تعددت الطاولات العربية في وقت واحد, مزينة بالورد وازدادت القمم كل تنافس الاخرى, في العروس "العانس" فلسطين التي يصدق فيها القول "كثرت خطابها وبارت". القضية الفلسطينية منذ العام 1948 وهي موضوع لقاء القمم العربية, بل حتى ان العناصر الاخرى دخلت في اللعبة, فإن عجز العرب عن الحل, فايران لديها الحل كما تزعم, يوماً ستمحي اسرائيل ويوماً تفتي بأن الاستشهاد في سبيل غزة غير مصرح للايرانيين, والمقاومة امامها فرصة وقف اسرائيل صواريخها في الهدنة المقررة, وعليها التوقف عن اطلاق صواريخها لحقن دماء الأبرياء والمدنيين في غزة. فالانظمة العربية تزج نفسها بفلسفة "الجهاد" الخاضع لفتاوى "الملالي" المتراجعة ومنابر "الاخوان" بقنابل الشتم والتخوين. لقد انقسم العرب هنا وهناك, بل انقسمت الدول الخليجية الصغيرة, وليت هذا الانقسام يأتي بالحل المعجزة بشأن الصراع الأزلي الاسرائيلي - العربي, وأصبحنا دولاً ممانعة ومعتدلة, وضاع الجهد المنظم المتعقل امام هذه الشرذمة العربية, حول المغامر "الحمساوي". مصيبة العرب انهم يختلفون دائماً لان شغلهم الشاغل هو توجيه الاتهامات والشتائم الى بعضهم بعضاً, بينما "الشطورة" الاسرائيلية هرولت مسرعة نحو الولايات المتحدة الاميركية, وها هي ليفني سارعت الى التوقيع مع الولايات المتحدة الاميركية قبل انتهاء ولاية بوش, بينما "الفتحاوية" و"الحمساوية" يرفضون النظر "بخلقة بعض", لأن "غزة" التي تم تعميرها على مدى سنوات دمرتها "حماس" بقرارات لا تمت للعرب منها الا بهدر البلايين على تعميرها من جديد, ولنعود بعد صرف هذه البلايين من جديد لتدميرها على يد "الاخوة الاعداء", ومادور "حماس" في هذه الهدنة المقبلة المرهونة بوقف صواريخها والمشروطة بانسحاب اسرائيل, لا شيء سيعود, الدم الفلسطيني يهدر من جديد على يد أبنائه انفسهم. "فحماس" ما زالت تبتز العرب وتقودهم إلى نفق مظلم ومستعدة ان تضحي بمليون ونصف المليون فلسطيني في سبيل الاعتراف بها وضياع القضية الفلسطينية نفسها وتكريس الانقسام الفلسطيني قبل الحرب الاسرائيلية الاخيرة, بل الانقسام العربي بعدها, اقصد "القمم المعركة", حتى خرجت علينا "الحرب الباردة" الخليجية, وخرج علينا "المفتش الإيراني" ليبحث لنفسه عن دور هذه المرة "معلن" على الطاولات العربية, مضافاً لدوره "الخفي" عند "حماس" و"حزب الله" العابر عبر الانفاق والمعابر. وتكشف لنا ارتعاد الفرائص عند "عراب حزب الله" وأسياد الملالي بالفتاوى المتراجعة, وبتزكية الدماء الايرانية على ان تسيل في غزة. وشهدنا تهديداً لكيان الجامعة العربية نفسها وعجزها أمام هذا الانقسام العربي, بل قد يستقيل على إثره الامين العام. فالعرب في انتظار موقف معلن من "حماس" بعد اعلان اسرائيل هدنتها, وهل ستوقف "حماس" صواريخها? بالطبع لا! فعلى هذه القمم العربية ان "تعري" هذا التشرذم الفلسطيني أولاً, وانقسام الاخوة الاعداء ابناء "الجلدة" الواحدة, لان قضيتهم وقضية العرب جميعاً قد ماتت... نعم ماتت سياسياً, وما زالت مؤثرة عالمياً انسانياً, فقط, بهدر دماء الأبرياء, وذلك كله بسبب "حماس" التي اخرجت القضية من أدبيات المقاومة إلى خانة الارهاب, وحروب الانفاق والمعابر, والسؤال المهم: ماذا كسب الفلسطينيون من "حماس" غير المزيد من الدماء ومأساة الألف شهيد وزيادة في سبيل الوصول للسلطة? * المستشارة والمحامية أمام محكمة التمييز والمحكمة الدستورية العليا بدولة الكويت [email protected] المصدر : السياسة الكويتية