في الوقت الذي يتظاهر الأوروبيون قبل العرب ضد العدوان على سوريا، وينادي رؤساء دول أمريكا اللاتينية لوقف العدوان ويدعون شعوبهم للتظاهر ، وينادي مندوبو كثير من الدول داخل مجلس الأمن لحل القضية السورية سياسيا رافضين الخيار العسكري؛ يفاجئنا من يفترض بهم أنهم يمثلون إرادتنا ويعبرون عن آلامنا وآلامنا بأنهم من يصرون على عملية عسكرية على سوريا لأن النظام السوري يتحمل مسئولية استخدام السلاح الكيماوي!! ب "نحمل النظام السوري مسئولية استخدام السلاح الكيماوي في سوريا بغض النظر عمن استخدمه" !!بهذه الكلمات خرج وزراء خارجية الدول العربية يزفون البشرى للأمة العربية ببيان يدعون فيه "المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته"!! وما آلمني أكثر ما قيل (ولا أدري هل هو تبرير للعدوان أم تفسير لما لا يستوعب؟) في المؤتمر الصحفي لأمين عام الجامعة ووزير الخارجية الليبي عقب جلسة وزراء الخارجية حيث قال الأخير "إن النظام السوري يتحمل المسئولية بغض النظر عمن استخدمه؛ لأنه يمثل الدولة السورية وبالتالي هو من يتحمل مسئولية ذلك"!! أصبح مصير سورية على المحك وعلى قاعدة "فعلت أم لم تفعل فأنت المسئول" التي يحتفظ العرب بحقهم الفكري بوصفهم من ابتكرها ولنا أن نفاخر بها أمام الأمم؛ فأنت تفتح على ضوء هذه القاعدة بابا لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا من أي طرف كان لأن المسئولية ملقاة سلفا على النظام السوري.. الشماعة الجاهزة لتحميل عجزنا وسوئنا وغبائنا. وأنت كذلك تنظِّر لعلاقات سياسية جديدة في النظام الدولي ستطبق في أي بلد عربي صوت مندوبه في الجامعة العربية على ذلك، أما من هو المسئول حينها فلن تحدده معايير منطقية بل معايير مختلفة تماما يكون محور ارتكازها مراكز القوى وعلاقاتها الإيجابية أو السلبية مع تلك الدولة!! نعلم يقينا أننا منذ عرفنا الجامعة العربية لم نعقد عليه أملاً فما يصدر عنها لا قيمة حقيقية له على أرض الواقع السياسي ولا تتعدى قراراتهم الشجب والاستنكار أو المطالبة، وفي أقصى حد "التحذير من مغبة" مع جمع بعض التبرعات فيما يخص القضية الفلسطينية، لكننا خلال السنتين الماضيتين وجدنا تغيرا واضحا في نهج الجامعة ربما هو من تداعيات رياح التغيير القادمة إلى وطننا العربي الكبير، وهذا التغيير يتمثل في الإجهاز على بقية الأنظمة التي لم تسر وفق النهج الذي رسم لها لتعيش الأقطار العربية التي لم تتقبل فكرة وجود قوة عسكرية أجنبية في حالة فوضى وصراع داخلي وعدم استقرار، ولن تصل إلى ما كانت عليه إلا بعد سنين طويلة تكون قد أكلت الأخضر واليابس وبعد أن تكون قد آمنت بالتبعية السياسية وارتهان قراراتها لمراكز القوى تلك.