عندما وصل وفدا الحكومة وأنصار الله/ المؤتمر الشعبي العام، لبدء مباحثاتهما تحت رعاية كريمة من أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، كان من المؤمل أن يرتقيا إلى مستوى المسؤولية الأخلاقية والوطنية لإنهاء معاناة المواطن اليمني البسيط، لكن ما جرى منذ 18 أبريل حتى يومنا لا يفصح عن مقدرة نفسية للتغلب على الأنانية والعناد، وأضحى واضحا أن الوطن ليس الهدف النهائي مما يجري في (قصر بيان). للأسف، أن مرور عام على فشل جولات اللقاءات بين الأطراف اليمنية التي بدأت بسويسرا في شهر يونيو 2015، ثم استؤنفت دون نجاح يذكر منذ أبريل الماضي بالكويت، زاد من معاناة اليمنيين في الداخل والخارج، ومرد ذلك أن المعايير الأخلاقية والوطنية لدى الطرفين لم ترتفع إلى حد يجعلهم يدركون أن اليمن أكبر وأغلى وأهم منهم جميعا. من المؤسف القول، إن الأفق المسدود هو المتاح أمام اليمنيين بسبب انشغال الأطراف اليمنية القادرة على الحسم بقضاياها الذاتية وإن حاولوا تغطيتها بشعارات واشتراطات عقيمة غير مجدية؛ لأن اليمني البسيط لا يتابع كل ما يدور في (قصر بيان) إلا ليعلم هل ستتوقف الحروب الداخلية ومتى، وهل سيتمكن المجتمعون هناك أن يضعوا جانبا مستقبلهم الشخصي. من غير المعقول أن تستمر دولة الكويت وأميرها منشغلين لإرضاء رغبات اليمنيين المقيمين في (قصر بيان) وفض الاشتباكات والخلافات اليومية بينهم، بينما هؤلاء لا يقيمون لذلك أي اعتبار أخلاقي ولا أدبي. خلال كل هذه الفترة، يستمر عبث سلطة (الأمر الواقع) داخل المؤسسات الحكومية في المناطق التي ما زالت تخضع لقبضتها العسكرية، وبمرور الوقت يزداد عجزها عن تقديم خدماتها للمواطنين، وفي المقابل حدث الاضطراب والتكاسل في أداء مؤسسة (الشرعية) وانشغالها في ترتيب أوضاع شخصية بعيدا عن هموم المواطنين، وإذا ما أضفنا إلى ذلك التدهور اليومي لسعر العملة اليمنية إلى مستويات غير مسبوقة خلال فترة قياسية، فإننا سنجد أنفسنا أمام فاجعة اقتصادية ستزيد من أحزان الناس وفقرهم ومعاناتهم، وكذلك حنقهم على الجميع، ولا يجب على الحكومة التلويح بالمزيد من محاولات الضغط على الوضع المالي لأن المواطن سيتحمل وحده أعباءه ونتائجه. المواطنون سيعانون آثار كل تأخير في التوصل إلى اتفاق في الكويت، وهم غير مكترثين لتفاصيله التي يقضى ضيوف (الكويت) وقتهم في بحثها صباح مساء ثم نفاجأ بأنهم بعد مضي ما يقارب الشهرين ما زالوا عند نقطة البدء، ورغم تطمينات السيد إسماعيل ولد الشيخ بقرب التوصل إلى وثيقة نهائية إلا أن ذلك لم يحدث، وأخشى القول إنه لن يحدث قريبا إلا بمعجزة في زمن قل وقوعها. أتمنى أن يدرك الوفدان أن معاناة اليمنيين قد بلغت حدا يلزمهما بتقديم تنازلات كبرى تسمح ببصيص أمل في عتمة الليل الحالك الذي يعيشه اليمن منذ يناير 2015. * كاتب يمني وسفير سابق: