في محافظة كالمهرة تقارب مساحتها المائة الف كيلومتر مربع وتمتد شواطئها لاكثر من خمسمائة كيلوعلى المحيط الهندي تجعلها الاولى من حيث موارد الثروة السمكية في البلاد لو اٌحسنت ادارتها بالاضافة الى ماتبشر به كل الاستكشافات الحديثة في مجال النفط والغاز ...في محافظة كهذه لايجد المرء مبرراً لتردي الاوضاع المعيشية فيها ,فالخدمات الاساسية من التعليم والمرافق الصحية وغيرها في حدها الادنى بل تكاد منعدمة تماماً.في زيارتنا لمستشفى المحافظة الوحيد بمدينة الغيظة لم اتصور ان المشستفى بدون تكييف في مدينة حارة كالغيظة و تعوزه ابسط الادوية الاسعافية, وحدة الكلية الصناعية هي الاخرى متوقفة لعدم تزويدها بالمحاليل اللازمة, مما يضطر المرضى السفر لمدينة المكلا (500)كيلو او لسلطنة عمان المجاورة, في المهرة يجد الزائر كثير من المظاهر في تضاد مع اهمية هذه المحافظة, حضور محدود لأبناء المهرة في الادارات الحيوية والمفصلية, ينعكس سلبا على فعالية هذه المنظومة الحكومية, لأبناء المهرة تطلعات دون حدود لتطوير بلادهم, الا ان هناك تحديات كبيرة تحول بينهم وبين هذه الطموحات في التنمية المستدامة والكفائة العالية في الادارة, اهم هذه التحديات, قضية التعليم بجميع مراحله من الاساس الى التعليم الجامعي, صديقي يحيى ال عفرار في ماليزيا ضمن قلائل ممن شقو طريقهم في هذا المجال, تشرفت ايضا بزمالة الدكتور عادل والدكتور عيسى والمهندس فرحان في الخرطوم قبل سنوات, لاشك ان هناك اخرين امثالهم, لكن يبقى العدد محدوداً اذا ما قورن بما تحتاجه هذه المحافظة من الكادر المدرب في مجالات التنمية المختلفة, الوضع المتردي هناك ايضاً,لا يساعد على استقطاب واستقرار المؤهلين من ابناء المهرة,فالفوارق الكبيرة في الدخل مع دول الجوار,يغري بالاغتراب مرة اخرى,تطلعات ابناء المهرة المشروعة في ادارة اقليمية بصلاحيات واسعة, تصطدم بمثل هذه العوائق,هناك شعور واسع بتغول المركزية الشديدة التي قتلت التنمية في المحافظة, يقابله رغبة جامحة نحو تنظيم جديد لإدارة البلاد يعطي الاقاليم البعيدة مساحة اوسع في الادارة الذاتية لشئونها المحلية, هذه الرغبة يلمسها المرء بين قطاعات واسعة في المهرة, وقد اوصلنا فحوى هذه التطلعات المهرية لمؤتمر الحوار الوطني من وحي نزول فريق بناء الدولة للمحافظة نهاية مايو الماضي, المهرة تربطهم وشائج قربى وصلات تاريخية وهموم مشتركة باخوانهم في ارخبيل سقطرى, يتطلعون لتاكيد هذه الروابط في تنظيم اداري يعطي لهم نوعاً من الخصوصية الثقافية المتميزة, تلمس في المهرة روح ثورة الشباب السلمية التي رفعت سقف توقعات الناس وطموحاتهم في مستقبل جديد يغادر ثقافة الاقصاء والتهميش ويحقق الفرص المتساوية والعدالة في توزيع السلطة والثروة.