عبد الوهاب الشرفي ليست هذه المرة الأولى التي يُدلي فيها الشيخ سلطان السامعي بتصريحات جريئة، وليست المرة الأولى التي يواجه فيها هجومًا كاسحًا كردّ فعل على تصريحاته. وعمومًا، فإن تصريحات السامعي الأخيرة لا تحمل جديدًا في مضمونها، إذ عبّر، وإن بلغة مختلفة وأكثر مباشرة، عن ذات المشكلة التي تحدث عنها مرارًا من قبل. وهي مشكلة رئيسية، وما عداها مجرد نتائج أو مترتبات عليها. فالسامعي لم يقل كل شيء. "لا ندري من يحكم؟" هذه هي المشكلة التي أعاد السامعي طرحها في تصريحه الأخير، وهو ذات ما قاله مرارًا في السابق. ومن نتائج هذه المشكلة: هجرة رؤوس الأموال، والفساد العريض، والاختراق العميق. وهذا على الأقل، فإن لم يكن تهريب رؤوس الأموال والإضرار بالاقتصاد الوطني فسادًا واختراقًا عميقًا، فما عساه يكون؟! الجديد في تصريحه الأخير هو انتقاده لصدور الحكم بحق أحمد علي عبد الله صالح. وهذا جديد من حيث الحدث، أما إطار انتقاده، فهو لا يخرج عن نفس الإشكالية: "لا ندري من الذي يحكم؟". ويرى السامعي أن تحريك هذا الملف في هذا التوقيت غير صائب، وأنه صبٌّ للزيت على النار، ومقصده واضح، إذ يرى أنه بابٌ سيتسلل منه من يريد إحداث صدوع بين مكونات مناطق المجلس السياسي. لستُ بصدد الكتابة دفاعًا عن الشيخ سلطان، وإنما لتوضيح أمرين: أولًا، أن تأويل تصريحه ومحاولة توظيفه في إطار الصراع من قِبل أطراف محسوبة على سلطة المجلس الرئاسي ليس السامعي مسؤولًا عنه، فالقضايا التي تحدث عنها – من يحكم؟ الفساد، الأضرار بالاقتصاد الوطني – لا تقتصر على مناطق المجلس السياسي، بل تمتد لتشمل مناطق المجلس الرئاسي أيضًا. ثانيًا، أن ما ذكره السامعي أوضح هدفه منه، وهو أن من سمّاهم "الاختراق" يجب أن يجدوا أنفسهم في السجون، وبالتالي فإن ما قاله يحمل تحذيرًا أيضًا. السامعي هو عضو المجلس السياسي الأعلى، أي عضو في أعلى سلطة رسمية في مناطق المجلس السياسي، وتصريحاته تصدر بهذه الصفة. والسؤال هنا: من هم الذين يهاجمونه ويخوّنونه ويطلقون التهديدات ضده؟ هل هم معارضة؟ بالطبع لا، إذ لا توجد في البلاد معارضة حقيقية حاليًا. فمن هم إذًا؟ ما صفتهم حتى يشنّوا حملة على عضو في أعلى سلطة بمناطقهم، بل ويخوّنوه ويتوعّدوه؟ الجواب عن هذا السؤال هو ذاته دليل المشكلة التي طالما أثارها السامعي وكرّرها: من الذي يحكم؟ فهذا الهجوم الشرس والمتكرر، كلما تحدث السامعي عن هذه المشكلة، لا يصدر من معارضة، بل من أطراف في السلطة، لكنها ليست سلطة المجلس السياسي الأعلى التي ينتمي إليها السامعي ويعبّر عنها. وهذا هو التجسيد الواقعي لما يقوله السامعي. ولا يحتاج الشيخ سلطان السامعي لتأييد لتصريحاته أكثر من هذا الهجوم عليه، وهو عضو في أعلى سلطة بمناطق المجلس السياسي، في حين أن الهجوم لا يصدر عن معارضة!