الحوادث المرورية في البلاد تزداد عاما بعد عام.. والناس لا يعتبرون ولا يفتهم لهم، على كثرة إدارات المرور ورجال المرور وأسابيع المرور وإرشادات المرور ونصائح ومحاضرات المرور، والتحذير من المرور في أماكن خطرة، مع وجود البدائل. وضعت أمانة العاصمة شباكا من حديد سميك بين خطي الذهاب والإياب في شارع الستين لإجبار الناس على الانتقال من جهة إلى جهة عبر الجسور المعلقة، ومع ذلك يتجنب كثيرون العبور من فوق الجسور، ويصرون على عبور الشارع الخطر الذي تسير عليه السيارات بسرعة عالية، وهو في الأساس طريق سريع.. يتركون الجسر المعلق فوق رؤوسهم، ويعبرون الشارع الخطر ويتسورون الشباك الحديدة بإصرار عجيب، فهل على أمانة العاصمة زرع ألغام عند تلك الشباك أو كهربتها ليمتنعوا عن المخاطرة بأرواحهم؟ يقال إن أسباب الحوادث سيارة خربة، انشغال السائق بالحديث مع ركاب، تاير هالك، حمولة زايدة، طريق مدري ماله.. وهذا صحيح، لكن بمقدور الإنسان صيانة سيارته، وأن لا يشتري تاير هالك، وأن لا ينشغل بغير القيادة، وأن يحذر الطريق، ويتبع الإرشادات، ويعبر من فوق الجسر المعلق بدلا من المخاطرة في الطريق السريع. سيارة هيلوكس تهوي إلى منحدر بحجة، ويسقط معها 35 قتيلا هم جميع ركابها، ومن أسرة واحدة، وسيارة سوزوكي تهوي في سمارة ويموت ركابها الاثنا عشر، بينما النصراني صنعها لأربعة فقط.. هل قرأتم أو سمعتم أن سيارة هيلوكس في أي بلد في العالم سقطت ومات 35 راكبا كانوا فوقها؟ هذا لا يحدث إلا في اليمن، لأن السيارة المخصصة لخمسة، وحمولتها القصوى طن واحد يركبوا فوقها 35 آدمي وطنين بضائع. كتب الشاعر القمندان قبل نحو تسعين عاما قصيدة عن المواتر التي "حملوا الركاب فيها أربعين- كأنها قصعة حشوها ساردين".. " تبصر الموتر حنينه مفجعه- حمله مولاه لما شبعه".. "صف والبنكة عليها أربعة- من صبر جالس ومن مل استقام".. "اركبوا ما قدر الله با يكون- الكراء بس ادفعوا وافي تمام".. وتلك المشاهد التي انتقدها قبل نحو تسعين سنة، هي هي إلى اليوم من حيث النوع، وزادت من حيث الكم، وحينها كانت الوفيات نادرة، بينما يموت ويصاب أكثر من خمسين يمنيا في اليوم الواحد.. في الشهور الأربعة الأولى من عامنا هذا قتل وأصيب 5368 شخصا بسبب حوادث المرور، أي بمعدل 1342 في الشهر، هل يفعل السرطان وأمراض الكبد هذا؟