ما الذي يجمع بنت الصحن مع السجائر؟ لا شك أن هذا هو السؤال الذي سيخطر على بال القارئ فور التطلع إلى العنوان. خاصة أن موضوع بنت الصحن هناك من أراد أن يصبح موضوعا سياسيا وأمنيا من الدرجة الأولى خلال الأسابيع الماضية. أما السجائر المضروبة فلم ترد إلا في نشرة الأخبار الاذاعية التي تأتي الساعة الثامنة ثم لم أقرأ عنها أي خبر بعد ذلك. في كل الأحوال فبنت الصحن وردت في استقالة وزير الإدارة المحلية الأستاذ عبد القادر هلال، التي نشرت في بعض مواقع الانترنت ومنها موقع مستقل لذا فإن الإشارة اليها جاء من مصدر موثوق به. والسجائر المضروبة جاءت في خبر إذاعي لإذاعة صنعاء صادر عن إدارة الأخبار وبالتالي فهو خبر أيضا موثوق في مصادره. وعلى ذلك فإن بإمكاني أن أتأمل في الموضوع من الزاوية التي تعجبني طالما أنا كاتبة مقال اسبوعي ولست مصدرا للأخبار. بنت الصحن وأخواتها: كثير من مواد الأكل التي تصنعها ربات البيوت وأحيانا تنتقل إلى السوق فيصنعها أصحاب محلات الحلويات والمطاعم تكون مصادر تسمياتها أجزاء من الجسم البشري عدا بنت الصحن. فهي بأكملها بنتا. فهناك مثلا زنود الست وهذا جزء من الإنسان، أو أصابع القاضي أو (ملاجع الشوكاني) وهي أيضا جزء من الإنسان، ما يجعل بنت الصحن تتسم بالكمال. فنحن حين نأكلها نتغذى ببنت صغيرة ليست أما للصحن ولا أختا ولا زوجة ولا مواطنة عادية. بل مجموعة من أقراص العجين الرقيقة توضع على بعضها البعض ويفصل في ما بينها كثير من السمن، ثم تدهن فيما بعد خبزها في الفرن أو التنور بالعسل. وأحسن البنات هي تلك التي يتم سقيها بالسمن البلدي والعسل الدوعاني. لكن الخبر السياسي يقول إن موضوع بنت الصحن هو في الحقيقة عكس ما حدث للسجائر التي يقول الخبر انها تعرضت للحرق والإتلاف لأنها صارت غير صالحة للاستخدام الآدمي. طبعا الخبر يفترض أن هناك سجائر صالحة للاستخدام الآدمي. ونحن جميعا نعرف ان التهديد بالسرطان مكتوب على هذه السلعة وغير مكتوب على أي شيء آخر صالح للاستخدام الآدمي فيما أعلم. خبر السجائر يقول إن مصلحة الضرائب قامت بإتلاف مجموعة من السجائر المخزنة في مخازن بعض التجار وهي غير مدفوعة الضرائب وقد تم حرقها وإتلافها والإعلان للناس أن من يبلغ عن سجائر أخرى مضروبة وغير مدفوعة الضرائب فإنه سيحصل على مكافأة هي جزء من القيمة الحقيقية لهذه السجائر. هكذا جاء الخبر الاذاعي ثم صمتت مذيعة النشرة عن أي تفاصيل أخرى تخص الموضوع. في اليوم التالي بحثت في الصحف عن بقية التفاصيل فلم أجدها. وبحثت عن تفاصيل موضوع بنت الصحن فلم أجد. ترك المستمعين والقراء معلقين على الهواء: جلسات القات وحدها هي المصدر لموضوع بنت الصحن. أما السجائر بدون ضرائب، فلست أدري من سيهتم بمتابعة التفاصيل، فلم يرد أي تصريح من الغرفة التجارية يحث التجار على الالتزام بدفع الضرائب، ولا يطالب بحماية التجار من مصلحة الضرائب. كما لم يرد من مصلحة الضرائب أي تفاصيل عن الكيفية التي يمكن بها الحصول على الجوائز بالتبليغ عن السجائر المضروبة. عدد كبير كما يبدو لي من وسائل الاعلام لا يهتم بمتابعة أي قضية حتى النهاية. وعدد أكبر من رواد مجالس القات المعبأة بالسجائر، لا يهتم بجمع التفاصيل الأخرى التي يتبادلونها وجعلها متاحة لغير مرتادي مجالس القات. لكن متابعي نشرة الثامنة من إذاعة صنعاء يمكنهم الاستماع إلى بدايات أخبار مثيرة ستصبح أكثر إثارة لو وجدت صحافة تحقق فيها وتستطلع المعلومات عنها وتخدم الناس في المعرفة. فالانتخابات تقترب وموسم الإشاعات سيصبح متاحا للجميع ونحن نحتاج للتوازن عبر معلومات دقيقة صحيحة غير متحيزة تعطي كل وجهات النظر وتكشف وجوه الحقيقة المخفية. [email protected] * نقلا عن يومية الثورة