خاص - من المتوقع أن يصل إلى صنعاء خلال الايام القلية القادمة وفد من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي لتقصي حقيقة المشكلة التي تجددت بين وزارة الأشغال والشركة التركية المنفذة لمشروع طريق " ذمار الحسينية " التي يمولها الصندوق . وكانت وزارة الأشغال وجهت عقب إجازة عيد الأضحى بتوقيف العمل في المشروع في ظل وجود مؤشرات بنوايا فسخ العقد وإعادة إعلان المناقصة لتسليم العمل لمقاول آخر ما دفع الشركة التركية لبدء التحرك صوب التحكيم الدولي كون المشكلة ليست الأولى إذ لا تكاد الخلافات تنتهي و تتلاشى أسبابها حتى تتجدد ومعه تتجدد مبررات تعثر المشروع الذي انتظره أبناء المديريات الغربية لمحافظة ذمار لأكثر من ربع قرن وهو يترحل – كمشروع على ورق – من عام إلى عام ,حتى دخل التنفيذ الحقيقي منذًٌ قرابة ثلاث سنوات بعد أن حصلت بلادنا على قرض لتمويله من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي وتوقيع عقد العمل مع الشركة التركية بمبلغ 37 مليون دولار في شهر اغسطس 2004 م وتحددت فترة التنفيذ ب " 30 شهرا " . لتأتي أواخر العام الماضي 2007م و قد انتهت الفترة المحددة , و لم يكن قد أنجز من أعمال المشروع أكثر من "40%" تقريباً , وبذلك اشتدت الأزمة بين الشركة المنفذة ووزارة الأشغال ودخل المواطنون المستفيدون من المشروع في الخط من خلال ممثليهم في البرلمان والمجالس المحلية لمديريات " مغرب عنس عتمة وصابين " وكذلك السلطة المحلية بمحافظة ذمار. وبلغ التصعيد ذروته وبدأ الجميع يبحثون أسباب التعثر والخلافات التي تكررت منذ بداية العمل ولكن أسبابها كانت غائبة عن انظار العامة وغالبا ما كانت المشاكل بين الوزارة والشركة تحدث وتنتهي تحت الطاولة ... واذا ببعض الاوراق تنكشف ..ليتضح أن معظم أسباب التأخير تتحمّل مسئوليتها وزارة الأشغال والشركة الهندسية التي تتولّى الإشراف الهندسي على المشروع , وهي شركة مصرية يمثلها المهندس الاستشاري لمشروع " ذمار الحسينية" الذي يقال أن تخصصه هندسة مشاريع مياه وصرف صحّي ولا علاقة له بالطرقات . ومما طرح على طاولة الحوار والجدل حينذاك أن معظم المشكلات الميدانية التي كان يرفعها مهندسو الشركة المنفذة طالبين من المهندس الاستشاري أن يتخذ إزاءها قرارات وحلول لتجاوزها كانت تظل لفترات تصل من أربعة إلى ستة أشهر , في حين أن المدة المتفق عليها أقل من شهر ... ما يعني أن تأخير قرارات المهندس الاستشاري كانت سبباً آخر في إعاقة التنفيذ في الوقت المحدد على حد تفسير مهندسين متخصصين بصرف النظر عما اذا كان التاخير ضٌعفاً في قدرة الشركة الهندسية التي يمثلها أم مماطلات متعّمدة . قبل هذا كله ظهرت قصة ان المناقصة الدولية التي أعلنت حول المشروع لم تكن دقيقة ولم تأخذ في الحسبان دراسة جيولوجيا المناطق التي تمر بها الطريق وهي مناطق جبلية زلزالية تتساقط عليها الأمطار بكميات كبيرة في معظم فصول السنة . وعلاوة على ما سبق اتضح أن عملية الشق السابقة لطريق "ذمار –الحسينية" التي كان ينفذها أكثر من مقاول "من الباطن" وتحت اسم " مؤسسة الأشغال" صاحبتها أخطاء كبيرة تضاف على أخطاء الدراسات . وتكتمل مفردات (الفضيحة) حينما يتضح ان اتفاقية العمل لم تتضمن أعمالاّ مهمة وضرورية يصعب تنفيذ الطريق البالغ طولها 253 كم بدونها وأبسطها – على سبيل المثال " العبّارات ومصارف المياه والجدران الحامية للطريق . ووفقا لما كان يدور في جلسات الحوار بين الشركة والوزارة بحضور أعضاء في البرلمان والمجالس المحلية خلال الفترة " مايو سبتمبر 2007 م " اتضح أن أولى المعالجات التي اتخذتها وزارة الأشغال لمعالجة مشكلة التصاميم والدراسات أن الاخيرة طلبت من الشركة التركية " المنفذة " إعداد تصاميم هندسية جديدة ... فاعتذرت الشركة التركية واكتفت بالتوسط بين الوزارة وشركة أخرى متخصصة في هذا المجال ,أتت واستلمت العمل وبدأت في إعداد التصاميم وسلمت جزءً منها , لكنها انسحبت قبل أن تكمل إعداد التصاميم . ويقال ان انسحابها كان نتيجة لإشكالات مع الوزارة سببها المهندس الاستشاري (المصري) الذي قيل بأنه لا علاقة لتخصصه بأعمال التصاميم الهندسية للطرقات الإستراتجية ، وعادت مسألة الترقيع والتلفيق للتصاميم بالتجزئة وبشكل مرحلي وتؤكد بعض المعلومات المستقاة من متابعين للمشروع أن قرابة 50% من التصاميم لم تسلّم للشركة المنفذة حتى اللحظة. الجانب الآخر من المعالجات التي اتخذتها الوزارة فيما يتعلق ببنود العمل التي لم تدرج في عقد العمل " الجدران والعبارات" أنها أعطت أوامر تنفيذية للشركة بتنفيذها ورغم ذلك كان تأخير تسليم تكاليف ما نفذ منها أحد أسباب المشكلة التي احتدمت بين الشركة المنفذة والوزارة وكانت الشركة على إثر ذلك على وشك أن تترك العمل وتلجا للتحكيم ، غير أن ناشطين من أبناء المناطق المستفيدة صعّدوا الموضوع على مستوى قيادة المحافظة والحكومة والبرلمان والقيادة السياسية وتدخلت بعض القيادات وصدرت توجيهات رئيس الجمهورية بتسوية الوضع مع الشركة وديّاً وبالفعل تمت التسوية بالتمديد لفترة العمل 24 شهراً إضافية على فترة العقد المحددة ب "30 "شهراّ " وعادت الشركة للعمل بعد توقف دام قرابة خمسة أشهر تقريباً . المشكلة تجددت عقب إجازة عيد الأضحى حيث تسرّبت من كواليس وزارة الأشغال أخبار تفيد بأن قراراً تم اتخاذه بإقصاء الشركة المنفذة وتسليم المشروع لمقاول أخر. خبر التوقيف انتشر بسرعة البرق لدى المواطنين في المديرات المستفيدة من المشروع " مغرب عنس – عتمة – وصابين" فسارعوا إلى التواصل مع أعضاء البرلمان والسلطة المحلية وبعض القيادات في السلطة وشهدت العاصمة صنعاء عدداّ من اللقاءات التشاورية لبرلمانيي محافظة ذمار وشخصيات اجتماعية وأعضاء في المجالس المحلية بالمديريات المستفيدة وخلال هذه اللقاءات التي حضرها قانونيون ومهندسون وإعلاميون أيضا كان الواضح في الحوار والمداولات أنه يوجد لدى الجميع ما يشبه الإجماع على أن توقيف العمل أو سحبه من الشركة المنفذة كارثة كبرى ليس على أبناء المناطق المستفيدة وحسب، بل وعلى البلاد أيضا ولم يتردد بعض الحاضرين عن أن يصفوا ما يحدث بالمؤامرة... مبررين الطرح بجملة من التخوفات اهمها : 1. أن سحب المشروع من شركة وإعادة إنزاله في مناقصة دولية يحتاج وقتاً طويلاً ,فضلاً عن احتياجه لوقت آخر لاستكمال الدراسة والتصاميم المتبقية , ما يعني تعثر المشروع لسنوات طويلة أخرى قد تكون عوامل التعرية وتساقط الأمطار كفيلة بتدمير ما هو جاهز من أعمال الشق والرصف والسفلتة وغير ذلك . 2. المشروع الذي تم توقيع العقد بتنفيذه في عام 2004م بمبلغ 37 مليون دولار أنجزت منه الشركة السابقة حوالي 40% ولا يعلم أحد كم المبلغ الذي تم صرفه وكم سيتم صرفه لتصفية حساب الشركة وكم سيتبقى , ولا يستطيع أحد أن يجزم أنه سيتم التعاقد على المشروع مع أية شركة جديدة بالمبلغ المتبقي من القرض المتفق عليه وربما نحتاج إلى أضعاف المبلغ , وليس بمقدور أحد أن يضمن وجود قرض آخر أو منحة أخرى لتمويل المشروع , وهو ما يعني ضياع المشروع وضياع القرض السابق .. 3. تسرّبت أخبار أن الشركة المنفذة بدأت تتخذ تدابيرها للجوء إلى التحكيم الدولي في باريس وفقا ًلشروط العقد , وهو ما يعني أن الشركة سوف تطالب بتعويض مستندة لما بين يديها من مبررات , وهو ما يعني حاجة بلادنا لنفقات متابعة وتقاضي ومحاماة وغيره فضلاً عن إمكانية أن تحصل الشركة على حكم بتعويض وهو احتمال وارد جداً بالاستناد إلى تجاربنا السابقة في هذا المجال حيث جميع القضايا المماثلة السابقة لبلادنا مع مستثمرين ومقاولين في مراكز التحكيم الدولية كانت نتائجها سلبية على بلادنا تقريباً ...وفي حال حدوث مثل هذا الاحتمال سنكون بحاجة إلى قرض دولي لتعويض الشركة لا سمح الله... 4. وعلاوة على كل ما سبق فإن تكرار مثل هذه التجارب السلبية مع الشركات الأجنبية يأتي متضاداً مع توجيهات الدولة وبرامج القيادة السياسية وجهود الرئيس على عبد الله صالح حفظه الله في استقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية إلى اليمن , كما أنه سيضيف لنا رصيداً سلبياً أمام المانحين سواء كانوا العرب أو الأجانب , خاصة وأن مُدّة القرض المخصص لهذا المشروع تقريباً انتهت وبدأ موعد السداد في الوقت الذي لم يتم استثماره وتدور حوله مشكلة قد تنتهي بضياعه وضياع المشروع الذي خُصّصت له.. 5. لوحظ خلال المشاكل السابقة التي كانت تنتهي بتسويات أن وزارة الأشغال وإن كانت لديها مبررات لإجراءات قانونية ضد الشركة وفقاً للعقد فإنها تقترف أخطاء تجعل موقفها ضعيفاً وهو ما يثير القلق من مسألة اللجوء للتحكيم فضلاً عن إثارة التساؤلات المريبة حول الأهداف والغايات من وراء افتعال المشاكل مع الشركة سواء كان من قبل بعض متنفذي الوزارة أو من قبل المهندس الاستشاري الذي يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في معظم الإشكالات . كل هذه الاحتمالات والمبررات ناقشتها اجتماعات أعضاء البرلمان والمشايخ وأعضاء المجالس المحلية والشخصيات الاجتماعية من أبناء محافظة ذمار على مدار الأيام الماضية ورغم وصفها بأنها – أسوأ الاحتمالات – الا ان البعض يرى ان تجاهلها يعد مشاركة في الجريمة التي قد تضع المشروع والقرض وسمعة البلاد في مهب الريح ٍ...