اليمنيون يتطلعون لطى هذه الصفحة الدموية الظلامية من تاريخهم ويأملون إعادة الإعمار. البناء وإعادة الإعمار هما الأمل الذى يتصبر به أبناء اليمن، ابتداءً ببناء الشخصية اليمنية التى تمزقت بين التحالفات والمواقف، ثم استكمال بناء الجمهورية التى اختطفت والدولة التى استبيحت، ومن ثم المؤسسات والبنى التحتية التى دُمرت. اليمنيون يتطلعون ليمن جديد بعد كل ما عانوه على مدى عقود، وكابدوه خلال الأعوام الأخيرة. وفى ظل تزايد معاناة الشعب اليمنى يطل علينا خبر تكليف قيادة المملكة ممثلة فى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده الأمير محمد بن سلمان، سفير المملكة العربية السعودية لدى اليمن، محمد آل جابر، مشرفا على ملف إعادة الإعمار، وهى القيادة التى كانت، ولا تزال شديدة الحرص على اليمن والشعب اليمنى، وهذا كخبر مبشر يشعرنا كيمنيين بالاطمئنان للمستقبل، فهذا الرجل الذى لم يتخلَ عن اليمن واليمنيين فى أحلك الظروف كانعكاس لسياسة المملكة الثابتة تجاه اليمن، كما ساندته فى كل المراحل، تؤكد أنها ستقف دوما مع بلادنا فى مرحلة استعادة الدولة والإعمار، واليمنيون قد رأوا من السفير آل جابر من المبشرات خلال مرحلة مهمة ما يشعرهم بالاطمئنان. هناك مقومات عدة تجعل من هذا الرجل عنوانا للتبشير، فلا يخفى عن أحد دوره اللافت والمهم فى أصعب المراحل، حين اجتاحت الميليشيات صنعاء، وكيف أسهم فى تلك الفترة وبحنكة متناهية فى الحفاظ على الشرعية، بالتعاون مع القيادة السياسة اليمنية، وهو الدور الذى تكرر بشجاعة واستبسال فى عدن، أقل ما أُعلن عنه دوره فى إجلاء البعثات الدبلوماسية، وكلها أدوار تفوق صفته الدبلوماسية، وتتفوق عليها، هى فى الحقيقة انعكاس لشخصية البدوى المثابر ورجل المواقف الحقيقية، مقدما نموذجاً لمن يحمل تمثيله لبلده فى وجدانه عاليا فى أحلك الظروف، وهو شقيق اليمن كما ارتأيت أن أصفه. السفير آل جابر أخو اليمن واليمنيين، الحاضر الدائم فى مفاصل الإشكالية اليمنية، المتعمق بشخصيتها وتشخيصها وأبعادها، والملم بالكثير من تعقيدات الفسيفساء السياسية وتداخلات المشهد، وفى مثل هذه الحالات يتطلب الأمر التمرس والانغماس، وكذلك العلم والثقافة، بالإضافة إلى المهارات الشخصية، كالذكاء وسرعة البديهة، وهى سمات يمتلكها الدبلوماسى الشاب. لم يسعفنى الحظ للقاء الرجل سوى مرة واحدة وسريعة، لكن الانطباع الذى ترسخ عندى هو ما يتحلى به من تحديد القضايا ووضوحها لديه والبداهة العملية والإنجاز، وهى مواصفات الشخصية التى تتطلبها المرحلة. والمفارقة أنه وبعد عدة أيام من اللقاء كنت قد دعيت للمشاركة فى إطار عمل بحثى لمؤسسة دولية نناقش فيها (رؤية المملكة 2030)، وكان السفير آل جابر حاضرا فى ذهنى كنموذج للتوافق والانسجام بين ما يملكه من إمكانات ذاتية واثقة تتناغم، وتعكس السياسة السعودية الجديدة الفتية فى سياق الحزم والعزم والانفتاح على العالم، وهى الرؤية الذكية والاستشرافية التى يرسمها ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان والهادفة إلى تقديم نموذج الشباب الفتى الواثق المنجز للعالم. وحين يتطلع كل مراقب للشأن اليمنى لا يمكن أن ينكر جهود السفير آل جابر، ممثلا لسياسة المملكة، وهو يتنقل بين العواصم العربية والمحافل الدولية لشرح وتوضيح أبعاد القضية اليمنية، باذلاً الجهود المضنية للتشبيك، بين ما يخدم وطنه، وما يخدم اليمن واليمنيين فى آن، فى ظل هذه الفترة العصيبة والمتداخلة التى تحتاج للجهود العملية، وهو لها، كما أثبت على الدوام. إعادة الإعمار، كما نراها، تدخل ضمن عملية إعادة الأمل، وهى عملية طويلة ممتدة، يحتاجها اليمنيون، وستنعكس بآثارها الإيجابية على المنطقة، وتكليف السفير آل جابر بالإشراف على ملف إعادة الإعمار باليمن لن يكون آخر التكليفات التى نثق بأن منجزاتها تحتاج إلى إمكانات حقيقية يمتلكها الدبلوماسى الشاب.