مؤتمر جنيف 2 الذي يجري تحضيره، تعسرت ولادته أكثر من مرة وكان من المفترض عقده في 23 نوفمبر، لكن المصادر تشير إلى إرجائه حتى يناير 2014، وذلك للتحضير الكامل مع جميع الفرقاء المشاركين فيه وللتوصل إلى نتائج تنهي الصراع الدائر منذ قرابة ثلاثة أعوام. تركيا- انتقل الملف السوري إلى مرحلة جديدة في إطار قرب عقد مؤتمر «جنيف2»، حيث بدأت الدلائل تظهر مشاركة إيران في مفاوضات السلام من عدمها، ويأتي هذا التطور بعكس رغبة المعارضة السورية الرافضة لمشاركة إيران، وتتزامن هذه التطورات مع تسريبات تفيد بتأجيل عقد مؤتمر مفاوضات السلام السوري إلى العام الجديد، إذ كان من المفترض عقده في نهاية الشهر القادم، حيث يتواجد المبعوث الأممي اليوم في دمشق ليبحث مع النظام سبل إنهاء النزاع الداخلي. وبدأت تظهر الرغبة الدولية في مشاركة إيران في مفاوضات السلام الدولية بشأن سوريا بشكل واضح، ويتجلى ذلك في التقارب الإيراني الأميركي، حليف المعارضة السورية، وتصريحات المبعوث الأممي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، أول أمس خلال زيارته لطهران، حيث وصف مشاركتها ب «الطبيعية والضرورية». في المقابل تصر بعض قوى المعارضة السورية وبخاصة الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة والفصائل العسكرية في الداخل السوري على استبعاد أي دور للجمهورية الإيرانية في حل الصراع السوري، الذي بدأ باحتجاجات سرعان ما تحولت بعد عدة شهور إلى ثورة مسلحة نتيجة استخدام العنف من قبل قوات الأمن السورية بحق المتظاهرين السلميين. وقال منذر آقبيق، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري الوطني، إن مشاركة إيران في مفاوضات السلام السورية غير مقبول بالنسبة إلى المعارضة السورية رغم الضغوط الروسية الساعية إلى مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف2». ويصل الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، اليوم الاثنين إلى دمشق، حيث يلتقي مسؤولين سوريين لإجراء المشاورات والتعرف على مطالب النظام السوري. وكان الإبراهيمي قد أنهى أول أمس جولته في إيران، في إطار جولته الشرق أوسطية لإحياء الآمال وحشد الجهود في عقد مؤتمر «جنيف2»، حيث أكد مشاركة إيران فيه. وقال آقبيق ل «العرب» إننا «في الائتلاف السوري نرفض مشاركة إيران في المفاوضات، ولكن هناك ضغط واضح من قبل روسيا والإبراهيمي» وترفض المعارضة السورية وبخاصة الائتلاف الوطني مشاركة إيران في مؤتمر السلام الدولي بشأن النزاع السوري الذي راح ضحيته قرابة 115 ألف شخص منذ مارس 2011، معتبرة أن «إيران جزء من المشكلة وليست جزءً من الحل». وقال آقبيق إن «موقفنا حتى الآن هو رفض المشاركة الإيرانية، ولا أستطيع التنبؤ بما يمكن أن يحصل مستقبلا». مستدركا «نحن نضع شرطا هو انسحاب حزب الله و الحرس الثوري و الميليشيات العراقية من التراب السوري قبل إعادة النظر في هذا الأمر»، في إشارة إلى أن مشاركة إيران في المؤتمر الدولي قد ترتبط بشروط المعارضة السورية وهي انتقال السلطة، ووقف الدعم لقوات الأسد، وسحب العناصر والمقاتلين الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين المساندين للنظام السوري . ويرى محمد زهير الخطيب، عضو المكتب السياسي في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، أن «السبب كما يبدو تحسينا لوضع النظام السوري أو استجابة لرغبته في دور إيران المنحاز والطائفي مع النظام السوري، فالثورة السورية لا مصلحة لها في إشراك إيران، بل هذا من مصلحة النظام السوري». وعن تراخي القرار الأميركي بشأن مشاركة إيران في «جنيف2» يقول الخطيب ل «العرب»، إن «أميركا قد ترغب لحدّ ما في مشاركة إيران لإدخالها في صفقة موسعة قد تشمل نشاطات إيران الذرية وسلوكها التوسعي في المنطقة، وجنيف سيكون فيه بحث في القضية السورية وكثير من تصفيات الحسابات للصراعات الإقليمية في المنطقة». ويرى كثير من المعارضيين السوريين أن التقارب الأميركي الإيراني في الآونة الأخيرة بشأن الملف النووي لا يصب في مصلحة الشعب السوري، وقد يؤثر سلباً على حقوقهم ومتطلبات الثورة في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتذهب الدول الغربية حلفاء المعارضة السورية إلى مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف2» شرط الاعتراف ببنود جنيف1 ، والتي نصت على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، ووقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن، وحرية التظاهر والإعلام في البلاد. وتواجه المعارضة السورية في إسطنبول ضغوطات مكثفة من قبل الدول الغربية، وبخاصة الولاياتالمتحدة الأميركية عبر سفيرها السابق في دمشق روبرت فود، الذي اجتمع مع المسؤولين المعارضيين السوريين لعدة أيام متواصلة لإيجاد أرضية مشتركة وأقنعهم بالجلوس على طاولة المفاوضات في جنيف. وبشأن تلك الضغوطات الدولية قال آقبيق إن «اجتماع لندن الأخير والبيان الصادر عنه يفي بأغلب طلبات الإئتلاف خصوصا من جهة عدم وجود دور للأسد في مستقبل سوريا، والتطبيق التدريجي للنقاط الست، والمشاركة بوفد واحد بقيادة الإئتلاف، و محاسبة المجرمين». مضيفاً «هذا يفتح المجال أمام موافقة الإئتلاف على المشاركة في المفاوضات على أساس التطبيق الكامل لبياني جنيف1 ولندن». وأكد آقبيق أن «الأمور أصبحت أكثر إيجابية الآن، ولا يخفي الإئتلاف أن أغلب دول المجموعة الغربية تبدي رغبتها في أن يوافق الإئتلاف على المشاركة في المؤتمر الدولي مع تفهمها لمطالب الإئتلاف» مشيراً إلى أن «الضغط حقيقةً هو من الطرفين، فالائتلاف كان يضغط أيضا لتلبية مطالبه و ظهرت نتيجة ذلك الضغط في بيان لندن». كما تصدرت المشاورات بين الإبراهيمي والائتلاف السوري وقيادات في الجيش الحر على رأسهم سليم إدريس، رئيس هيئة الأركان للجيش الحر، ملفات أمنية وعسكرية بشأن مصير الأجهزة الأمنية والجيش السوري وتبعيتها في مرحلة ما بعد «جنيف2» .