أين غبت يومين؟ أقول عبدالرحمن بجاش بالمباشر : غبت لأنني فجعت، والفجعة بعد أن رأيت شعارات ترفع كلها طائفية فجّة جعلتني أسأل : أين الثورة إِذَاً؟ أين الوحدة؟ يومان لم أستطع أن ألمس القلم، ولم يطاوعني هو!! فالشعار الطائفي بكل بساطة يعيدنا إلى نقطة الصفر، وسيجعلنا نقول : حفظ اللَّه أيام زمان، أليس كذلك؟ والآن إذا كنا جادّين فلا بد من تجريم كل مَنْ يرفع هكذا شعار، وإن كان قد سرى الآن كالنار في الهشيم، وأخاف من ردة الفعل، لا بد، والحال كذلك وبسرعة، أن يوجد تشريع يعتبر التحريض والإتيان بأي فعل يصب في الفعل الطائفي أو المناطقي، اعتباره قانوناً خيانة وطنية يحاسب صاحبها، مرتكبها كخائن للوطن، غير ذلك من كلام تأخذه الرياح لا يجدي، يجب أن يفهم الجميع أن هذا محرَّم. فجعت ليس لأن الشعار وجّه نحو منطقة أنتمي إليها، بل لأنني يمني وأمقت الطائفية بكل أشكالها وألوانها، وأمقت أصحابها أيَّاً كانوا، خاصةً الذين يلوكونها في الغرف المغلقة، ويظهرون كالحملان في الشارع يدّعون البراءة، وهم أخطر ممن يجاهر بها، فعلى الأقل قد يكون هذا مخدوعاً. وفجعت حين رأيت زملائي من الصحفيين حَمَلَة مشاعل الحرف يُضْرَبون، آخرهم الزميل عبدالكريم سلاَّم، وهذا فعل آخر لا بد أن نقف في وجهه، لأنه ببساطة قتل للكلمة ولا نرضى بذلك. وفجعت أكثر لأن هناك مَنْ يدفع اليمنيين إلى المواجهة، طرف بالصميل، وطرف باليد يدافع وتحت مجسم «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، مما يوجب القول أولاً لهؤلاء الذين لا يعيشون إلا تحت وطأة الأزمات، وهي فرصة مفترضة لاستحضار الحكمة اليمانية، فالوطن قد ينحدر إلى الكارثة، وقبل الوصول إلى الحافة لا بد من توافق حقيقي وصادق يؤدي إلى التغيير، وإن أردتم مَنْ هو أكثر منّي صدقاً لإحساسه فقدانه الحلم والأمل بفقدان كل شيء، لكنه لا يزال يأمل، فاقرأوا هذه الرسالة : } السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، وبعد : تصفون المثقفين والطلاب وخريجي الجامعات وخيرة أبناء الشعب بأنهم بلاطجة وباعة متجولون وشحاتون وووو...، وإذا كان أصحاب العلم وخريجو الجامعات والمثقفون هم البلاطجة وَمَنْ تصفونهم بهذا الوصف، فماذا سيبقى للبقية إِذَاً، أيضاً تقولون إن الذين خرجوا للتظاهر إنما هم من العاطلين عن العمل والفقراء والجياع، إِذَاً لماذا لا تسألوا أنفسكم لماذا هؤلاء عاطلون عن العمل، على الرغم من أنهم يحملون شهادات جامعية علمية وعليا وهم في هذه الحالة، هل تتعمد الدولة سياسة التجهيل؟ لماذا لا تعترفون بالواقع وتعالجون مشاكل هؤلاء الشباب العاطلين الذين يخرجون إلى التظاهر لأجل البحث عن العيش وتحسين معيشتهم؟ أأصبحتم تسخرون من العاطلين عن العمل وخريجي الجامعات ونسيتم أنكم أنتم المسؤولون أمام اللَّه والشعب عن هؤلاء، ماذا بيدهم أن يفعلوه والإنسان اليمني كلما تعلم وأبدع هوى في الحضيض ولن يستطيع حتى توفير لقمة العيش، مع العلم أن معظم مَنْ يشغلون الوظائف هم من أصحاب الوساطات والمحسوبيات حتى ولو كانوا بدون مؤهلات ولا شهادات تمهيدية، مَنْ ستغالطون؟ وكم ستزيّفون الحقائق؟ لماذا لا تكتبون عن عناصر الحزب الحاكم ومصادمتهم للمتظاهرين الباحثين عن قشة عيش؟ أين المهنية الصحفية؟ كيف تريدون أن تقنعونا بأنكم الأصلح والأنسب وأننا البلاطجة والعاطلون وووو...، ونحن لا نستطيع الحصول على لقمة العيش، مع أننا من خريجي الجامعات وبشهادات علمية عالية، حتى الشركات الخاصة داهمها الفساد وأصبحت لا تلتفت لأحد، وكذلك المختلط. إِذَاً، ماذا نعمل؟ أين نذهب؟ وما هو الحل ونحن أناس أبرياء ليس لنا صلة بالمعارضة ولا الحاكم، وكنا يوماً من الأيام مع الحاكم، على الأقل لماذا لا تؤهلنا الدولة لكي نتحمل مسؤولية أنفسنا بأنفسنا؟ وإلا إذا كان خريجو الجامعات والعاطلون عن العمل بلاطجة فلماذا تفتحون الجامعات؟ ولماذا لا تعتمدون على (...) حتى تكملوا مشوار الدولة المدنية الحديثة. صفوان عبدالكريم قاسم الشرعبي وهذه رسالة أخرى : } السلام عليكم، اشتي أسمع رأيك حول الوضع الراهن الذي تعيشه اليمن، وما هو دورنا نحن الشباب اليوم قبل فوات الأوان ونحن نشاهد سلمنا الاجتماعي في خطر حقيقي، والأحزاب تحشد أنصارها للاقتتال في الشوارع؟ وما رأيك في تشكيل فريق يضم علماء ومفكرين وشخصيات اجتماعية للضغط على الأحزاب للحوار فوراً؟ علي محمد الزهيري الأولى استلمتها عبر الفاكس، والثانية في الفيس بوك، وكلتا الرسالتين تصبان في خانة الخوف على البلد وفقدان الشباب للأمل والحلم، ألا يستحق هؤلاء، وهم يمثلون السواد الأعظم من الناس، أن يستمع إليهم أحد، يناقش مشاكلهم أحد، هم إِذَاً ونحن إضافةً إلى خوفهم على الوطن وعلى مستقبلهم، ولذلك لا يجدون إجابات على أسئلتهم، يدركون وندرك نحن أن عدو هذه البلاد الحقيقي، الذي أوصلها إلى هذا المنعطف، هو الفساد، هذا الغول الذي يتمدد كل لحظة، كل ساعة ويلتهم الحياة بكل جمالها، والفاسدون لا يزالون «يبهررون» ويضربون عرض الحائط بكل دعوات إنقاذ الوطن، لأن لهم مصلحة في استمرار تأزم الأوضاع. لماذا لا تبادر الدولة وتبترهم من الجسد الواحد ليتفق الناس على أن هناك توجهاً للتغيير، وبالنسبة للآخرين لن أزيد على ما قاله محمد قحطان من كلام قائم على العقل والحكمة، يفترض في المشترك أن يقرأه وتقرأه الدولة ويقرأه الآخرون ويستحضر الجميع الحكمة المطلوبة، ولكن التي تؤدي إلى تغيير الأوضاع، وأولها شل حركة الفساد، فيكفي ما نهب وما أخذ. والقلق الذي أبداه هذان الشابان، وهما لا ينتميان إلى أحد سوى الوطن، جدير بقراءة ما في رؤوسهم بالسماع لهم وتحقيق أمانيهم وأحلامهم وإحياء الأمل في نفوسهم. الآن الوطن كلٌّ يجرّه باتجاهه وتحت شعارات لن تؤدي إلا إلى الكارثة، فهناك مَنْ يدعو إلى الانفصال، وهذا من المحرّمات في نظرنا ونظر أي عاقل، وهناك مَنْ يدير الأمر تحت شعار طائفي، وهذا الآخر محرّم - أيضاً - وبكل ما في الفم من كلمات وبكل ما في العقل من منطق. وهناك مَنْ يعمل على التخريب وتكسير محال الناس والممتلكات العامة، وهذا ما لا يرضاه أي عاقل، وكلنا مع المطالب الحقيقية في تغيير الأوضاع إلى الأفضل، فقد سئمنا بالفعل. لا نريد للوطن إلا أن يجر - فقط - إلى وجهة واحدة، إلى المستقبل الأكثر حلما وأملاً.