دان الملك الأردني عبد الله الثاني العنف الذي شهده ميدان جمال عبد الناصر الجمعة الماضية وما تبعه من إساءة للوحدة الوطنية، من جهته أكد رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت تصدي الحكومة بحزم لأي تهديد للوحدة الوطنية القائمة على المواطنة والانتماء لهذا الوطن. جاءت إدانة الملك الأردني خلال اجتماعه بأعضاء لجنة الحوار الوطني بمن فيهم المستقيلون بعد أن أجلت أعمالها إثر الاعتداء على المعتصمين الجمعة الماضية. وأكد الملك الأردني في بيان صادر عن الديوان الملكي أن الوحدة الوطنية مقدسة، مشددا على أنه لا بديل عن الحوار للوصول إلى توافق على أسس الإصلاح الشامل، ودعا الجميع لعدم البقاء أسرى لما حدث، وضرورة التفكير بالمستقبل وفتح صفحة جديدة يكون أساسها الحوار. وقال مراسل الجزيرة في الأردن ياسر أبو هلالة إن اجتماع الملك عبد الله لم يؤد إلى حل لأن هناك انقساما في وجهات النظر بين المستقيلين من عضوية لجنة الحوار، فهناك جزء أبدى استعداده للتراجع عن الاستقالة في حين أصر البعض الآخر عليها معللا ذلك بأن ما جرى يوم الجمعة لا يمكن طي صفحته بسبب تورط أجهزة رسمية أمنية كالمخابرات والدرك والأمن العام. وأضاف المراسل أن ما جرى -بحسب المصرّين على الاستقالة- جريمة موثقة بالصوت والصورة قام بها عناصر حظيت بتغطية الأجهزة الأمنية التي كانت موجودة بكثافة ولم تتدخل لإيقاف المهاجمين مما أدى إلى سقوط قتيل وإصابة أكثر من مائة شخص. مرجعية الملك ويأتي ذلك في وقت صدر فيه بيان من مئات الشخصيات الأردنية في مقدمتها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات -وهو شخصية مرموقة في المجتمع الأردني ويحظى بثقة النظام الرسمي والشارع الأردني- الذي دان فض الاعتصام السلمي باستخدام القوة وطالب باعتماد الملك مرجعية. وفي هذا الصدد قال المراسل إن المطالبة بمرجعية الملك تؤكد أنه ليس هناك مشكلة بين المتظاهرين والملك كما تحاول الأجهزة الأمنية إظهاره، ولكن المشكلة مع الحكومة الحالية التي تمارس العنف بشكل مفرط. التصدي بحزم هذا وأوعز رئيس الوزراء الأردني إلى أجهزة الأمن بضرورة التصدي بحزم لكل من يعبث بالقانون ويهدد أمن وسلامة المواطنين على اختلاف آرائهم وتوجّهاتهم وضمان حقهم المكفول في التعبير بالوسائل المشروعة. وأكد البخيت أن مظاهر حمل الأسلحة والعصي والحجارة والأدوات الحادة ومحاولات التصدي للمسيرات والاعتصامات السلمية هي أفعالٌ مدانة ومرفوضة ومن شأنها أن تسيء إلى سمعة الأردن وتؤذي مسيرة الإصلاح السياسي وتهدد الوحدة الوطنية. وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة لن تتراجع أبداً عن مهمتها الرئيسية في إرساء قوانين الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد. سلوك مخز وكان ولي العهد الأردني السابق الأمير الحسن بن طلال وصف الاعتداء على المعتصمين يوم الجمعة الماضي بأنه مؤلم ومخز. وصدرت اتهامات غير رسمية للمعتصمين بأن أغلبهم من الفلسطينيين، وهو ما علق عليه الأمير الحسن بأنه لا ينبغي التشكيك بولاء الناس طبقا لأصول نشأتهم، وأشار في هذا الصدد إلى أن والده ولد بمكة وليس في الأردن. وقال الأمير الحسن في حوار بثته فضائية رؤيا المحلية الخاصة مساء الأحد إن ما حصل الجمعة الماضية لا يعكس حراك الشارع الأردني على مدى الشهرين الماضيين، وربط ذلك بالجهل وعدم الوعي بمضامين برامج الإصلاح. كما وصف قيام بعض الجهات بإحضار حافلات من جنوب البلاد لإظهار الولاء وتحدي المطالبين بإصلاحات سياسية بأنه عبث. وحث الحسن الحكومة على تحمل مسؤولياتها وأن لا تثقل على الملك، ونبه إلى أنه آن الأوان لتفعيل الدستور وترتيب الأمور في الأردن و"مواجهة الحقائق المرة تحقيقا للصالح العام". ومن جهته قال عبيدات للجزيرة أمس إن ما حصل الجمعة الماضية وما تبعه من حملة تشكيك واتهام هدفه "تصديع الجبهة الداخلية وبث روح الفرقة والتفرقة والعنصرية بين فئات الشعب الأردني وتأجيج العصبيات الضيقة وموجه إلى الوحدة الأردنية في الصميم". وأكد أن ما وقع لا يمكن أن يتم بمعزل عن الحكومة وعن أجهزتها الأمنية، وقال "نحن نعرف بلدنا وكيف يتم تنسيق الجهود بمثل هذه الأعمال"