عام جديد والجراح تتوالد، والحزن يتسع، وسيد الخوف يحكم السيطرة على أوجاع جديدة. تتناسل الفجيعة من المدن الكبرى إلى الصغيرة إلى القرى البعيدة، إلى بيوت ذاوية نالت منها سيارة مفخخة في شوارع صنعاء، أو رصاصة طائشة من دراجة نارية أو عبوة ناسفة في رياض عدن. عام جديد على وطن أدمن ترابه طعم الدم البريء ورائحة البارود الغادر، وهتافات فارغة لا يصدقها أحد حتى أشياعها. حضرموت تخاصم نفسها وصعدة تنتحر والضالع تنزف والحديدة تئن. عام جديد على وطني والقاتل يتستر خلف الدقائق والساعات القادمة بانتظار لعنة جديدة يدقها في النعش الذي أمامه. هذا القاتل لا يسأل عن هوية ضحاياه، يكفي أن يعلم أنهم يمنيين ليستحقوا الموت بأي طريقة إشباعا لرغبة سيد الخوف. كل الألعاب النارية التي أطلقها العالم ليلة رأس السنة عاجزة عن إضاءة قلب امرأة فقدت صغيرها في سناح. أو إعادة الأمان إلى أحجار العرضي أو طمأنة قوقعة في ساحل أبين. عام جديد، لكنه بلا رائحة وبلا ثياب وبلا جسد وبلا كيان، فقط نسمع عنه في دول الجوار عبر التلفاز. إنه لا يزور هذه البلدة ولا يهتم لها... هذه البلدة، حيث لا تزال مضمارا لداحس والغبراء وساحة مناسبة لمكائد البسوس. العام الجديد لا يريد أن يقتل، ما يزال وليدا ويرغب في الاستمتاع بحياته، لذا لن يفكر أبدا بزيارتنا حتى لا يصبح اسمه العام القتيل بدلا عن العام الجديد. عامنا القديم لم ينتهِ بعد.... إنه يهتف بحماس لمسيرته المهلكة ويبدو أنها لن تنتهي قريبا. مرحبا بكم في عامنا الفائت.