حمد الكعبي : مع تحقيق المكاسب المتلاحقة والانتصارات العسكرية المؤزرة لمصلحة الشرعية اليمنية وانحسار الخطر الإرهابي و«الحوثي» في المنطقة، تم أيضاً إنجاز تقدم ملحوظ على كل المستويات المدنية والتنموية، وإعادة الحياة للعديد من المحافظاتاليمنية، وبثت فيها روح إعادة الأمل والعمل، ما لقي قبولاً وتأييداً واسعين لدى المواطنين اليمنيين، بفعل مكاسب تحرر من قبضة الغاشم «الحوثي» والمنقلبين على الشرعية اليمنية، وبالموازاة مع ذلك تحقق أيضاً تقدم سياسي لمصلحة الشرعية في المشاورات اليمنية الجارية في الكويت. وإلى ذلك فقد آتت الحرب على الإرهاب أكلها وقضت على الخطر الداهم الذي كان يتهدد المنطقة وشعوبها، وعلى رغم السنوات الطويلة التي أمضتها القوى الدولية في جهودها الرامية للقضاء على «القاعدة» وغيرها من تنظيمات العنف والإرهاب، ومع تواتر شن الغارات عليها، فإن خطرها الكبير وشرها المستطير ظل ماثلاً ولم تؤثر عليها تلك الضربات، ولم تقضِ عليها بشكل حاسم، أو تحد من انتشارها السرطاني الشيطاني، بل بالعكس ظلت تنتشر وتتطور وتفتك بالشعب اليمني وشعوب دول أخرى في المنطقة.
وفعلياً منذ عام 2001 والغارات والطائرات من دون طيار وصواريخ «كروز» تستهدف خلايا وشراذم «القاعدة» في اليمن، بهدف منع انتشار الإرهاب، لكن كل ذلك الجهد لم يحقق الحد المطلوب ولم يحيّد خطر التنظيم الإرهابي. ولكن بفضل التحالف العربي وقيادته وتصميمه وحزمه وحسمه، وفي أقل من سنة، استطاعت قواته قصم ظهر «القاعدة» وغيرها من تنظيمات الإرهاب بشكل عام في اليمن، واقتلاعها من جذورها الممتدة، التي ظلت معششة طيلة السنوات الماضية. والإرهاب في الداخل اليمني لم يقتصر على جماعة «القاعدة» وحدها، بل شمل «الحوثيين» والانقلابيين الذين أجرموا وعربدوا، واقترفوا جرائم حرب، انتهت بالزج بالبلد في ويلات وأتون الحرب والسماح للفرس بالتدخل في القرارات المصيرية لليمن. كما أن ممارسات «الحوثيين» الطائفية واحتلالهم لمحافظات وطردهم لليمنيين منها، وإمعانهم في قتل وتشريد أهاليها، لم يكن مختلفاً في شيء عن ممارسات «القاعدة»، فكلاهما في الإرهاب سواء وشركاء في خلق حالة عدم الاستقرار في الواقع. بل إن تعاونهم على الإثم والعدوان خير دليل على أطماعهم السوداء ورغباتهم في خلق فوضى عارمة ليس في اليمن فقط، وإنما في المنطقة كلها.
والآن، بعد تدخل التحالف العربي لردع المعتدي وفقاً للشرعية الدولية وصد خطر الإرهاب، أصبح من السهل واليسير تكرار التجربة والقضاء على شر الإرهاب في أي مكان آخر، بعدما أدرك العرب أن قوتهم في تحالفهم وانتصارهم مرهون بوحدتهم، وتجمعهم والتفافهم حول بعضهم بعضاً.
إن مكائد الإرهاب المنظم والأجندات الخارجية حاولت طيلة السنة الماضية النيل من ذلك النجاح والإنجاز العربي والانتصار المحسوب للمنطقة وشعوبها، وذلك ببث الدعاية السوداء والتشكيك وشن الحملات الإعلامية الرخيصة ومحاولة تشويه الصورة الحضارية في التعامل مع هذه الأزمة، والدور العربي الكبير في صد خطر التمرد عن الآمنين، وانتزاع الأسلحة وتدميرها من أيادي العابثة والباطشة، وتحييد خطر مخازن السلاح المعبأ منذ سنوات في حوزة الانقلابيين وتدميرها، وكل هذا كان هو الحل الأمثل، ولقي الحظ الأوفر من عمل التحالف من أجل القضاء على التمرد والتخلص منه ومن شروره.
إن الحوثيين بتجنيدهم للأطفال وإرغامهم على إطلاق النيران يقترفون جريمة حرب ينبغي محاسبتهم عليها، ومحاكمتهم على اقترافها، ووضع حد لهذه العصابة المتمردة المارقة ولممارستها وفقاً للقوانين الدولية التي تحظر عمل الأطفال، فما بالكم بالزج بهم في أتون الحروب والنيران.
لقد كانت الأطماع الفارسية تنوي تحويل اليمن إلى ضاحية أخرى كما هو الحال في لبنان، والسعي لتقويض الرأي الآخر ومصادرة الحريات واللعب بتأجيج نار الحرب الأهلية وإيجاد من ينفذ أجندتها وطائفيتها حسب أهوائها. ولكن اليمن السعيد الجديد، لن يكون أبداً على أهوائها، وإنما على شرعيته وفقاً لما أراد له شعبه وأهله، ولن يسمح لهم بتحويله إلى بلد طائفي، ولا مكان فيه لكل ذي نفَس طائفي لا يقبل سوى نفسه ولا يعمل إلا لمصلحته.