ماذا يحاول علي عبدالله صالح ان يفعل؟ واضح ان "تسليم" زنجبار، عاصمة محافظة أبين في الجنوب الى "القاعدة"، يشكل رسالة الى دول المنطقة كما الى عواصم كبرى مفادها ان اقتلاع النظام في صنعاء يعني اشعال حريق اقليمي كبير، يؤذي المنطقة ويجعل من البحر الاحمر مصيدة خطرة لخطوط الإمداد البحري التي تغذي شرايين العجلة الصناعية في الغرب عموما وفي اليابان خصوصا. وعندما تتسلم "القاعدة" منطقة أبين، اذا تسنى لها هذا، فإنها تستطيع، رغم الغارات التي نفذها سلاح الطيران اليمني عليها امس بهدف القول "نحن هنا"، ان توسع نفوذها في المنطقة وان تصل في النهاية الى اقامة قاعدة جسر شمالي يكمل الفك الثاني للكماشة التي قد تطبق على خليج عدن، باعتبار ان الصومال هي الفك الاول ل"القاعدة" كما هو معروف. إن امتداد سيطرة "القاعدة" من الصومال الى جنوب اليمن يتخذ عملياً شكل نار قد تشعل حريقاً هائلاً تستعر نيرانه تحت اكبر مرجل للنفط في العالم. لهذا فإن ما حصل في ابين لم يكن نتيجة معركة خسرها علي عبدلله صالح امام رجال "القاعدة"، بمقدار ما كان نتيجة قرار انتحاري عبيط تمثل، كما ذكرت الانباء، ب"تسليم" المنطقة الى "القاعدة" كما يقول المعارضون، وذلك بهدف توجيه انذار الى دول الخليج اولاً والدول الغربية ثانياً، مفاده ان سقوط النظام ورحيل الرئيس اليمني يشكلان عملياً سقوطاً للمنطقة في دائرة الفوضى وتهديداً سافراً للمصالح الدولية الحيوية. أوَلم تكرر اميركا دائماً ان امنها القومي يرتبط باستقرار بحيرة النفط في منطقة الخليج؟ وفي الواقع لم يكن منطقياً او سهلاً ان يتمكن رجال "القاعدة" من الاطباق على زنجبار عاصمة أبين والإمساك بالمقرات الحكومية فيها وشن هجمات ناجحة ضد القوات الحكومية التي سجلت انكفاء مستغرباً وغير منتظر. والذي يؤكد لعب علي صالح بنار "القاعدة" في وجه الذين يطالبونه بالرحيل، هو انه اتاح دخول عناصر "القاعدة" الى زنجبار، كما تؤكد الاخبار التي نقلتها وكالات الانباء، ثم نظم هجوماً مضاداً هدفه الايحاء لدول المنطقة وللدول الغربية ايضاً بأنه يملك القدرة على الامساك بالوضع، وتوفير الكثير من العناء والاخطار على دول الخليج كما على الدول الغربية ايضاً. وهكذا لم يكن غريباً ان ينقل المراسلون من المنطقة ان قصفاً جوياً وبحرياً نفذته القوات اليمنية واستهدف مناطق باجدار والخلا شرق زنجبار، حيث معاقل رجال "القاعدة" الذين يحاصرون القوات الحكومية داخل زنجبار. فحوى رسالة علي صالح هي: إن امساك "القاعدة" بعنق خليج عدن يعني استطراداً خنق قناة السويس، وعلى العرب والغرب ان يختاروا... لكنها في الواقع فوضى نارية في بلد قبلي مدجج بالسلاح وبالدم حتى العظم! النهار اللبنانية