عندما يحلم الشباب بحياة أفضل … و عندما يرغب الشباب في تحويل الحياة بأكملها إلى الأفضل … و عندما يفكر الشباب بالتحويل و التغيير و يبدأ كل واحد منهم بالتغيير في نفسه … وعندما يبدأ الشباب بالتفكير في التأثير في من حولهم من أهل و أحباب و أصدقاء … ستكون الحياة بلا شك أفضل بكثير مما هو متوقع في أذهانهم … و ستبلغ نتائج أعمالهم التي قد يصفونها في بعض الأحيان بالبسيطة درجة عالية من الرقي و النجاح… فيكونون قد أحسوا بأن الحياة بدأت بالتحسن … فيكون الطموح في هذه اللحظات مضاعفاً … بأن يورثوا هذا الرقي إلى الجيل الذي سيأتي من بعدهم إلى أبنائهم في المستقبل . مشروع شباب المجورة التوعوي … هكذا أطلقوا على أنفسهم هؤلاء الشباب … آمنوا بالأخلاقيات الإسلامية … التعاون و التكافل و مساعدة الغير … فبدأوا بتنفيذها بالعمل الجاد لا بكثرة الأحاديث … فنجحوا قليلاً قليلاً إلى أن كادوا يبلغون بنجاحهم قمم الجبال و عنان السماء … فكان ذلك دافعاً قوياً لهم بالمتابعة في إبراز تلك القيم الإسلامية التي كادت أن تنقرض … فمرحا لهؤلاء الشباب الطامحين في حياة أفضل … ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيرواما بأنفسهم . كنت ماراً في أحد شوارع مدينة الشحر … المدينة التاريخية المترامي تاريخها في أبعاد الزمان … و الشمس ترمي بلواذع أشعتها من في ذلك الشارع الطويل … إذ بأحدهم يقدّم لي دعوة بكل احترام … فتحتُ الدعوة فأحسست بأن الغيوم قد أحاطت بي … وبدأت تلك الغيوم بإخراج فلذات أكبادها من قطرات المطر … فإذا بالأزهار … الياسمين و الزنبق و البنفسج و الخمائل … حولي بكثرة … إذ و أنا في جنة من جنان الرحمن … التي يأمن فيها الإنس و الجان … فنزلت الطمأنينة بجلالة قدرها … وتبعها الجنود الذين يسمون أنفسهم براحة البال . الحديقة هو المكان المناسب للتكريم … و التكريم هو موضوع تلك الدعوة … أولئك الشباب كانت بدايتهم في العمل التطوعي من خلال الكثير من الأمور … دورات التقوية لطلبة المدارس و دورات محو الأمية … آمن هؤلاء الشباب بأن التغيير الذي سينتج عنه التقدم و الرقي الذي يحلمون به هو تغيير المستوى الدراسي إلى الأفضل … و مساعدة الآخرين على التطوير من أنفسهم … فأول كلمة أنزلت على أعظم مخلوق في الكون هي اقرأ … لأن كل تطور يكون بعدها … فلا علم إلا بالقراءة و لا تطور و لا رقي إلا بالعلم . يوم الجمعة 30 مايو 2014م كان موعد التكريم المنشود … بعد صلاة العشاء كان الجميع متوجهين إلى الحديقة … جئتُ لحقّهم عليَّ … قال النبي الكريم : إذا دعاك فاستجب … أول ما رأيت طاقم الاستقبال الذين يستقبلون الضيوف بكثير من الحفاوة … بشاشة تلك الوجوه تشعرك بالفرح… تغمرك سعادة نادراً ما تشعر بها في هذه الأيام … التي توصف بالكآبة و الحزن … من جراء ما يحدث في ثناياها من مآسي … لحظات مررت بها في تلك القاعة كانت رائعة … صعد إلى المنصة الإعلامي الشاب … الذي بهرني بسلاسة كلماته و عذوبة معانيها … كأني أراه لأول مرة … كأني لست أعرفه منذ أكثر من عشر سنوات خلت … طموح بلا حدود … هذا ما رأيته في ذلك الشاب . كالعادة البداية بالقرآن الكريم و بعض من آياته … ذلك الصوت العذب القلق الذي أشجانا بسورة منه … كان صوت أحد طلاب الدورة … ثم عاد ذلك الغريب المعروف ليغرد بما بعدها من فقرات … كلمة المدير هي التي بعدها … فهو بليغ إلى أبعد الحدود … لأن خير الكلام ما قل و دل مثلما يقال … ومن لم يشكر الناس لن يشكر الله … خرج أستاذنا الرائع … فكانت أنامل ذلك الشاب الآخر تتحرك … البروجكتر أو جهاز العرض مثلما يحب أن يسميه البعض هو الذي سيرينا الإنجازات … بدأ الفلم الوثائقي … ثم تلاه حلم الطبيب … الذي رغم أني كنت أعلم بمحتواه إلا أنني انبهرت أيّما انبهار … عجيب ذلك الإبداع الذي رأيت … فرحة غامرة تملكتني … افتخرت بأني أعرف ذلك المحمد فكنت ألوّح له بغير وعي ولا إدراك من شدة فرحتي به … حقاً المستقبل بأمان مع هؤلاء الشباب ومن كان مثلهم من ذوي الطموح . حان موعد التكريم فصعد إلى المنصة بعض كبار الضيوف … كثيراً هم الأشخاص المكرمين … من داعمين و مدرسين و مساعدين ومشتركين … أنغام بديعة كانت تترنم بها الأسماع في جميع دقائق الحفل … كلمات و ألحان و أصوات شجية … مكونات السنفونية التي كانت تُعْزَفْ … خامة صوتية نادرة … كنت وما زلت من أشد المعجبين بهما لا سيما من كان معي قبل الاحتفال … ذلك الشاب الجائع الذي دائماً يطلب المزيد من الرقي و الإبداع … فهنيئاً لطارق و صالح و خالد و أحمد و لطفي وغيرهم بتلك الطاقة الإيجابية العجيبة … و هنيئاً لذلك الحي الذي حُقَّ أن يسموه بالمجورة .