قررت محكمة هندية متخصصة في قضايا الملكية الفكرية عدم منح شركة نوفارتيس السويسرية لصناعة الأدوية حق حماية براءة اختراع العقار "غليفيك" المستخدم في علاج سرطان الدم. وينص الحكم على أنه لا يمكن توفير حماية براءة الاختراع لعقار لم تكتشف الشركة المنتجة له مادة فعالة جديدة فيه، بل تستعمل مادة معروفة مسبقا في تطبيق مختلف.
وكانت شركة نوفارتيس قد لجأت عام 2007 إلى القضاء ضد هيئة براءة الاختراعات الهندية التي رفضت منح الشركة حماية براءة اختراع العقار غليفيك كي لا تتمكن شركات الأدوية المحلية الهندية من تصنيعه.
كسر الاحتكار
ورحبت منظمة "إعلان برن" السويسرية بقرار المحكمة الهندية. وقال المتحدث الإعلامي للمنظمة أوليفر كلاسن إن هذه الخطوة تكسر احتكار الأدوية من قبل الأثرياء وتمنح أملا جديدا لمرضى سرطان الدم في الحصول على هذا العقار بأسعار في متناولهم، لا سيما في الدول النامية والأكثر فقرا.
وأضاف أن حكم المحكمة "نجاح لجهود ثمانين منظمة غير حكومية من مختلف دول العالم، لم تكل منذ سنوات من مطالبة شركة نوفارتيس وغيرها من شركات صناعة الأدوية بضرورة المساهمة العملية في علاج الأمراض المنتشرة بالدول النامية والفقيرة، وألا تكون الأدوية حكرا على الأثرياء فقط".
ويقول كلاسن إن "العديد من شركات الأدوية الغربية تهتم بالأرباح بدلا من الاهتمام بتسهيل علاج الفقراء في الدول النامية، خصوصا أن الهند قد تفوقت في السنوات الأخيرة في إنتاج العديد من الأدوية البديلة لتلك الباهظة الثمن".
ويضيف أن نوفارتيس قد أرادت بلجوئها إلى القضاء "حرمان الهند وبقية الدول النامية من حقها في توفير العلاج اللازم بأسعار مناسبة للمرضى الفقراء".
أما مسؤول ملف قوانين الملكية الفكرية في المنظمة غير الحكومية فرانسوا ميانبرغ فيرى أن تصنيع العقار في الهند سيؤدي إلى تخفيض تكاليف العلاج السنوية للشخص الواحد من 25 ألف دولار إلى نحو ثلاثة آلاف فقط.
وأكد ميانبرغ أن هذا الحكم أقر "حق الحكومات في حماية شعوبها ولم يهتم بمصالح الشركات الكبرى"، مشيرا إلى إمكانية تطبيق أحكام مماثلة على أدوية أخرى وفي دول مختلفة.
حكم مقلق
وبالمقابل رأت شركة نوفارتيس على لسان متحدثها الإعلامي ميخائيل شيندورفر أن هذا الحكم القضائي "يدعو للقلق لأنه يعرقل عمل شركات الأدوية في الابتكار والتوصل إلى أدوية جديدة".
ورفض الاتهامات الموجهة إلى شركته بأنها تسعى فقط للربح المادي على حساب الفقراء، وقال "لقد نظمنا برنامجا دوليا لتسهيل حصول نسبة من الفقراء على هذا العقار بالتحديد إيمانا منا بضرورة المساهمة في مكافحة سرطان الدم".
وأضاف أن نوفارتيس أبرمت اتفاقية في الآونة الأخيرة مع تنزانيا لتوريد عقاقير مجانية لعلاج مرض السل، ووزعت 250 مليون جرعة مجانا من عقار لعلاج الملاريا للمساهمة في مكافحة هذا المرض.
وذكر ب"التكلفة الباهظة التي تتكبدها شركات الأدوية للتوصل إلى عقاقير جديدة، من الأبحاث إلى التجارب وخطوات التسجيل قبل طرحها في الأسواق، ما يدعو أيضا إلى التفكير في هامش الربح".
كما نوه إلى أن العديد من برامج البحث العملي المشتركة بين نوفارتيس ومؤسسات علمية في الدول النامية تهدف إلى المساهمة في التوصل إلى علاج للأمراض المتفشية هناك.
وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" قد طالبت شركات الأدوية بالسماح لغيرها من الشركات في الدول الفقيرة بإنتاج الأدوية الضرورية التي ما زالت تحميها قوانين حقوق الملكية الفكرية، وذلك بدلا من خفض أسعار هذه الأدوية.
وتوقعت المنظمة أن تنخفض أسعار الكثير من الأدوية بنسبة 99% في حال سماح الشركات المصنعة لمنافسيها بإنتاج هذه الأدوية بدل تخفيض أسعارها.