تقودك الأيام هنا وهناك.. لتعلمك الحياة كما تشاء.. تحمل بين ضلوعك قلب ثائر يبحث لذاتك عن كرامة ولهؤلاء الناس تنظيم سياسي يشحذ مجدهم الحضاري المفقود والمطمور بين عبث التخلف وغزوات الغير من الطامعين! ومع بساطة هذا الحلم وتعقيد الحياة الممزقة بين التفاصيل، يمزقك الاختيار بين مبدئك الحالم المسلوب وبين مواقف الكذابين الزائفة.. ثلاثة أعوام منذ أن صرخت بحلم «يمني» وخرجت في طليعة اللحظة جندياً مجهولا ليس له إلا روح التحدي والأمل وشيء من خشية رصاص النظام! تثاءب الحلمُ سراباً، ولم يستيقظ إلا مقتولاً بين يدي كابوس من الضباع المُحتالة ..لترتدي وجوهك وتهذي بصوتك، مغتالة كل قيم النبل التي كانت رهن نصرك ..متاجرة بالدماء والدسائس ممزقة تحت عويلها لكل قضايا المواطن...! لتتحول المعادلة تحت خيانتهم وأطماعهم: من شعب يريد إسقاط نظام إلى نظام يريد إسقاط «الرئيس» والرئيس فقط! ولتصبح أنت أمام اختبار مصيري بين يقظة المبدأ ومرارات التخوين تحت بهرج الضباع أو بين خيبة الموقف والصمت مطية لمجرمي النظام وخونة الأمة والتصفيق من رعاع الفوضى والانصياع. شيئاً فشيئاً يتلاشى صوت فجرك ويعلو عالياً نعيق الفجور...قيصر الروم يعلنه ربيعاً عربياً وكُهان مسيلمة يدعون جيوش الصليب لضرب جيوشك...! أي مصيدة مخزية هذه وأي خديعة كبرى تجعلك مشروعا لجارية في قصر خليفة المنافقين أوباما الرشيد؟! أي ورطة تضعك ضعيفاً مغبوناً بين قدرية لا مناص من خياريها ؟! فإما مرارة الشرف الأليم أو حلوى الخيانة بين العاهرين؟!. بين كل ذلك النفير الإعلامي والعويل النخبوي تختار المبادئ لأنها مرجع المواقف، لتغادر عتبات مجدك هزيل الخاطر ومهدود الوجدان قابضاً على الجمرة بين يديك .. «خائناً» بين أصحابك الطيبين وبينما الخنجر الألف يقسم ظهرك، ولتقودك الأيام هنا وهناك ..ولتعلمك الحياةُ ما تشاء . هذه المقدمة الطويلة هي «بانوراما» المرحلة التي كانت تراودني وأنا للمرة الأولى في جامع الصالح بعد أن ذهبت للصلاة هناك ولمؤازرة خصم حلمي المسلوب والفارس اليمني عفاش الحميري «الرئيس اليمني السابق» الذي سلم السلطة ليقف حصناً منيعاً لحماية كرامته واليمن من «الخديعة الكبرى» التي مسته ومستنا على حد سواء . ذهبتُ لجامع «الصالح» لأفتش بأم عيني عن حقيقة ما تلقيه وسائل الإعلام الإخوانية من حطب على موقد الأحداث وعن مصداقية كل ذلك الكذب والتدليس على الجامع والصالح بحثاً عن مدى شرف الغل والحقد الذي أعمى بصيرتهم وأنساهم بأن هناك كوابح تحت أقدام الرجال. ذهبتُ بين حجيج من مؤيديه ومحبيه جاءوا على غير موعد لمناصرته ونصرته ..بلا مقابل أو وعد أو وعيد .. وبحثت بين الجامع والحجيج عن ذاتي وعن أسلحة «المخلوع» وأنفاق «عفاش» وعن السجون وعن كل أهوال الفزع الأعظم التي رواها إعلام الإخوان الذي لم يجعل للثورة أدنى التزام بالمصداقية والشرف. وأصدقكم القول بأنني وجدت تلك الأسلحة والأنفاق والسجون والقتلى في جامع الصالح.. وجدتها كما يرونها من قلوبهم وأرواحهم الجبانة المتعطشة للسلطة بين ضروب المهانة والعمالة والغباء. لقد كانت أسلحة صالح هي كل قلوب المحبين في هذا الحجيج من الرجال التي تحبه بكل عيوبه ومحاسنه ..ذلك القلب التي جاء ليستلف من صديقي مبلغ العودة لمنزله. وكانت الأنفاق والسراديب التي في هذا الصرح الديني المهيب هي تلك الجذور التي يضرب بها صالح عميقاً في جذور ومفاصل الشعب اليمني والتي تؤرقهم غيظاً ومهانة. وشاهدت السجون والأسرى في الجامع ممثلة بكواكب الرجال والأعيان الطيبين التي تعزل خصومه عن الهيمنة على الشعب والجيش، إنها الروح اليمنية البسيطة والحرة والحكيمة التي جعلت خصوم صالح غرباء بين شعوبهم لا يشتمون العزة إلا زائفة بين رعاع القطيع الذين لا يطعمون ولا يغنون من جوع. نعم لقد شاهدت كل الأسلحة والأنفاق والسجون كما يشاهدها كبار الضباع والمستعبدين على البلاد باسم الثورة والتغيير الذي سلبوه واغتالوه.. ووجدتها هناك.. ولكنني في نهاية الجمعة ومع رصدي للجمع الكبير اطمأننت بما يرضي نفسي بأنني لم أحمل الجمرة هباء ولم أخن المغفلين ولم أخذل مبدأي حينها بالسجود لموقف زائف يخدم الكذبة المتآمرين.. وشعرتُ بأن عفاش هو الرقم الحقيقي اليمني الأصعب الذي حمل الداء في عهده خصومه.. ويحمل الدواء بعد عهده بمواقفه وخصاله. وشعرت بأنني خذلت وناصرت هذا الشخص الكبير الذي لم يخذل أنصاره وخصومه الصادقين.. فسلام الله على عفاش الحميري الأصيل. هذا مختصر رحلتي ضد ومع صالح وخلاصة زيارتي لجامع الصالح، وما أكتبه إنما أكتبه لنفسي ولمن يريد التأمل .............والحر لا يرضع من (قلمه)!