الحوثيون سيطروا على صنعاء الحقيقة التي يقولها الواقع ، وإن كان البعض لم يستسغ القصة من شدة الصدمة ، وكل مافي الأمر أنهم يجمعون أوراقهم ، ويعيدون ترتيب صفوفهم من أجل المرحلة القادمة التي ستكون باتجاه عدن في الطريق إلى حضرموت البقرة الحلوب التي مازالت ترنو إليها عيون الذئاب بحجة القضاء على الإرهاب -حجةأمريكا المعروفة- كما تصرّح بذلك منشوراتهم في بعض المواقع الإلكترونية . غير أن مايثير التعجب هو ثرثرة البعض التي مفادها أن الحوثيين سيمنحون الجنوبيين حق تقرير المصير دون أي مقابل ، أصحيح هذا ؟ هل -حقاً- سيفعلها الحوثيون تاركين باب المندب بعيداً عن سيطرتهم ، ونفط حضرموت خارج نطاق قبضتهم ؟ أيعقل هذا ؟! أليس من المتوقع سيطرتهم على باب المندب الذي يمثل جهة الشرق ، وسيطرة إيران على الخليج العربي الذي يمثل جهة الغرب وسورية والعراق ناهيك عن لبنان ،وكلهن يمثلن جهة الشمال وبجمعهن –الجهات الثلاث- يتكون الهلال الشيعي الإثنى عشري ،و بذلك يرزح جزء كبير من المنطقة العربية تحت النفوذ الإيراني ؟ ، ثم كيف سيقيم الحوثيون دولتهم دون موارد اقتصادية ، ودون الإستفادة من باب المندب اقتصادياً كمورد ، وسياسياً كورقة ضغط ، و نفط حضرموت كرافد اقتصادي إذا عُلم أن حضرموت ترفد ميزانية الدولة بحوالي 0 8% ؟ هناك –أيضاً – سؤال آخر هو : إذا فرض جدلاً أن الحوثيين سيمنحون شعب الجنوب حق تقرير المصير دون أي مقابل إيماناً منهم بالديمقراطية ، وتسليماً منهم بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، أو حتى من أجل سواد عيون الجنوبيين مثلاً.. – هل سيفعلون ذلك مع الحضارم إذا رفضوا الإنضمام إلى دولة الجنوب أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو أي اسم آخر ، وطالبوا بمنحهم حق تقرير المصير أسوة بالجنوبيين ؟ هذا ماستجيب عنه الأيام الآتية.. غير أنه حريٌّ بالتنبيه أن المشهد يحتمل سيناريو يبدو مقبولاً ، ومنطقياً – منذ الوهلة الأولى – وهو أن يكتفي الحوثيون بالشمال -بأسره- وتركيز وجودهم فيه ، ويسلموا الجنوب إلى حلفائهم بتوصية ايرانية مقابل تنازلات ، وشروط تكفل لهم تحقيق أهدافهم دون خسائر تذكر ، حتى لا يتبعثر تجمّعهم ،و تغوص قوتهم في رمال متحركة هم في غنى من الإقتراب منها طالما أن مصالحهم مضمونة ، أو يعودون إلى أوكارهم راضين بما تم تحقيقه ،وإحرازه حتى إشعار آخر. لا يمكن التنبؤ الجازم بالقادم المجهول لأن المسيرة لم تنته بعد ، والأفق ضبابي – بعض الشيء- ، والأيام حبلى بالمفاجآت (..والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) (سورة يوسف –الآية 21)