يحسبُ لعمار باطويل في باكورة حياته السردية العناية (بدوعن) مكاناً وأشخاصاً . ّإذ تمكنت سرديتهِ الموسومة ب (سالمين) أن تنقل دوعن من خشونة الواقع الحسي إلى عالم السرد بنعومته وحرارته ، فضلاً ً عن تحويل الوقائع الباردة التي عاشها الشخوص الرئيسية مثل (حمد وحسن وسالمين)إلى وقائع تنبض بالحياة والحركة والإحساس بالطبيعة البدوية في هضبة وادي دوعن أو ما سمته السردية ب(الجول) وقد تولت شخصية (حمد)نقل هذا الإحساس الجمالي وكيف تشبعت حواسها بروائح الأ شجار المحلية الزكية التي تصُدر من ( الصخبر والبشام والخُمر)وتتضاعف هذه الرائحة الزكية الصادرة من هذه الأشجار حين يهطل المطر فيرق كل شئ في الوادي ويشف وتسرى هذه الرقة في القلوب فيقع (حمد)في غرام مريم وإذا كان العشق والغرام من نصيب (حمد) فإن المكابدة والمعاناة وقهر الرجال كان من نصيب (سالمين) الشخصية التي تفوق حضورها على كل الشخصيات في السردية وقد اندغم فيها الراوي والمروي لهُ ومنحتها السردية حق التقويم لنفسها وللشخصيات الأخرى في الرواية وبخاصة شخصية حسن الذي تنكر لأصله وقيمه ولم تحرم السردية (سالمين من العشق وإن ظل عشقاً من طرفاً واحد وأجلت عشقهُ إلى مابعد الانتقال من دوعن إلى جدة والمفارقة أن سالمين عندما تطلع إلى من يعشقُ لم تعجبه من نساء الأرض سوى (سوسن)زوجة سيده (حمد) الذي حنق عليه والده حين كان في دوعن فأمر أن يبيعه (في سوق )بضه لأن (سالمين) ((ذات ليله نام ولم يذهب لتبديد السواقي)) ( أي سقيها بالماء ) وعلى الرغم من التحول العميق الذي قلب حياة سالمين أثناء وجوده في جده وقدرته المالية التي مكنته أن يتزوج البيض ويتحرر من العبودية إلا أن إحساسه بالدونية والعبودية ظل عبئاً ثقيلاً ً على نفسه . وبرعت السردية في تصوير هذا الاحساس، إذ لم يمح هذا الإحساس الثروة التي حصدها ولااصراره ونصحه الدائم لأولاده أن لايتزوجوا إلا النساء ذوات البشرة البيضاء. والحاحه على ترك الأسماء التي تدل على العبيد مثل سالمين وسرور واستبدالها بطلال ومايعادله في السمعة والثقلالاجتماعيين .أن سردية (سالمين) لعمار باطويل سعت بقدر ماتستطيع أن تمثل هذه الشريحة التي لم تستطع أن تمثل نفسها لأسباب تاريخية واجتماعية ونفسيه وليس من المناسب ذكرها في هذا المقام إن سردية (سالمين) وضعت يدها على آلام وجراح هذه الشريحة التي عانت وكابدت في وادي دوعن بوصفها تنتمي إلى بني البشر وليس إلى الحجر . والمفارقة أن سالمين يحب الوادي الذي أستعبد فيه فهو لا يعرف وطناً غير هذا الوادي ليس هذا حسب بل لا يعرف أهله ولا من أين أتوا أن كينونته بكل أبعادها مختزلة في اسمه (سالمين) وكم عانى سالمين من التعدي على على ذاته بل والنيل من شرفه والنظر إليه بوصفه كتلة من (اللحم الأسود) الذي يمكن النهش فيه وتقطيعه فهدا حسن المغرور الذي يتباهي بنفسه وبثروته التي ورثها عن والده (حمد) أراد أن يشترى كل شي بماله ووصل به الأمر إلى أن يشتري القصائد وينسبها لنفسه ويتعمد أذية (سالمين بطريقه غير رجولية . وصورت السردية ببراعة وبساطه القهر الذي يعتمل في نفس سالمين ومكنته أن يرويه بنفسه على النحو الآتي ((ياواد ياسالمين يامخنث استغربت من ذا الذي يقول لي يامخنث التفتت إلى الخلف وإذا بالشيخ حسن فعاد كلامه ياواد يامخنث . ركضت لنحوه أُقبل يده . فكانت قبلاتي سلاحي في تخديره . مرحبا ياسيدي الله يحفظك ياعمي .. ثم يقول سالمين ((ياعوض في أخر عمري يقول لي الشيخ حسن يامخنث … كلام فيه إهانه لي (أنا بغيت بعرف من اللي خنثني ،فهل هو خنثني وأنا ما أدري ).