تتلبد السحب في آفاق مستقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان السياسي، الذي كان في أوج قوته قبل بضعة أشهر، وذلك قبل دخوله في نفق انتخابي سيشغل البلاد حتى 2015. وبعد أن فاز بفارق كبير في الانتخابات التشريعية الثلاث الأخيرة، يهيمن رئيس الحكومة الإسلامي المحافظ على الساحة السياسية منذ أكثر من عشر سنوات. لكن بعد الثناء عليه طويلا للقفزة الاقتصادية الهائلة التي حققتها بلاده في عهده، يطعن اليوم منتقدوه الذين يلقبونه "بالسلطان" في انحرافه التسلطي "الإسلامي" عشية اقتراع محلي حاسم. وقال المحلل ألتر توران من جامعة بلجي الخاصة في اسطنبول "منذ توليه الحكم، تحول رئيس الوزراء تدريجيا من ممارسة برغماتية للسلطة إلى مواقف إيديولوجية ومن العمل الجماعي إلى قرارات فردية ومن الديمقراطية إلى التسلط ومن سياسات مدروسة إلى أخرى ارتجالية". وقد لطخ القمع العنيف للانتفاضة ضد الحكومة التي هزت البلاد برمتها خلال الأسابيع الثلاثة الأولى ليونيو كثيرا سمعة أردوغان سواء داخل البلاد أو خارجها. وكشفت قراراته، التي أصبحت تثير انتقادات متزايدة، شروخا حتى في داخل حزبه، حزب العدالة والتنمية. وهكذا قوبل مشروعه بإلغاء مدارس الدعم الخاصة انتقادات علنية وشديدة من جمعية غولان القوية التي ينتمي إليها الداعية الإسلامي فتح الله والتي تتمتع بنفوذ في الشرطة والقضاء، وكانت تعتبر حتى ذلك الحين من أقرب حلفائه. وتوقع صحافي تركي هذا الأسبوع أن يكون تحدي رئيس الوزراء لشبكة غولان التي تمول ربع المدارس الخاصة المهددة بمشروعه، بمثابة "خطأ حياته". وتجرأ الرئيس عبد الله غول وخصوصا نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج وهما مقربان من الجمعية، مرارا على تحدي موقف أردوغان المتصلب حتى أن أرينج عارض مؤخرا إرادة رئيسه إلغاء الاختلاط بين البنات والبنين في الأحياء الجامعية. لكن رئيس الوزراء المستقوي، لأنه يحظى بدعم الأغلبية المحافظة في البلاد، يضرب بتلك الانتقادات عرض الحائط. وتتوقع كل الاستطلاعات فوز المعسكر الإسلامي سواء في الانتخابات البلدية في 2014 أو التشريعية في 2015. وخلال عشرة أعوام تمكن أردوغان من تعزيز سلطته بتحكمه في الجيش، الذي أطاح بأربع حكومات منذ 1960، ومعظم وسائل الإعلام. وأكد نائب رئيس أكبر حزب معارض وهو حزب الشعب الجمهوري فاروق لوغوغلو أن "الاستياء الناجم عن سياسة رئيس الوزراء يتزايد في داخل البلاد وخارجها". وتسبب دعم تركيا لمعارضي الأسد في تعكير علاقاتها بالعراق وإيران. كذلك دفع ولاء أنقرة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي إلى توتر علاقاتها بمصر، وبرود علاقتها بدول الخليج.