في تصريح له لمجلة العربي أثناء استطلاعها عن مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية آنذاك أكد الوزير أحمد العطاس أن بترول حضرموت ليس حكرًا على الحضارمة وأن لساكني سائر إمارات الجنوب العربي نصيبهم منه، كما أكد ذلك واحد من كبار مثقفي حضرموت وهو محمد عبد القادر بامطرف في مقالة له أن نفط حضرموت ينبغي أن يشترك فيه سائر جيراننا في الجنوب العربي . نذكر هذا لنذكر أن الحضارمة منذ وقت مبكر كانوا على انفتاح وتعاطف مع أشقائهم في الجنوب ولم يرفعوا يومًا شعار ( حضرموت للحضرميين )، كما فعل غيرهم، لا على المستوى السياسي ولا الثقافي ولا الشعبي، لإدراك الجميع عمق التواصل الاجتماعي بين ما كان يسمى حينها بالقطرين ( حضرموتوعدن ) حتى أن الأديب الحضرمي محمد بركات الذي يكثر التردد بينهما يلقب نفسه ب( أديب القطرين ) . إن العناصر الحضرمية في الجبهة القومية في ربطها لحضرموت بعد إسقاط سلطنتيها بعدن لإقامة دولة موحدة معها، لم تكن تتحرك في فراغ بل كانت تستند إلى مزاج عام شعبي وثقافي في الوحدة والتواصل مع الجنوبي العربي، لكن الطعنة أتت من هناك بتزييف هوية الدولة الجديدة وغلبة العنصر الشمالي على المزاج العدني ليتم التنكر الشنيع لهوية الجنوب وحضرموت، فكانت حضرموت هي من دفع الثمن الأكبر لذلك التزييف والتنكر، وكان نصيبها جزاء سنمار . إن العناصر الحضرمية العاملة في ما يسمى اليوم بالحراك الجنوبي سواء منها السياسية والثقافية يجب أن لا يغيب عن أذهانهم أن الجرح الذي سببه ذلك الجزاء لم تندمل آثاره بعد، بل يرى البعض أنه لا يزال ينزف، فينبغي عليهم أن يتفهموا سلوك مخالفيهم ولاسيما في العصبة الحضرمية في هذا الإطار، بدلاً من أن يشاغبوا عليهم بتهم شق الصف أو قصر الرؤية أو ربما العمالة . بل عليهم أولاً انتزاع اعتراف بخطأ الدولة السابقة في حق حضرموت وهو ما لم نره فضلاً عن طلب الاعتذار . فنراهم يعلون من شأن المصالحة عن جرائم 13 يناير وهي جرائم جنوبية – جنوبية ليس للحضارم فيها أي مشاركة سوى أنهم بعض ضحاياها . وينسون ما اقترف من جرائم في حق حضرموت الأرض والإنسان من القتلى والمفقودين والمهجرين الذين لا يترحم عليهم أحد . وثانيًا طمأنتنا بوضوح عن هوية الدولة المطلوب استعادتها بعيدًا عن الجنوبة الحائرة، فما هو مفهوم الجنوب العربي وما صبغته الثقافية ونكهته الحضارية، أم سنعود إلى استعارة هوية الجنوب اليمني، وما مدى حضور حضرموت وثقافتها وعمقها التاريخي والحضاري فيه وسبب الاستنكاف عن التسمية الحضرمية لها من قبل الآخرين، إن الدعوة إلى توحيد الصف الجنوبي لا يتم بتحديد الخصم وحسب لكن كذلك بتحديد الهدف وجلائه والإجابة عن سؤال المستقبل والمصير . وثالثًا يجب التنبه إلى دور العصبة الحضرمية في الدفع بالمسألة الحضرمية، إذ لا ينبغي أن تصبح حضرموت مجرد لحقة بالقضية الجنوبية بل هي عنصر مهم فيها ولها معالجاتها الخاصة التي تناسب مع معاناتها السابقة، ثم مكانتها كقوة اقتصادية وعمق حضاري، فأيًا كان المصير القادم ينبغي أن نصبح رقمًا لا يقبل الحذف سواء في إطار إقليم تحت سيادة صنعاء أو عدن، أو دولة مستقلة ذات سيادة . كما ننصح الأخوة في العصبة الحضرمية بعدم مجاهرة الجنوب وعناصره الحضرمية بأي نوع من العدائية، فليس المطلوب خلق عدو جديد، بل خلق جار وصديق، ووضع في البال أن المسألة الحضرمية جزء من القضية الجنوبية تندرج تحت بندها، والمستقبل خياراته مفتوحة، فإن لم تكن الدولة المستقلة المأمولة فالإقليم المستقل في جمهورية يمنية أو جنوبية ونكون جزءًا في مهمًا في إعادة صياغة هويتها . وينبغي لهم الاستفادة من علاقتهم مع بعض الأطراف المقربة من الجار السعودي ليس فقط لأجل إقامة دولة أو الخمود، ولكن لفتح نوافذ تعاون في صالح حضرموت بغض النظر عن شكلها السياسي بما ينفع ساكنيها كالدعوة لفتح قنصلية سعودية في المكلا، وتحسين ظروف إقامة المغتربين الحضارم في السعودية والخليج ونحو ذلك . دعاء اللهم خذ بيد الحضارم وأبعد عنهم كل شر وكربة، ولمَّ شمل سياسيها ومثقفيها في التيار والعصبة، وجنبهم جميعًا شرور الشمألة والجنوبة .