الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    من الغارات إلى التجسس.. اليمن يواجه الحرب الاستخباراتية الشاملة    ضبط الخلايا التجسسية.. صفعة قوية للعدو    التدريب في عدد من الدول.. من اعترافات الجواسيس: تلقينا تدريبات على أيدي ضباط أمريكيين وإسرائيليين في الرياض    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    شعبة الثقافة الجهادية في المنطقة العسكرية الرابعة تُحيي ذكرى الشهيد    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيطان يتوب على يد الولي الفقيه
نشر في الخبر يوم 01 - 12 - 2013

لقد كان رئيس وزراء الكيان الصهيوني وعلى غير عادته، مُحقّا في وصف الإتفاق الأمريكي – الإيراني ب"صفقة القرن"، لكنه إعتبره "إتفاقا سيئا" و "خطئا تاريخيا" كبيرا، في حين اعتبرته السعودية "خيانة" وأبدت قلقا واضحا حيال نتائج هذا التقارب "الإنقلاب" الذي ترى أنه يأتي على حسابها، وقد ذهب بعض المسؤولين في الرياض حد القول: إن "الصفقة كانت بمثابة طعنة خنجر في ظهر السعودية من قبل الرئيس ‘أوباما' الذي كان يُعتقد أنه صديق حميم للملك ‘عبد الله بن عبد العزيز'.. لكن، تبيّن أنه باعه في لعبة ورق حول طاولة رؤساء ديمقراطيون".
أما الإدارة الأمريكية فتقول ما مفاده، أن المصلحة الدولية تُحتّم تحسّن العلاقات مع إيران، إذ أنها مفتاح السلم والحرب في منطقة الشرق الأوسط وآسيا، ومن دونها يستحيل حل العديد من المشكلات العويصة من لبنان إلى أفغانستان مرورا بسوريا والعراق وغيرها... وأن انفراج العلاقات الدبلوماسية مع طهران سينعكس إيجاباً على المنطقة والعالم في الأمن والسلام كما في السياسة والإقتصاد.
نهاية تاريخ وبداية آخر..
كُتب الكثير عن هذه الصفقة التي وصفها محور المقاومة ب"التاريخية"، ولا تزال الأقلام في الشرق والغرب تتسابق لنقل تفاصيل ما ظهر منها وما بطن، ولمّا يُعرف بعد كامل بنودها، ذلك أن ما كُشف حتى الآن ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، لأن الإتفاقية طُبخت على نار هادئة في الكواليس بسلطنة عمان قبل أن يبادر الرئيس ‘أوباما' للإتصال بالرئيس ‘روحاني' وهو في طريقه لمغادرة نيويورك، في إشارة إلى أن أمريكا هي التي هرولت تجاه إيران لا العكس.. ففهم العالم أن هذه المكالمة هي بمثابة إعلان نهاية تاريخ وبداية آخر، وأن "الشيطان الأكبر" سيتحول قريبا إلى "رسول سلام" على يد "الولي الفقيه" في طهران.
فرح في طهران و حزن في الرياض و تل أبيب..
انكب الباحثون والمحللون في الخليج يدرسون سر هذا التحول الكبير في السياسات والتبدل الدراماتيكي الخطير في التحالفات، وأمام أعينهم أسئلة التاريخ والمصير: من يقود من؟.. هل ‘أوباما' هو من يقود التغيير أم أن التغيير هو من يقود ‘أوباما؟.. وكيف ل'أولاما' أن يتخلى عن حلفائه المخلصين (إسرائيل و السعودية) ويستبدلهم بحلفاء كانوا إلى وقت قريب أعداء مصنفين في محور الشر؟.. وإذا كانت الولايات المتحدة هي زعيمة محور الخير في العالم، فلماذا قبلت بالتحالف مع محور الشر الذي تمثله إيران وحلفائها في المنطقة، وهي التي دأبت على وصف أمريكا ب'الشيطان الأكبر'؟.. فمن الشيطان إذن ومن الملاك؟...
أما في إسرائيل، فيقول الصهاينة: إن العالم السنّي في هُياج، والعالم الشيعي يرقص فرحا غير مُصدّق لما حصل.. الآن يمكن القول أن واشنطن في تراجع نحو الهاوية. كما يمكن التصديق أن ‘أوباما' ساحر حقا كما تنبأوا بذلك في بداية ولايته الأولى، فقد نجح في جعل أشرار منطقتنا أخيارا وأخيارها أشرارا. واسرائيل التي كانت في الجانب الخيّر زمن بوش الصغير، تحولت فجأة إلى الجانب الشرير زمن ‘أوباما'.
والحقيقة، أنه لا فرق كبير من وجهة نظر السعوديين والإسرائيليين بين الاتفاق الذي وُقّع عليه بمبادرة روسية – أمريكية مع الايرانيين والاتفاق الذي وُقّع عليه مع السوريين، فكلاهما سيء، والآتي أعظم من وجهة نظرهما.. لأنه بالنتيجة، يجعل العالم "الشيعي" يربح وينتصر على حساب العالم "السني" و "إسرائيل".
هذا إقرار بمنتصر و خاسر، وإن كنا لا نتفق مع التصنيف المذهبي الذي تُصرُّ الوهابية والصهيونية على إثارته في كل مرة لإشعال نار الفتنة بين المسلمين، علما أن الخاسر الحقيقي إلى جانب إسرائيل هي الوهابية الفاشية التي تتقاطع عقيدتها مع العقيدة الصهيونية، وبالتالي فلا علاقة لها بالإسلام ومذاهبه ومدراسه الفكرية من قريب أو بعيد، وإنتصار إيران هو إنتصار لمحور المقاومة، وثقافة المقاومة، وخيار المقاومة، ولكل الأحرار الشرفاء المؤمنين من مسلمين ومسيحيين ويهود في هذا العالم، العاشقين للسلم والمحبة والعيش بكرامة وإحترام.. وهذه هي حقيقة رسالة الإسلام وجوهر دين الله الذي ارتضاه للإنسان أينما وُلد و وُجد وكان، منذ الأزل وإلى نهاية العصور والدهور.
"لدي حلم"..
‘أوباما' لم يعد "الشيطان" كما كان، بعد أن تاب وأثبت أنه رجل سلام لا رجل حرب، وأنه يريد أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه كأول رئيس أمريكي استطاع أن يتحدّى اللُّوبي الصهيوني (اليهودي و المسيحي) في واشنطن ليحقق ما قال عنه في بداية ولايته أنه "حلم تغيير أمريكا"، ففهم الأمريكيون أن ‘أوباما' يسعى على خطى زعيم الحقوق المدنية الزعيم الأسود ‘مارتن لوثر كينج' ليفرض رؤيته للتغيير من أجل السلام بالسلام لا بالحرب والدمار.
وكما ‘مارتن لوثر كينج' الذي اختار للتغيير طريقا آخر غير الدم والخراب، فنادى بمقاومة تعتمد مبدأ "اللا عنف" أو "المقاومة السلمية" على طريقة المناضل الهندي ‘مهاتما غاندي' الذي استلهم مقاومته السلمية من ثورة ‘الحسين' (ع)، ثورة الدم على السيف.. وكان ‘كينج' يستشهد دائماً بقول السيد المسيح: "أحب أعداءك واطلب الرحمة لمن يلعنونك، وادع الله لأولئك الذين يسيئون معاملتك"، فكانت حملته إيذاناً ببدء حقبة جديدة في حياة الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، حيث قام عام 1963 بثورة لم يسبق لها مثيل في قوتها، متجهة صوب نصب ‘لنيكولن' التذكاري في واشنطن، وهنالك ألقى ‘كينج' أروع خطبه: "لديّ حُلم" (I have a dream)"، التي أعطى فيها بعدا جديدا للإخلاق على حساب السياسة.. كذلك فعل ‘أوباما' عندما قرر الإنسحاب من العراق وأفغانستان، ورفض العدوان على سورية وحزب الله وإيران، وإختار لغة الديبلوماسية على لغة القتل والدمار، واعتمد منطق السلام بديلا عن منطق الحرب.
من فمك أدينك يا إسرائيل..
‘أوباما' اكتشف أن معضلة أمريكا السياسية والإقتصادية تكمن فيما تسببته لها حروبها العبثية المباشرة وغير المباشرة في أفغانسان والعراق وغيرها، وأن أمن إسرائيل أصبح عبئا ثقيلا ومكلفا على الولايات المتحدة، خصوصا بعد أن فقدت إسرائيل دورها ووظيفتها في المنطقة بعد هزيمتها في حرب تموز 2006 على يد حزب الله، ولم يعد من الممكن أن تتدخل أمريكا بجيشها لحمايتها في كل مرة يلوح فيها تهديد في الأفق.. هذا عبء غير محتمل.
وبالتالي، فإذا كان ما تقوله إسرائيل صحيحا من أن ما يهدد أمنها هو "الكيماوي" السوري و "النووي" الإيراني، فالحل يكمن في إزالة هذه التهديدات لإستبعاد المخاطر التي تهدد الأمن القومي الإسرائيلي، لكن من خلال قلب معادلة التحالفات الجيوستراتيجية بدل اللجوء إلى خيار القوة المادية التي من شأنها تفجير المنطقة والتسبب في كارثة حرب عالمية ثالثة مُحقّقة.
غير أن ‘أوباما' بإزالته للخطر الكيماوي السوري والنووي الإيراني المزعوم، يكون قد جعل من منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من سلاح الدمار الشامل إلا الكيماوي والنووي الإسرائيلين وبالتالي، فتح الباب على مصراعيه لمطالبة العالم الكيان الصهيوني بالتخلص من ترسانته غير التقليدية، باعتبارها تهدد الأمن والسلم في المنطقة، وهذا وجه آخر أبرزه الإتفاق الروسي الأمريكي، ما أقلق الصهاينة بشكل كبير وجعلهم يفكرون في عرقلة الإتفاق النووي الإيراني لتبرير إستمرارهم في سياسة العربدة والإبتزاز، لعلمهم أن كيانهم الهجين لا يمكنه أن يعيش ويستمر إلا في بيئة متفجرة بالخوف والكراهية والعداوة والحروب.
عندما يجزي الصّدق صاحبه..
وهنا يجب توضيح أمر بالغ الأهمية، لا يفهمه إلا الراسخون في العلم العارفون بالإستراتيجيا ولعبة توازنات الرعب، وهو أن قبول الرئيس السوري ‘بشار الأسد' بتدمير سلاحه الكيماوي مقابل تجنيب بلاده عدوانا عسكريا مدمرا، يعني أن السلاح الكيماوي الذي كان بحوزته قد أدى دوره الإستراتيجي ووظيفته الدفاعية عندما استعمل كورقة سياسية رادعة لحماية سورية من الخراب والتفتيت والتقسيم.
أما النووي الإيراني، فأمريكا والغرب كانوا يعلمون علم اليقين أن إيران لا تعمل على إنتاج سلاح ذُري، وبخلاف إسرائيل والسعودية الذين كانوا يكذبون كما يتنفسون، كان أوباما وحلفائه في الغرب يُصدّقون ما يقوله الإمام ‘خامنئي' قائد الثورة والزعيم الروحي الإيراني، من أن "إنتاج سلاح الدمار الشامل محرم في عقيدة إيران الإسلامية من الناحية الشرعية والأخلاقية".. تماما كما كانوا يُصدقّون إمام المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله أكثر مما يُصدّقون تقارير أجهزة مخابراتهم الغبية.. لأنه بالنسبة لهذين الزعيمين الكبيرين، يُعتبر "الصّدق" جوهر البنية العقلية والفكرية التي تقوم عليها شخصيتهما، وبالتالي، فكل حديث يثبت أنه مجانب للحقيقة قد يدفعا ثمنه غاليا من مصداقيتهما.
وعليه، فإن قوة حلف المقاومة وعظمته وسر نجاحه وسبب إحترام الغرب له لا يعود لقوته المادية، بل لخصاله الأخلاقية النبيلة وعلى رأسها "الصّدق" مع العدو كما الصديق.. وكلنا يعلم أن صدق سماحة السيد ونبله وشجاعته ورفعة أخلاقه، جعلوا الشعب الإسرائيلي يثق في إمام المقاومة أكثر من ثقته في حكومته وساساته، كما أن "الصّدق" هو الذي جعل ‘أوباما' يثق في كلام الإمام ‘خامنئي' ضاربا بعرض الحائط كل ما تقوله تقارير المخابرات الأمريكية والصهيونية وغيرها.. وهذا هو سر تحول أوباما من "شيطان" إلى داعية تقارب وسلام، متأثرا بصدق الإمامين، إمام الثورة وإمام المقاومة.
وبالتالي، يمكن الجزم، على ضوء المتوفر من معلومات ومعطيات في هذا الباب، أن النووي الإيراني في حد ذاته لم يكن فعلا مصدراً للقلق بالنسبة لأمريكا والغرب، كما أنه لم يكن بالمطلق مصدرا للقلق بالنسبة لإسرائيل والسعودية، بل القلق ناجم بالأساس عمّا يمكن أن ينتج عن الإتفاق الأمريكي – الإيراني من نتائج سياسية وأمنية على مستوى المنطقة برمتها، تكون فيها إيران القوة الإقليمية المهيمنة.. هذا هو لُبُّ المشكلة وجوهر القضية، وما سواه، مجرد خطاب مُخاتل ومُخادع لا يُصدّقه سوى الأغبياء من الشعوب التي تقاد كالنعاج، لأنها لا تُفكّر، وتثق في ما يقال لها من قبل قادة جهلة يفكرون بأعضائهم التناسلية، ويتلقُّون معلوماتهم المُزوّرة من إسرائيل، فيتولى إعلام الزيت المُتخلّف والإعلام الصهيوني المُتحامل تسويق هذا الوسخ الفكري على نطاق واسع.
انقلاب السحر على الساحر..
إن أكبر خطر يتهدد اليوم الأنظمة الرجعية الفاسدة والمستبدة في الخليج والعالم العربي عموما هو جوهر الإتفاق الروسي الأمريكي الذي تمخض عنه الإتفاق الكيماوي السوري ثم النووي الإيراني، والمتمثل في "الحرب على الإرهاب"، وهي كما تتحدث مصادر إعلامية قريبة من دوائر القرار في واشنطن والعواصم الغربية، ستكون حربا كونية بتحالف دولي لإجتثات الإرهاب أينما وجد وتجفيف منابعه الفكرية والتصدي لداعميه بالمال والسلاح، وخصوصا في السعودية.. هذا هو سبب القلق الكبير والخوف الشديد الذي ينتاب السعودية كما إسرائيل التي إستفادت من سلاح "التكفيريين" أيّما إستفادة حين استعملوه كسلاح دمار شامل في حروبهم العبثية ضد الإسلام وضد الأنظمة والجيوش والشعوب العربية المناهضة لإديولوجياتهم الرجعية الخبيثة المدمرة.
من هنا كان الإتفاق الروسي الأمريكي في الشأن الكيماوي السوري والإتفاق الأمريكي الإيراني في الشأن النووي حلا ناجعا لكل هذه التهديدات المزعومة، ومأزقا للوهابية والصهيونية جعل السحر ينقلب عليهما من حيث لم يكونا يحتسبان.. وهذا بالذات هو ما صدم إسرائيل والسعودية أيضا التي تاجرت بالعداء لإيران حتى لا تفقد نفوذها المزعوم في العالم السني، ليتبين أن فزاعة الكيماوي والنووي والتهديد الإيراني لأمن الخليج لم يكن سوى ذريعة لإبتزاز أمريكا. وهذا بالبضط ما رفضه الرئيس ‘أوباما'، فقرر الإستدارة 180 درجة في إتجاه التحالف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية باعتبارها قوة إقليمية لها أدرع قوية في المنطقة، بامكانها لعب دور سياسي إيجابي وأمني بناء لضمان مصالح أمريكا وحفظ أمنها القومي من دون حاجة للقواعد العسكرية المكلفة ولا لحلفاء إنتهازيون احترفوا لعبة إبتزاز واشنطن بفزاعات مخيفة واهية.
وعليه، فغضب إسرائيل كما السعودية هو وجهان لعملة واحدة، أي أنه تعبير عن يأس وفشل وخسارة بطعم المرارة، وتجسيد إنتهازي لدور الضحية، بعد أن فهم الحليفان الشريكان في الدم والإجرام، أن الرسالة الأمريكية الجديدة تقول لهم بصريح العبارة: "لقد إنتهت اللعبة أيها الأوغاد بعد أن أزلنا التهديد الذي كان يتربص بأمنكم كما كنتم تزعمون كذبا، ومن الآن فصاعدا عليكم الإعتماد على أنفسكم لحماية أمنكم القومي، لأن لأمريكا أولويات أخرى أكثر أهمية وإلحاحا، تتعلق بإصلاح الوضع الإقتصادي الذي تسببتم في إنهايره حتى أصبحت الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من الهاوية".
بعد إيران حزب الله يحاور الشيطان الأكبر..
وكما سبق وأشرنا من قبل في مقالة بعنوان "المنطقة مقبلة على تحولات كبرى"، كشفت صحيفة (الوورلد تريبيون) الأربعاء، عن حوار سري جرى بين الأمريكيين وحزب الله نشر في مقالة بالصحيفة تحت عنوان "أصدقاء شيعة أكثر: الولايات المتحدة في حوار سري مع حزب الله". ومضمون الحوار حسب ما ذكرته مصادر برلمانية لبنانية نقلت الخبر هو "استقرار لبنان" و "تشكيل الحكومة". وهذا يعني أننا أمام فصول متتابعة من الحلول السياسية لمشاكل المنطقة بترتيب سري أمريكي روسي إيراني متفق عليه، وتشير المصادر إلى أن هذه الحلول ستشمل أولا سورية ثم العراق فلبنان، لتنتقل بعد ذلك إلى بلدان الخليج وتنتهي باليمن، وها هي البحرين توجه دعوى لوزير الخارجية الإيراني ‘محمد جواد ظريف' لحضور منتدى الحوار البحريني" بين السلطة والمعارضة، والذي سيعقد في منتصف الشهر القادم برعاية فرنسية. و ومن المقرر أن تتم مجمل هذه الترتيبات التسووية في غضون ستة أشهر، لتتوج إيران بعد ذلك قوة إقليمية مفوضة لإدارة أمن المنطقة، وبالتالي لم تعد إيران ملزمة بترضية المملكة الوهابية ما دامت إدارة ‘أوباما' قد تعهدت بالقيام بالواجب في هذا الصدد مع مطلع العام المقبل.
وقد أثار خبر حوار حزب الله مع الأمريكيين، العديد من التسائلات حول علاقة العداء الطويلة التي كانت قائمة بين الايرانيين وحزب الله من جهة، والأمريكيين وحلفائهم من جهة أخرى، بدءاً من احتلال السفارة الامريكية في طهران عام 1979 وتحوبلها إبى سفارة لدولة فلسطين، ثم تفجير حزب الله للسفارة الامريكية في بيروت في نيسان/ابريل 1983، الذي أدى لمقتل 58 أمريكياً، ثم تنفيذ عملية التفجير الانتحاري لثكنات المارينز في بيروت في تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، والذي أدى لمقتل 241 أمريكيا و58 فرنسياً، وهي الأعمال التي اعتبرتها الإدارة الأمريكية أعمال إرهابية وصنفت على إثرها "حزب الله" على قائمة الإرهاب الأمريكية، في حين يعتبر كل من يؤمن بثقافة المقاومة أنها كانت عمليات مشروعة ضد قوى إمبريالية غازية ومعتدية.
وإذا كان المحلّلون الموضوعيون في الغرب يعتبرون أن الإستدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران وحزب الله وسوريا (قريبا)، جائت في إطار مراجعة أمريكية تاريخية لمبادئ راسخة في نظريات الحرب والسياسة العالميتين، بما يخدم مصالح الولايات المتحدة ويحقق الأمن والسلم الدوليين، بالشراكة مع حلفاء جدد أقوياء لا يشكلون عبئا على أمريكا كما هو الحال مع إسرائيل والسعودية.. فإن أقلام الزيت من مثقفي الخليج فهموا هذا التحالف الجديد من منظور إديولوجي ضيّق، فركّزوا على البعد الديني المذهبي الذي كان يعتبر أن التحالف مع أمريكا هو بمثابة التحالف مع "الشيطان الأكبر"، متناسين عن سوء نية أن الذي كان متحالفا مع "الشيطان الأكبر" حقيقة هي إسرائيل والسعودية ومشيخات الزيت، لأن تحالفهم لم يكن قائما على التعاون لتحقيق السلم والإزدهار لشعوبهم وشعوب المنطقة، بل على أساس التآمر والشر والقتل والحرب والخراب، في حين أن تحالف أمريكا اليوم مع حلف المقاومة، يقوم على قاعدة المصالح لا المبادىء، وما كان ليتم لو أن "الشيطان" لم يتب ويتحول إلى رسول سلام ويقبل بثوابت إيران الدينية والثقافية والحضارية.
والمُراقب المُحايد يستطيع التأكيد أن هذا التحالف الجديد له طبيعة مختلفة ومغايرة تماما للتحالف القديم الذي كان قائما مع محور المآمرة والإنبطاح، لأنه يقوم على الندّيّة لا التّبعيّة، والإحترام لا الإحتقار، والأمن لا الفوضى الخلاقة، والسلم لا الحرب، والتنمية لا إفقار الشعوب، والعزة لا الذل، والكرامة لا الخنوع، والتفاهم على الثوابت والمسلمات لا محاولة فرض خيارات للتغيير بالإرهاب والفتن الطائفية والمذهبية.. وهذه تعتبر سياسة جديدة منتجة للحلول الخلاقة التي تساعد على الخروج من المآزق و المشكلات، إنه أسلوب ثوري وعقلاني فعّال للتفكير والتدبير وإدارة الأزمات، يُساعد على إيجاد الحلول الناجعة للعُقد المستعصية، ويقرب بين المواقف المتباعدة بلغة المصالح بعيدا عن منطق الثنائيات الخانقة التي تُولّد العجز وتُنتج الجمود والأحقاد والخلاف والصدامات.
وبهذا المعنى، يمكننا القول أن العقلية الإيرانية هي أقرب إلى العقلية الأمريكية والغربية من حيث النسق الفكري والمنطق الحداثي من العقلية الخليجية المُتكلّسة، لأن الإيراني يملك عقلا علميا براغماتيا جبارا مبدعا ومنتجا للفكر والعلم و الحضارة، لكن بمرجعية دينية أخلاقية تتمسّك بالثوابت ولا تُفرط في المبادىء، في حين أن الخليجي (إلا من رحم الله) يملك عقلا متخلفا جامدا وإقصائيا، لا يحترم الآخر، ويحتقر كل من هو مخالف له حتى في الجنس، بما في ذلك "المرأة"، التي تمثل بالنسبة له مجرد مرحاض يُفرغ فيه مائه المهين (مع الإعتذار لكل نساء العالم).
الشيطان في الجنة..
والآن لنحاول الإجابة عما تطرحه بعض أقلام الزيت حول تحالف إيران وحزب الله مع "الشيطان الأكبر"، لكن من وجهة نظر العرفان الصوفي هذه المرة. وبالمناسبة، أنا لست صوفيا، وما كان لي أن أبلغ هذه الدرجة من الإحسان لأرى الأشياء كما هي على حقيقتها لا كما تبدو للعيان وأنا منشغل بشؤون السياسة بدل الإنصراف إلى خوض المغامرة المعرفية في كنه الله ذاتا وموضوعا.
لكنني كناقد للأفكار، أتعامل مع المقولات والكلمات والمصطلحات من منظور مفاهيمي بالتفكيك والتحليل وإعادة التركيب لمحاولة سبر أغوارها من حيث المبنى والمعنى، لأقدمها عارية من دون حجاب، ويبقى للمتابع الكريم الحق في قبولها أو رفضها وفق ما تمليه عليه قناعاته الشخصية.
يروي ‘عبد الودود بن سعيد الزاهد' عن ‘الحلاج' أنه قال وهو يخاطب الناس عقب إنتهائهم من الصلاة في المسجد: "اسمعوا أيها الناس، إن الله أباح لكم دمي فاقتلوني.. فبكى بعض القوم، فتقدمت من بين الجماعة، وقلت: يا شيخ، كيف نقتل رجلاً يصلي ويصوم ويقرأ القرآن؟ فقال: يا شيخ، المعنى الذي به تحقن الدماء خارج عن الصلاة والصوم وقراءة القرآن، فاقتلوني تؤجروا وأستريح.. فبكى القوم، وذهب، وتبعته إلى داره، وقلت: يا شيخ، ما معنى هذا؟ قال: ليس في الدنيا للمسلمين شغل أهمّ من قتلي. فقلت له: كيف الطريق إِلى الله تعالى؟ قال: الطريق بين اثنين، وليس مع الله أحد. فقلت: بيّن. قال: من لم يقف على إشارتنا لم ترشده عبارتنا" (أخبار الحلاج ص 57).
وعندما لم يفهم الناس قول ‘الحلاج' ولم ينفعه توسله لهم بقتله، خرج في الأسواق يعلن جهارا نهارا: "الشيطان في الجنة".. فكان ما كان من محاكمته من قبل 7 من كبار فقهاء المذهب الحنبلي المتشدد الذي استمد ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب فكرهم التكفيري منه، فانتهي الأمر بالحلاج مقطوع الرأس، مبتور الأطراف حيث علق الرأس على باب بغداد ودفت أطرافه في الجهات الأربعة للعراق، كي يبقي عبرة لكل من تسول له نفسه القول بما قاله. فعُرفت الواقعة في التاريخ الإسلامي ب:"مأساة الحلاج".
وواضح، أن هذه هي طريقة من لا يفهم من الكلام إلا ظاهره، ويعجز عقله المتحجر عن فهم باطنه. لأن ‘الحلاج' العارف بربه، كان يتحدث عن ثنائية الشر والخير، باعتبار أن الشر ليس من طبيعة الشيطان ولا البشر بل خلقه الله ليكون سلاحا يستعمله الشيطان لغواية البشر كما خلق الخير ليكون سلاحا للإنسان لمحاربة الشيطان (ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون) الأنبياء: 35.
وبهذا المعنى، يُعتبر الشيطان ‘رسول السيف' خلقه الله لمهمة محددة هي فتنة الناس لإختبار إيمانهم وصدقهم ومدى ثباتهم على دينهم وأخلاقهم. فالشيطان كائن مُكلف من الله (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ) الحجر: 36 – 37. وبالتالي، لا يعقل أن يتصرف الشيطان من خارج المشيئة الإلهية وضدا في إرادة خالقه، وإلا لأصبح أقوى من الله، وهذا ما لا يمكن أن يسلم به عقل ولا منطق. كما أن الشيطان لم يسبق له أن أشرك بالله أو كفر بوجوده، بل فقط عصى أمر الله التكليفي برفضه السجود لآدم، وما كان له أن يعصى أمر الله التكويني الذي في أصل علة خلقه، والذي لا يكون إلا بأمر "كن"، ومن كان ب"كن" يستحيل أن يعصيه من لم يكن. وما يقال عن عصيان أمر التكليف ينطبق على آدم كذلك الذي أغواه الشيطان فعصى أمر ربه بالوساطة، حين نهاه عن طريق جبريل عن أن يأكل من الشجرة الملعونة فأكل منها، فحل عليه غضب الله وطُرد هو وزوجه من الجنة ليخوض غمار التجربة الأرضية، تجربة المعاناة مع حرقة العشق الإلهي ولوعة اللقاء.
ويوم القيامة يقف الشيطان بين يدي رب العزة والجلالة فيقول لمن يتهمه بالغواية: (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما انتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل ان الظالمين لهم عذاب أليم) إبراهيم: 22.
لكن الملفت، أن الشيطان مؤمن بالله تعالى لا يشرك به شيئا ويخاف عذاب الله بشهادة القرآن الذي يقول: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب) الأنفال: 48.
وبهذا المعنى، فالمعظلة التي طرحها ‘الحلاج' تتلخص في السؤال التالي: – هل من لا يشرك بالله ويخاف عذابه، ويقوم بما يقوم به بترخيص من الله باعتباره رسول السيف مكلف بغواية البشر عن قهر لا عن إرادة وإختيار، يمكن أن يخلد في النار؟ علما أن الله تعالى يقول أنه يغفر الذنوب جميعا إلا من أشرك به، والشيطان لم يتبث القرآن أنه أشرك بالله أو كفر بوجوده.
هذا هو سر قول الحلاج: "الشيطان في الجنة"، ونحن لا نعلم كيف ستكون جنة الشيطان التي تحدث عنها الحلاج، ربما مكان راق مخصص له في النار، لأن الشيطان مارد خلق من نار، وبالتالي لا يمكن أن يعيش مرتاحا ومنعما إلا في جحيمها الذي يناسب أصل تكوينه فلا يُظلم فتيلا.
نسوق هذا المثال لنقول، أن ‘الشيطان' الأمريكي الذي كان يحرض إسرائيل والسعودية على إشعال نار الفتن وعلى الإرهاب وسفك الدماء والخراب والفساد في الأرض، قد تاب اليوم على يد الولي الفقيه في إيران عندما قرر الكفر بالديانة الوهابية والعقيدة الصهيونية، وهرول لعقد تحالف مع إيران هو بمثابة عهد توبة مقدس، أعلن من خلاله عن عزمه الجنوح إلى السلم والتعاون لتسود ثقافة السلام والتعايش والإحترام...
والله تعالى يقول لرسوله (صلعم) في شأن المشركين: (وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم) الأنفال: 61. فما بالك بمن هم أقل شأنا من الرسول الكريم (صلعم) حين يعرض عليهم السلم من يؤمن بالله ولو خالفت عقيدته عقيدتهم؟..
ونبقى في النهاية مجرد مؤمنين مجتهدين، دعاة للتي هي أحسن بالكلمة الطيبة، لا قضاة نحاكم الناس على نواياهم فنُكفّرهم ونُفتي بقتلهم فنُشوّه بذلك معاني الإسلام السمحة الجميلة، لأن الحكم على عقيدة الناس ونواياهم من مجال إختصاص الله تعالى لا يجوز لأحد التطاول عليه.. فطوبى لمن يؤمن بهذه الحقيقة النبيلة ويعرف قدره فيلزم حده ولا يتعدّى على حدود الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.