تقرير - لا يزال الغموض يلف مستقبل الوضع السياسي في اليمن بشكل أكثر تعقيداً متزامنا مع منحدر يمضي بالبلاد نحو حالة الانهيار الحقيقي..وباتت التكهنات تغلب على المشهد السياسي اليمني أكثر من الحقائق لما ستؤول إليه الأوضاع. فبعد مضي ما يقارب الشهر على مغادرة الرئيس علي عبدالله صالح صنعاء مع كبار قيادات الدولة لتلقي العلاج في الرياض اثر محاولة الاغتيال والتصفية الجماعية، وممارسة النائب عبدربه منصور هادي لمهامه .. ما تزال الاوضاع في اليمن في حال من المراوحة والجمود . وفيما تتواصل المشاورات على مستوى الداخل والخارج لمناقشة الترتيبات اللازمة للخروج من الوضع الراهن.. صعّدت أحزب اللقاء المشترك من مواقفها باتجاه مناقشة تشكيل مجلس انتقالي يقوض مسار الانتقال السلمي للسلطة الذي يتبناه المجتمع الدولي باتجاه تسوية تنقذ اليمن من وضع مأساوي يقوده للانهيار وأطرافه للاقتتال . ومع خط مناقشة تشكيل المجلس الانتقالي وتسريب مشروعه عبر الصحافة ، تبدوا معطيات المشهد تصب في تأكيد أن القوى المناهضة للنظام لازالت غير متجانسة وتتباين رؤاها للمخارج من الأزمة كلاً حسب معتقداته الفكرية وعلاقاته السياسية مما جعل هذا الشتات موضع شك بالنسبة للمجتمع الدولي الذي لا يثق حتى اللحظة بإمكانية توافق هذه القوى على صيغة حل موحدة تجاه الأزمة وبعدها خلال الفترة الانتقالية اقله على قاعدة المبادرة الخليجية ، فكيف بمجلس انتقالي بات الحديث عنه مفجر لموجة تباينات مفسدة للوليمة التي دعت إليها قوى متنافرة اجتمعت فقط على الثأر من الرئيس ونظامه. وكان نائب الرئيس الفريق عبدربه منصور هادي أكد أن هناك تشاوراً جاداً لحلحلة الأزمة القائمة في البلاد منذ أكثر من خمسة أشهر ،والابتعاد عن التعقيدات بالتعاون مع أحزاب اللقاء المشترك ووزعماء القبائل والشخصيات الاجتماعية، باتجاه صنع الوئام والسلام وتجاوز هذه الظروف العصيبة. الدكتور محمد عبد الملك المتوكل الأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية-احد احزاب تكتل المشترك - أكد أن القوى المتصارعة في اليمن لم تعد تملك سوى خيارين، إما التصالح والتسامح والإقرار بانتقال السلطة، وقبول كل الأطراف المشاركة في بناء الدولة المرجوة، وإما الصراع المدمر، الذي يكون الكل فيه مهزوماً، بمن فيهم من يكسب المعركة. وشدد المتوكل إثر اجتماعات تعقدها المعارضة بهدف تأليف مجلس انتقالي، أن المشكلة التي كانت تعيق الدخول في الحوار تتمثّل في قرار السلطة القائمة بأن السلطة الكاملة قد انتقلت إلى الرئيس بالإنابة عبد ربه منصور هادي، متحدثاً عن وجود مؤشرات اليوم «تدل على أن مراكز القوة في السلطة قد أدركت أن التغيير أمر لا مناص منه»، مشيراً بذلك إلى «البيان الذي أصدره رئيس الحرس الجمهوري أحمد علي عبد الله صالح، الذي أعطى مؤشراً بالقبول المبدئي بانتقال السلطة الكاملة إلى النائب، والقبول أيضاً بما يجري من حوارات مع المعارضة والمجتمع الدولي، وبإشراف نائب الرئيس». ودعا المعارض المتوكل إلى عدم التشكيك في هذه المرحلة بالجهد الدولي والإقليمي، مشيراً الى أن مساعيهم من حيث المبدأ تهدف إلى الإقرار بانتقال السلطة وبناء الدولة الحديثة، ويسعون إلى قبول كل الأطراف المشاركة في صناعة المستقبل دون إقصاء أحد. في المقابل، حذر رئيس الدائرة الإعلامية في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم طارق الشامي، المعارضة من تأليف مجلس انتقالي، مشيراً إلى أنه سيكون «مجلساً انقلابياً ولن يكون له شرعية على الإطلاق، ويسعى إلى إثارة الفوضى والتخريب»، متهماً مشروع المعارضة بأنه «سيشجع وجود القاعدة في اليمن، وإثارة الفوضى». وأكد الشامي أن أية محاولة انقلابية سواء بمجلس انتقالي أو انقلاب عسكري للوصول للسلطة سيرفضها الشعب اليمني. وقال طارق الشامي إن المؤتمر الشعبي العام دعا المشترك إلى الحوار منذ وقت مبكر، ومجلس الأمن - في آخر بيان له حول اليمن - دعا الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار، وبالتالي لا يوجد أي مخرج لإنهاء الأزمة إلا عبر الحوار والذي يجب أن يشمل كافة الأطراف من شباب وأحزاب ومن معارضة في الخارج ويتم فيه مناقشة كافة القضايا. أما أن تعمل أحزاب المشترك للانقلاب على الدستور للوصول للسلطة فهذا سيرفضه الشعب اليمني-حد تعبيره. موضحاً أن الرئيس علي عبدالله صالح وانتخب من قبل الشعب ولم يصل إلى السلطة عن طريق دبابة أو انقلاب وبالتالي من يريد السلطة عليه أن يتجه إلى الانتخابات والشعب اليمني هو من يختار حكامه وليس بالانقلاب على الدستورية وإرادة الشعب. من جهته، قال عضو مجلس الشورى السعودي سابقا محمد آل زلفة ل"فرانس برس" ان "الاوضاع في اليمن تمر في مخاض صعب والمشاكل الاقتصادية من اصعب ما ينتظر هذا البلد". واعتبر ان "المبادرة الخليجية تشكل حلا متكاملا لكن من سيتولى السلطة من المعارضة وثوار الشارع الذين ليس لديهم قيادة". واكد ان "المخاوف تكمن في انفلات الامور في غياب ضمانات تحول دون تقسيم البلاد (...) اعتقد ان نظام الرئيس علي عبد الله صالح ما يزال يمثل صمام امان الى حين الاتفاق بشكل واضح على تسليم السلطة ضمن الاليات الدستورية". وقال آل زلفة ردا على سؤال "نعم (..) هناك فراغات في مجالات معينة (...) هناك ايضا الحراك والقاعدة في الجنوب والحوثيون في الشمال وهؤلاء يعتبرون ان اندلاع الفوضى يصب في صالحهم فوحدة اليمن مهددة بسبب غياب القوة الضامنة". وتابع ان "عودة صالح الى اليمن قابلة للنقاش رغم اعتقادي بانه لن يعود ولكن اذا حدث وعاد، فان ذلك سيكون للقيام بتسليم السلطة بسلاسة". وختم مشيرا الى ان الرئيس صالح "ما يزال يتمتع بالقوة والسلطة ويحظى بتاييد قسم كبير من الجيش بعكس العديد ممن يتبجحون بذلك لكن لا سلطة فعليا لديهم".