* مرَّت أيَّام من الخطابة داخل مؤتمر الحوار.. وهي مدَّة كافية فضفض فيها الجميع أمام الجميع.. الذين أسهبوا والذين أوجزوا عبَّروا عمَّا في أنفسهم وكل شخص ونصيبه من القدرة على التوصيل. * ولقد كان مقبولاً في الأيَّام الماضية أن يتبارى بعض المتحاورين في استعراض الخطابات الانتخابية وحتى الاستفزازية شأن أيّ بداية يحاول فيها كل مشارك تقديم أبرز ما عنده من أولويات ومفردات تعبِّر عمَّا يعتمل من الإحساس تجاه مجمل قضايا الساحة. * وما ليس مقبولاً أو واقعياً أن يستمرّ المتحاور عند ذات الخطاب الاستعراضي في مؤتمر الحوار مثقل بالقضايا التي لا تحتاج للتنظير ولا إلى التشنيع وإنَّما إلى استعراض ما هو كائن من الأوجاع وإبداع الحلول لما ينبغي أن يكون.. لأنه إذا كان مطلوباً من الحكومة وأجهزتها التنفيذية أن تحسن إدارة أمور الشعب بنزاهة وإخلاص وطهارة فإن على المشاركين في مؤتمر الحوار أن يبدعوا حلولاً للقضايا الحوارية الشائكة تأخذ في الاعتبار أن حقَّ اليمنيين في التغيير حقٌّ أصيل.. لكنه التغيير إلى الأفضل في كل شيء.. وفي المقدِّمة تغيير الخطاب المزايد. * ودائماً فإن الحفاظ على المبادئ والمصلحة العليا للوطن هو في ميزان الأخلاق والأحزاب المكسب الحقيقي الذي يلمسه المواطن والوطن في صورة انقشاع للمشاكل الجاثمة على الصدور.. وهو وحده قادر على طمأنة الشعب وإمكانية العيش في فضاء من الأمل. * وصحيح لا يجوز أن يكون بيننا مَنْ يحاول الفصل بين المتحاورين وبين حقّ كلٍّ منهم في التعبير.. غير أن التعبير وتأكيد الحضور الإيجابي لا يتمّ بانتهاج النكش المستمرّ في الأوجاع وإذكاء الصراعات.. وهو نهج نعرف كيف أنه كان سبباً لكل حوار تسبقه مواجهة وكل حوار يفضي إلى صدام. * نريد لحوارنا أن يتفتَّق حلولاً.. والحلول لا تأتي إلاَّ بالاصطفاف التقاءً حول فكرة الوطن.. والاصطفاف لا يتمّ بدون توافق.. والتوافق لا يكون إلاَّ ثمرة للرغبات الصادقة في إنجاز تسامح وتصالح ويضع الحلول لمجمل القضايا المطروحة. * لقد تكلَّم البعض عن الوطن وأهمِّيَّة مغادرة واقع اللادولة.. وحدَّدوا مواقف واضحة من بناء الدولة وشكلها والوحدة وصيغها وقضايا المحافظات وسكانها.. وبقي واجب الدخول في المحدِّدات والتفاصيل والاهتمام بمخرجات تسوية صاغها الشقيق والغريب.. وبقي على أهل الدار أن يتوقَّفوا - سيِّدات وسادة - عن استعراض الخطابة.. والمنتظر منهم أن يتوافقوا على كل ما ينفع الشعب وينتصر لليمن ويبني الدولة.. فهل مؤتمر الحوار الوطني الشامل جاهز لهذا الدور؟