قرار جمهوري بإعلان حالة الطوارئ    العليمي يتهم الإمارات بدعم تمرد الانتقالي ويعلن قرارات لتصحيح مسار الشراكة    قيادي في الانتقالي يتهم السعودية بالاعتداء على حضرموت ويصفه بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي    مصادر: استئناف الأنشطة الملاحية في ميناء المكلا عقب تعرضه لضربات جوية    مكون الحراك الجنوبي يعلن تأييده لبيان قائد الثورة بشأن الصومال    السيناريو الجديد في حضرموت.. عسكرة الموانئ وانفجار صراع الوكلاء    اتفاق الأسرى.. وخطورة المرحلة    أمريكا تزود الكيان بصفقة طائرات (اف 35)    انخفاض للحرارة الى مستوى الصفر    تأهل 14 منتخبا إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا.. ووداع 6    الطيران السعودي ينفذ ضربة جوية في ميناء المكلا    عدوان سعودي بغارات جوية على ميناء المكلا (تفاصيل الضربة)    نائب وزير الثقافة يزور الفنان محمد مقبل والمنشد محمد الحلبي    الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    الصحفي والأكاديمي القدير الدكتور عبد الملك الدناني    سفر الروح    بيان صادر عن الشبكة المدنية حول التقارير والادعاءات المتعلقة بالأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة    صنعاء: الاعلان عن موعد بدء صرف مرتبات نوفمبر 2025    صنعاء.. الحكومة تدرس مشروع برنامج استبدال سيارات المحروقات بالسيارات الكهربائية    فريق السد مأرب يفلت من شبح الهبوط وأهلي تعز يزاحم على صدارة تجمع أبين    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والخدمة المدنية والتأمينات    أذربيجان تؤكد دعمها لوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    النفط يرتفع في التعاملات المبكرة وبرنت يسجل 61.21 دولار للبرميل    التحالف الإسلامي ينظم دورة حول القانون الدولي الإنساني وعلاقته بمحاربة الإرهاب    لملس يناقش أوضاع المياه والصرف الصحي ويطّلع على سير العمل في المشروع الاستراتيجي لخزان الضخ    إيران والسعودية تتباحثان حول اليمن ولبنان وتعزيز التعاون الإقليمي    لقاء تشاوري بوزارة الاقتصاد حول تعديل قانون مهنة تدقيق ومراجعة الحسابات    صنعاء تحتضن أول بطولة لكرة القدم لمبتوري الأطراف من جرحى الحرب    لوحات طلابية تجسد فلسطين واليمن في المعرض التشكيلي الرابع    الصين تدعو إلى التمسك بسيادة اليمن ووحدة وسلامة أراضيه    تحذير أمريكي: تحولات شرق اليمن تهدد التهدئة وتفتح الباب لصراع إقليمي    الأرصاد يتوقع حدوث الصقيع على أجزاء محدودة من المرتفعات    إدارة أمن عدن تكشف حقيقة قضية الفتاة أبرار رضوان وتفند شائعات الاختطاف    قراءة تحليلية لنص "من بوحي لهيفاء" ل"أحمد سيف حاشد"    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع خمس كيانات مصرفية    بسبب جنى الأرباح.. هبوط جماعي لأسعار المعادن    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    حمداً لله على السلامة    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    فلسطين الوطن البشارة    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأساة الحلَّاج !
نشر في هنا حضرموت يوم 14 - 04 - 2013

كنت أتصفح مجلة العربي حين وقعت عيناي على نص من مسرحية مأساة الحلَّاج لصلاح عبدالصبور وكنت حينها في الرابعة عشر من العمر تقريبا في بداية القرن الحالي وقبل احتلال العراق، ولا أعلم لماذا لاتزال كلمات الحلّاج هاجسا لي ، أشعر أنه يولد منّا كل يوم حلّاج يحمل مأساة من مولده .
بغض النظر عن شطحات الفكر الذي تخلل شخصية الحلّاج والنهاية التي كانت عليها والجلد التاريخي الذي تعرض له، لكن ما استوقفني كثيرا ماكتبه صلاح عبدالصبور في رائعته ( مأساة الحلّاج ) والتي جسدت روح وقفت في وجهة الظلم والكبت وإرادة هبت لكي تنزع عن الناس الغشاوة لكي تبصّر وتثور على واقعها ، تدعو الظالم أن يرعوي عن ظلمه وجبروته ، وترسم ملامح الحكم الرشيد مع التحفظ على ماحملته في طياتها من حالات الشبهة والتي أذرها لأرباب الفكر كي يقتنصوها ، وكما يقال أنا مسؤول عن ما أكتب وأنت مسؤول عن ماتفهم ، غير أن كلمات الحلّاج حملت إضاءات منها مايزال عالقا في ذاكرتي المهترئة منها هذا النص المقتضب
الحلّاج : الحلم جنين الواقع
أما التيجان ..
فأنا لا أعرف صاحب تاج إلا الله
والناس سواسية عندي
من بينهم يختارون رءوسا ليسوسوا الأمر
فالوالي العادل قبس من نور الله ينور بعضا من أرضه
أما الوالي الظالم فستار يحجب نور الله عن الناس
كي يفرخ تحت عباءته الشر
هذا قولي .. ياولدي
يسطر لنا الحلّاج نموذجا فريدا وشخصية ملهمة عبقرية تكاد تعانق الفلسفة السقراطية ، فقد أتخذ أسلوب الخطاب البليغ الذي يسري إلى النفوس بعذوبة ، حتى حينما زج به في السجن استطاع أن يلهم صاحبيه في السجن بكلماته وعبره وعظاته التي تعبق بالحكمة .
(مشهد من السجن)
الحلّاج : لا أبكي حزنا ياولدي بل حيرة
من عجزي يقطر دمعي
من حيرة رأيي وظلال ظنوني
يأتي شجوي ينساب أنيني
هل عاقبني ربي في روحي ويقيني ؟

أم هو يدعوني كي أختار لنفسي ؟
هبني أختار لنفسي ، ماذا أختار ؟
هل أرفع صوتي ؟
أم أرفع سيفي ؟
ماذا أختار ؟ ..
ماذا أختار ؟ ..
وهنا يبرز لنا الحلّاج الحيرة التي يعانيها أمام تناقضات الوضع المعاش وعن كيفية مجابهتها فهل يرفع صوته أم سيفه لكي يواجه ظلم السلطان ، وبين عمق الإشكالات الدائرة في مجتمعه فهو يخاف أن لا يساء فهم قضيته ومبدأه في الثورة والتمرد على الواقع .
ولو عرجنا على أحد فصول المسرحية وبالتحديد في المشهد الأول فإنه يتضح جانب يلامس الواقع الذي نعيشه
وهم أولئك المتملِّقون بيننا باسم الدين يزعمون أنهم حملة لرسالته وهم لم يحملوا ذلك الأمر بين ظهرانيهم إلا لكي يقربهم إلى قلوب الناس زلفى ومنها إلى كراسي السلطة ، لا إلى الله كما يدَّعون ! وجلهم إلا من رحم ربي على فريقين إما ضالون أو مضلون مع بالغ الأسى .
من المشهد الأول (مشهد الشيخ المصلوب )
المجموعة : صفونا ..صفا ..صفا
الأجهر صوتا ،والأطول
وضعوه في الصف الأول
ذو الصوت الخافت والمتواني
وضعوه في الصف الثاني
أعطوا كلا منّا دينارا من ذهبٍ قاني
براقا لم تلمسه كفٌ من قبل
قالوا : صيحوا .. زنديقٌ كافر
صحنا زنديقٌ كافر
قالوا: صيحوا فليقتل إنّا نحمل دمه في رقبتنا
فليقتل إنّا نحمل دمه في رقبتنا
قالوا : أمضوا فمضينا
إن المعضلة السياسية التي تمر بها البلدان العربية كلها رغم اختلافاتها البسيطة إلا أنها تتفق في جوهر الصراع الدائم على السلطة فالديمقراطية ماهي إلا لعبة الكراسي التي كنّا نلعبها صغارا وكان يخسرها أشرفنا ويكسبها أكثرنا لؤّماً !
"عاينت الفقر يعربد في الطرق
ويهدم روح الإنسان
فسألت النفس
ماذا أصنع ؟
هل أدعوا جمع الفقراء
أن يلقوا سيف النقمة
في أفئدة الظلمة ؟
ما أتعس أن نلقى بعض الشر ببعض الشر
ونداوي أثما بجريمة
ماذا أصنع ؟
لا أملك إلا أن أتحدث
ولتنقل كلماتي الريح السواحة
فلعل فؤاد ظمآنا من أفئدة وجوه الأمة
يستعذب هذه الكلمات
فيخوض بها في الطرقات
يرعاها أن ولي الأمر
ويوفق بين القدرة والفكرة
ويزاوج بين الحكمة والفعل "
الفقر هو أوجع منغصات العيش التي تتعرض لها الشعوب والتي تشكل غالبا أحد الإرهاصات السياسية التي تنتهج لكي تشغل بال الأمة عن مايدور في دهاليز الحكم ودور السلطان ، ناهيك عن الإرهاصات الأخرى التي تستخدم جنبا إلى جنب في إرساء الحكم وتثبيت السياسات وتحقيق المصالح الشخصية والإقليمية .
"إن الكلمات إذا رفعت سيفا فهي السيف"
نعم أيها الحلّاج لانملك إلا أن نكتب! ، فلعل الكلمات ستمضي أبعد ممانتصور من يدري فغدا محفوفٌ بالغيبيات وغدا أقرب يوما يفصلنا عنّا!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.