أن انتهت الحلقة الأولى من برنامج «الراقصة» التي عرضت مساء أمس الأوّل الاثنين على فضائية «القاهرة والناس»، حتى اشتعلت مواقع التواصل في مصر ما بين مؤيّد ومعارض للبرنامج. ولم يبق الجدل حبيس العالم الافتراضي، بل تعدى ذلك بوصوله إلى استوديوهات برامج ال«توك شو» وأروقة الأزهر، وحتّى مكتب النائب العام المصري. مشروع مؤجّل وافق مالك قناة «القاهرة والناس» طارق نور على فكرة «الراقصة» منذ شهر آب/ أغسطس عام 2013، وتم الانتهاء من تصوير كل الفقرات المسجلة من البرنامج بداية العام الحالي. وكان من المتوقع أن يعرض البرنامج رسمياً في شهر شباط/ فبراير الماضي، لكن القناة قامت بتأجيله بسبب حوادث قتل جنود مصريين في سيناء، كما ورد في بيان أصدرته حينها. وتقول مصادر القناة ل«السفير» إنّها كانت بحاجة حقيقية لعمل من هذا النوع، يحقق لها نجاحاً جماهيرياً، ويجعل لاسمها مكانة في استطلاعات القنوات الأكثر مشاهدة في مصر. لذلك سبق عرض الحلقة الاولى من «الراقصة» حملة إعلانية ضخمة تمهّد لعرضه، بدأت بأشرطة ترويجيّة شبه متواصلة على القناة، إلى جانب ملصقات طرقيّة، وإعلانات في الصحف. يعدّ «الراقصة» الأوّل من نوعه في مصر، وكانت سبقته تجربة «هزّي يا نواعم» التي أشرف عليها المخرج سيمون أسمر، وعرضتها «أل بي سي آي» قبل سنوات. والبرنامج هو عبارة عن مسابقة دولية في الرقص الشرقي تتنافس فيها 27 راقصة من دول عدة منها مصر ولبنان والجزائر وفرنسا والأرجنتين وأميركا وروسيا وأستراليا واليابان ودول أخرى. وتتألّف لجنة التحكيم من الراقصة والممثلة دينا، والسيناريست تامر حبيب، والممثلة فريال يوسف. مع وضد بمجرد عرض الحلقة الأولى من الراقصة إذاً، انقسم المصريون بين رافض لعرض برنامج عن الرقص الشرقي، ومؤيّد له. بعض النشطاء من جماعة الإخوان، اعتبروا أنّ البرنامج دليل على أنّ دولة السيسي تحارب الإسلام. يكتب أحدهم: «هل رأيتم.. كانت حربا ضد الإسلام وليس ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي». وكتب الناشط السلفي أبو جنّة واصفاً البرنامج بالكارثة، لأنه «ينشر بين العوام أنّ الرقص ليس بعيب أو حرام وانه حق من حقوق المرأة». وكتب ناشط سلفي اخر رداً عليه: «الغريب أنّهم يقنعون الناس أنّ الرقص ليس حراماً، وأنّه فنّ وإبداع، وأنّ الراقصة أشرف من الشرف، ربنا ينتقم ممن يفشي الفجور». في المقابل ظهرت آراء مؤيّدة للبرنامج، إحداها للناشط المصري سامح ابو عرايس، الذي اعتبر أنّ «الراقصة» برنامج رائع لأن «نشر ثقافة الرقص الشرقي تساعد في مكافحة التطرف والارهاب. كنت أغضب حين أسافر الى دول أوروبية فأجدهم يحترمون الرقص الشرقي ويشيدون له مدارس بينما في مصر الاخوان والوهابيون وغيرهم من المتطرفين يقولون انه حرام، وينشرون ثقافة الاكتئاب والكراهية والنار والجسم عورة وكل هذا التخلف»، على حد تعبيره. حرب على الإسلام اعتبرت مجموعة من علماء الأزهر، أنّ البرنامج حرب على الإسلام، على رأسهم مظهر شاهين، مقدم البرامج الدينية وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والداعية الإسلامي خالد الجندي، والأستاذان في الأزهر أحمد كريمة وآمنة نصير، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ أحمد تركي. اشترك هؤلاء جميعاً بكتابة بيان أرسلوه إلى مكتب النائب العام المصري، اعتبروا فيه برنامج «الراقصة» حرباً على الدين الإسلامي، وطالبوا بإيقافه فوراً ومحاسبة القائمين عليه. ذلك على الرغم من أنهم يقولون في البيان: «لسنَا أوصياءَ على أحدٍ من النَّاس ولا نَبتَغِي ذلكَ أَبَداً.. وإنَّمَا نُمارسُ مَا أوجَبَهُ اللهُ علينَا جميعاً منَ الأَمرِ بالمَعروفِ والنَّهى عن المُنكر»، معتبرين أنّ «الراقصة» يتعارض والدستور المصري الذي «يحث على الاهتمَامِ بالقيَم الأَخلَاقيّة». تامر ضد الرقص! على قناة «القاهرة والناس»، استضاف أسامة كمال مقدّم برنامج «القاهرة 360» لجنة تحكيم البرنامج، وأعطاهم فرصة كاملة للدفاع عن فكرتهم. كذلك فعلت هالة سرحان، إذ استضافت فريق البرنامج في حلقة من برنامجها «آن الأوان» على شاشة «المحور». في المقابل هاجم تامر أمين «الراقصة» في برنامجه اليومي «من الآخر» على «روتانا مصرية» قائلاً إنّه «سيؤثّر بالسلب على الحياة السياسيّة في مصر، لأنّ الجماعات الاسلامية ستستغله للهجوم على الدولة»، مضيفاً بأنّه «يجب وقف البرنامج، فبدلاً من اكتشاف رجال اقتصاد وأطباء ومخترعين، تهتم «القاهرة والناس» باكتشاف الراقصات». مقالات عدة نشرت في صحف ومواقع مصرية تهاجم البرنامج بعد ساعات من عرض أولى حلقاته، ما دفع بالناشطة المصرية هبة منير للكتابة على «فايسبوك»: «ابتدوا يهاجموا البرنامج، وأنا متأكدة إنّه سيحقّق أعلى نسبة مشاهدة، شعب مريض بفصام الشخصية».