أعلن تنظيم القاعدة إمارة أبين الإسلامية في اليمن بعد أن استولى مقاتلو حزب أنصار الشريعة الموالين للتنظيم الإرهابي الدولي الشهير على أغلب أجزاء المحافظة، وهناك أقاويل وتصريحات كثيرة في اليمن بأن القوات الموالية للرئيس صالح تلقت أوامر بالانسحاب من هذه المحافظة كي يكشر تنظيم القاعدة عن أنيابه المرعبة فيشعر المجتمع الدولي بحاجة ماسة لخدمات علي عبد الله، كل هذا غير مهم فالمهم هو أن رجال القاعدة أعلنوا إمارتهم الجديدة الصغيرة التي لن تختلف بالطبع عن نموذج إمارة طالبان الإسلامية التي أطاح بها الأمريكان في أفغانستان، واليوم يدير أنصار الشريعة المؤسسات والمرافق العامة ومراكز الشرطة والأسواق كما باشروا بعض مشاريع الصيانة في إمارتهم الجديدة التي رفعوا أعلامها السوداء فوق كل المرافق الحكومية في أبين!. وبالطبع يعرف غالبية الناس قدرات تنظيم القاعدة في أعمال الإرهاب والتفجير والتفخيخ والانتحار ولكنهم لا يعرفون قدراته على إدارة الشؤون البلدية والصحية والتجارية والقضائية والإعلامية، فالمعروف أن تنظيم القاعدة متخصص في الهدم وليس من ضمن تخصصاته البناء أو الترميم، ولكنه اليوم يدير إمارة تابعة له لذلك شكل التنظيم لجانا وهيئات متعددة لإدارة شؤون خدمات الإمارة، وكان من أبرز قرارات اللجان البلدية في هذه الإمارة تغيير اسم مدينة (جعار) إلى (وقار) ! .. وكذلك استبدال أنابيب الصرف الصحي التي تدمرت خلال المواجهات مع قوات الجيش. وقد حرص أنصار الشريعة على البت السريع في الدعاوي القضائية التي تراكمت في المحاكم لسنوات طويلة بسبب الفساد، وقد نشرت تقارير صحفية مشاهد تجمع الكثير من السكان الذين لديهم قضايا معلقة أمام مراكز الشرطة حيث يتواجد فيها أنصار الشرعية ليحكم القضاة الجدد في الدعوى القضائية ويقولون الكلمة الفصل بين المتنازعين خلال جلسة واحدة أو ربما دون جلسة (على الواقف) !. من ناحية أخرى طلب أنصار الشريعة من باعة القات التواجد على أطراف المدينة وليس في وسط السوق وقد فسر البعض هذه الخطوة أنها مقدمة لحظر القات ولكن متحدثا باسم أنصار الشريعة أكد أن هذا الأجراء تنظيمي بحت بسبب الزحام الذي يسببه باعة القات في وسط الأسواق إضافة إلى ضجيجهم وقت الصلاة وبعض المخالفات مثل فرض الأتاوات على من يدخل السوق، وقد شكل التنظيم هيئة لمراقبة الأسواق والتأكد من إغلاق الدكاكين وقت الصلاة. أما بخصوص الحريات الإعلامية فقد تم منع أنصار الشريعة توزيع العديد من الجرائد اليمنية ورد متحدث باسم التنظيم على شكاوى هذه الصحف بالقول بأنه ليست لديهم مشكلة مع الجرائد ولكن يرفضون توزيع الصحف التي تنشر مواد صحفية تضر عقول الشباب عبر ما أسماه (ثقافة غشاء البكارة) أو تروج لأفكار هدامة، كما أصدر أنصار الشريعة بيانا يطلبون فيه من جميع النساء عدم الخروج من بيوتهن إلا في الحالات الضرورية، وتم منع أعضاء الحراك الجنوبي من تنظيم فعالياتهم الأسبوعية التي كانوا يقيمونها طوال العامين الماضيين لأن ما يدعو له الحراك الجنوبي يتعارض مع أهداف أنصار الشريعة الذين يسعون للوحدة العربية والإسلامية (يعني راعين طويلة) !. ماذا عن الناس في أبين؟... تقول التقارير الصحفية أن أغلب السكان وجدوا أنفسهم مضطرين للتعايش مع الأمر الواقع بل أن بعضهم خرج للشوارع احتفالا باستيلاء أعضاء الشريعة على المدنية، ولن يكون غريبا لو وجدوا أن أداء مقاتلي التنظيم في أفضل من أداء السلطات اليمنية التي غرقت حتى أذنيها في الفساد والبيروقراطية، لا أدري ولكنني أشعر أن هولاء الناس سوف يعيشون حياة سوداء كالأعلام السوداء التي ترفرف فوق المراكز الحكومية في أبين !. [email protected]