سلّم الكاتب الصحفي الأردني ناهض حتّر نفسه للأجهزة الأمنية، بعد ساعات من قرار أصدره محافظ العاصمة، خالد أبو زيد، اعتبر فيه حتّر فاراً من وجه العدالة وأمر بإحضاره مخفوراً للمحافظة، إثر نشره صورة تضمنت إساءة للذات الإلهية عبر صفحته على فيسبوك. وجاء تسليم حتر نفسه بعد عاصفة كبيرة من الانتقادات والتعليقات الغاضبة هبَّت في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر الكاتب اليساري الأردني لرسم مسيء للذات الإلهية، حيث طالب الآلاف عبر فيسبوك وتويتر بمعاقبته على هذه الإساءة، أطلقوا وسم #ناهض_حتر_لا_يمثلنا، والذي أصبح الأكثر تداولاً في الأردن. ونتيجة الموقف الشعبي المتصاعد والغاضب الداعي لمحاكمة حتر، أمر رئيس الحكومة الأردنية، هاني الملقي، وزارة الداخلية بالتحقيق الفوري مع حتر وفق الأصول القانونية. وقال مقربون من حتر، بحسب موقع "رؤيا" الأردني، إنه سلم نفسه طواعية مؤكداً احترامه للقضاء. وكان محافظ العاصمة أمر، مساء أمس الجمعة، بإلقاء القبض على الكاتب حتر، غير أن الأجهزة الأمنية لم تجده في منزله، واعتبرت وزارة الداخلية حتّر "فاراً من وجه العدالة"، وطلبت إحضاره مخفوراً وبالسرعة الممكنة، ولم تتمكن القوة الأمنية التي ذهبت لاعتقاله من العثور عليه في منزله، الذي غادره فيما يبدو إلى جهةٍ مجهولة. وناهض حتر هو كاتب وصحفي يساري أردني من مواليد عام 1960، تخرج من الجامعة الأردنية ويحمل درجة الماجستير في الفلسفة. أما جماعة الإخوان المسلمين فاعتبرت ما نشره الكاتب "إساءة سافرة وتطاولاً على الذات الإلهية، واستهزاء بمعاني اليوم الآخر"، وهو ما يعد "إساءة لدستور الدولة الذي ينص على أن دين الدولة الإسلام". -دعاوى قضائية المحامي محمد زياد أبو غنيمة أكد ل"الخليج أونلاين" أنه قرر هو ومجموعة من المحامين رفع دعوى قضائية بحق حتر، قائلاً: "سأتوجه صباح الأحد إلى المدعي العام، وسأتقدم ببلاغ رسمي ضد المدعو ناهض حتر لإثارته النعرات الدينية، والنيل من الوحدة الوطنية وتعكير صفو العلاقات بين أبناء الوطن، خلافاً للمادة 150 عقوبات". وأضاف أبو غنيمة: "المجال مفتوح أمام كل مواطن أردني لتقديم الدعوى القضائية بحق حتر". يأتي هذا في حين علم "الخليج أونلاين" أن الاستعدادات تجري لتنظيم اعتصامٍ شعبي حاشد أمام قصر العدل، صباح الأحد، ضمن الاحتجاجات. وبعد ساعاتٍ قليلةٍ على إعادة الكاتب الأردني نشر الرسم المسيء للذات الإلهية، ونتيجة الغضب الشعبي، قام بحذفه، وفي وقتٍ لاحق كتب توضيحاً عن نشره للكاريكاتير المسيء، قال فيه: "شاركت منشوراً يتضمن كاريكاتيراً بعنوان (رب الدواعش) لا علاقة لي به إطلاقاً كما يروّج (الإخونجية)". وتابع: "الكاريكاتير يسخر من الإرهابيين وتصوّرهم للرب والجنة، ولا يمسّ الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية مما يروّجه الإرهابيون". وأضاف: "الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية مما يتخيل العقل الإرهابي؛ وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، وإخونجيون داعشيون يحملون المخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية، وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون". ودعا إعلاميون أردنيون "هيئة الإعلام المرئي والمسموع ووزارة الاتصالات بالتحرك ضد ناهض حتر؛ لمقاضاته ومحاسبته طبقاً للقانون"، مشددين على أن "تصرفه يعاقب عليه القانون بتهمة ازدراء الأديان والمس بالشعور الديني، إضافة إلى تشكيله مخالفة صريحة لقانون الجرائم الإلكترونية". -بين حتر وقورشة وعلى إثر الموقف الغاضب تجاه قضية الكاتب حتر والتعاطي الخجول من الدولة الأردنية معها، تزايد التعاطف الشعبي مع الكاتب الإسلامي الدكتور أمجد قورشة، واتسعت معه المطالبات بالإفراج عنه، في حين تساءل الناشط في الحراك الشبابي الأردني، ثابت عساف، عن الطريقة التي تتبعها الدولة في التعاطي مع قضايا السجن والاعتقال. وفي حديثه ل"الخليج أونلاين"، قال عساف: "هناك تمييز واضح فيما يخص اعتقال مواطنين وصرف النظر عن مواطنين آخرين، فمثلاً من يطالب بالدعوة الى الله يعتقل كالداعية الإسلامي أمجد قورشة، وقبل أيام يتم منع الدكتور أحمد نوفل من الخطابة، ويفصل من التدريس في الجامعة". وتابع: "وقبل ذلك وغيره يتم اعتقال زكي بني إرشيد بسرعة البرق، في حين نشاهد العلمانيين في القنوات والفضائيات ومراكز النفوذ ومن يشتم الله لا أحد يحاسبه". -حتر يحاسب قورشة وكانت جهات مجهولة نشرت قائمة طويلة بأسماء من كتبوا أو ساهموا في المطالبة بالإفراج عن الدكتور أمجد قورشة، المعتقل منذ شهر ونصف دون محاكمة، ليتبين بعد ذلك أن الكاتب حتر هو أحد الأشخاص الذين يقفون خلف تلك القائمة، حيث أنه وصف في أكثر من مناسبة الدكتور قورشة ب"الداعشي الإرهابي". وبدورها قالت لجنة علماء الشريعة في حزب جبهة العمل الإسلامي: إنها "صدمت كما الشعب الأردني كله بما نشره الكاتب ناهض حتر من سفه بحق الله تعالى، وبحق أمين الوحي جبريل عليه السلام، لتسجل غضبها ممّن سمحوا لهذا الكفر البواح أن ينشر في فضائهم". في حين علق الكاتب ماهر أبو طير على صفحته على "فيسبوك"، متهكماً على هروب حتر، قائلاً: "شخص ناهض حتر يدعي أنه طليعي ومفكر وينشر رسماً مهيناً، وعند هبوب العاصفة يغلق صفحته ويهرب!".
