمناطقية والعشائرية والأسرية والعسكرية وعرفنا مدى نفوذ مشائخ شمال البلاد على الدولة وتأكدنا أن خزائن الدولة مستباحة لهم ولقبائلهم المسلحة والمتعصبة. عرفنا كيف تنهب الأراضي في مناطق الشوافع، في التهائم وفي تعز وفي إب وفي الجنوب -تواصلت عملية النهب بعد 22 مايو 1990م، كما عرفنا أيضا تعدد مسميات الامن والجيش وعرفنا ولاءات الضباط والأفراد والأسلحة للقائد وليس للوطن. كل ذلك عرفناه بفضل الله الذي أراد لنا به من خلال الأستاذ/ علي سالم البيض الذي علينا ألا نلومه عندما وقّع على الوحدة كشريك وكان الطرف الآخر الذي وقّع معه يرى بأنه أدخل الجنوب في (شرك) وليس ك(شريك). علينا ألاّ نلوم الأخ والرفيق علي سالم البيض الذي أدخلنا (شركاً) عن غير قصد منه، خاصة إذا عرفنا تاريخه النضالي كعضو من القوميين العرب ومن أوائلهم في الساحة (اليمنية) حيث لعب دورا لا يستهان به من أجل استقطاب الكثير من شباب حضرموت إلى تنظيم (الجبهة القومية)، وبالتالي كانت الوحدة -بالنسبة لعضو قومي- نجاحا يضاف إلى رصيده النضالي كخطوة أولى على طريق تحقيق الوحدة العربية، والتي كانت من أهم أهداف القوميين العرب. واليوم علينا أن نرى الصورة بوضوح، ها هو حميد الأحمر، وها هو علي عبدالله صالح، وها هو علي محسن الأحمر، وها هم الحوثيون، وها هم القاعدة وأنصار الشريعة.. الجميع يطالبون ب(الحوار) وب(استمرار) الوحدة ويرون في (الفيدرالية) انفصالا.. ونعرف أن الجميع مختلفون، ولكنهم متفقون على عدم (فك الارتباط) الذي تطالب به مليونيات الجنوب بغض النظر عن قيادات مختلف المكونات الجنوبية. أما ما خلف الصورة فتجد هذه الانقسامات والتشكيلات المسلحة القبلية منها والحكومية وجميعها ليست شرعية إلا أنها تشكل قوة فاعلة، ويمكن اعتبارها (دولا) في دولة. ها هي (دولة) حميد الأحمر، وها هي (دولة) علي محسن الأحمر، وها هي (دولة) علي عبدالله صالح، وها هي (دولة) أحمد علي عبدالله وها هي (دولة) الحوثيين، وها هي (دولة) المستفيدين، وها هي (دولة) الشباب، وها هي (دولة) عبدربه منصور هادي.. ويعلم الجميع أن كل (دولة) يتبعها جيش مسلح وأضعفها جيش (دولة) عبدربه منصور هادي.. وأقواها جيش (دولة) أحمد علي عبدالله صالح وحزب والده الذي يشكل جيشا في ساحة الأحزاب السياسية اليمنية، فهو (الحزب المليوني) الذي خرج في يوم (الزعل) اليمني الموافق 21 فبراير 2013م. هذه الصورة ليست خافية على أحد ف(صنعاء) تتقاسمها هذه (الدول) شارعا شارعا ونقاطها تدل على أصحابها.. وجميعهم يشنون حربهم على الحراك الجنوبي الشعبي السلمي الذي يراد إدخاله في (شرك) جديد يسمى (مؤتمر الحوار الوطني)!! ولنفترض ونتصور ان يقبل الحراك الجنوبي الشعبي السلمي بالتنازل عن مطلبه الأساسي (فك الارتباط) فأية (دولة) من هذه (الدول) قادرة على تحقيق مطالب كل قضايا (القضية الجنوبية) وفي البدء الاعتراف ب(الشراكة الجنوبية) وليس كشريك في السلطة. إن تعدد (دول) الشمال يؤكد بالملموس على محاولة الالتفاف وتمييع (القضية الجنوبية)، وأنهم إن - يزعمون بتمسكهم ب(الوحدة) فإن هدفهم وراء ذلك الزعم الأرض والثروة الجنوبية على الرغم من تباكيهم على الوحدة وخوفهم من انهيارها ومحاولات تملقهم لأصحاب الأرض والثروة (للجنوبيين). وإذا اعتبرنا أن ل(الشوافع) دولتهم - داخل الدولة - بأعدادهم التي تفوق أعداد (الزيود) وإن -بالمقابل- ل(الزيود) هم الآخرون (دولتهم) فأي من الدولتين يمكن الاعتماد عليها كضامن محلي وليس (دولياً) لتنفيذ ما يخرج به مؤتمر الحوار خاصة إذا تمسك الجنوبيون بمطلب (فك الارتباط) واستعادة الأرض. أمام هذا الواقع وبعد التجارب السابقة للحوارات والمؤتمرات فإن الأفق ل(مؤتمر الحوار الوطني) المزمع إقامته في 18 مارس 2013م الجاري لن يكون أكثر من ضياع وقت ومال وجهد فقضاياه لا يكفيها ستة أشهر حتى لو كان مقتصرا على (القضية الجنوبية) فما بالنا وهو قد أضاف إلى جانبها (زواج القاصرات). وختاما.. على من يزعم (وحدويته) وخوفه من (انهيار) الوحدة أن يدرك أن ذلك يعتمد بشكل أساس على: 1- محاسبة ومحاكمة كل من يمارس الانتهاكات التي وصلت حد الجرم من خلال (اجتثاث الجنوبيين) بعد حرب صيف عام 1994م الظالمة. 2- محاسبة ومحاكمة كل من نهب الأراضي وتملك تعسفا أملاك الآخرين ومصادرة أرصدته التي سجلت لصالحه أو لصالح أقاربه بعد عام 1994م أكان من الجنوب أو من الشمال. 3- محاسبة ومحاكمة كل من فرط بالمؤسسات العامة والمرافق الحكومية وتملكها أو باعها لصالحه أو لصالح أقاربه ومصادرة كل ما ترتب عليه بعد ذلك. 4- محاسبة قادة تلك (الدول) التي ذكرتها ومحاسبة كل من يحرض على حمل السلاح ويحرض على إبقاء النظام على ما هو عليه ويرفض الفيدرالية او الكونفدرالية. 5- مصادرة كل أموال وممتلكات قادة تلك (الدول) المذكورة لأنها لم تأت عن طرق مشروعة. اليوم بعد أن انتهكت الأرض يخاف الجنوبيون أن ينتهك (العرض) غدا فيما لو تواطأوا أو تنازلوا عن قضيتهم، لذلك خرجوا يناضلون سلميا وقتلاهم شهداء لأنهم قتلوا في سبيل (استعادة) أرضهم ودفاعا عن عرضهم. فهل سيدخل الجنوبيون في (شرك) الحوار بعد أن دخلوا في (شرك) الوحدة بأياد جنوبية.. (طز) بالأمس واليوم؟! ذلك هو السؤال وعلى ضوء الفعل القادم تكون الإجابة.