كيف هي المهرة ؟؟ سؤال يتردد على لسان كل من قابلته داخل المهرة أو اتصل بي من خارج المهرة وكذلك عند عودتي من المهرة ، والحقيقة أن جوابي كان للجميع بأن المهرة بسيطة يتميز أبناؤها بالطيبة وسهولة التعامل بين الجميع ، عاداتهم طغت على كل من يأتي أو يعيش فيها ، عادات وتقاليد منذ القدم لاتزال تمارس حتى اليوم مع اختلاف طفيف على بعضها، نتيجة التغيرات والتحولات التي حدثت ، وكان لوسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمكتوبة دور كبير ، فالفضائيات تأثر بها بعض أبناء المهرة في سلوكياتهم وتسيير أعمالهم ومعاملاتهم. تقع محافظة المهرة في الجزء الشرقي من الجمهورية اليمنية، يحدها من الشمال صحراء الربع الخالي ومن الشرق سلطنة عمان الشقيقة ومن الجنوب البحر العربي. ومحافظة حضرموت من الغرب، تبلغ مساحة المحافظة حوالى 68851 كيلو متراً مربعاً ، تتوزع على هذه المساحة تسع مديريات هي: الغيظة، حوف، حصوين، قشن، سيحوت، المسيلة، شحن، حات،، ومنعر، وتعد مديرية حات أكبر مديريات المحافظة , مساحتها 19303 كم2 في حين تعتبر مديرية حوف أصغر المديريات مساحة ؛ إذ تبلغ مساحتها 1531 كم2 لكنها تعتبر ثاني مديرية من حيث الأهمية بعد الغيظة عاصمة المحافظة ويبلغ عدد سكان محافظة المهرة 89093 نسمة بحسب نتائج تعداد 2004م. نشاط عام اعتاد أبناء المهرة على النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً ومن ثم الذهاب إلى الصيد إلى أعمالهم، وتستمر الأعمال حتى وقت الظهر، وحين أوقات الأذان الكل يذهب إلى الصلاة وأثناء الصلاة يتم اغلاق المحلات التجارية ولا تفتح أغلبها إلا بعد صلاة العصر، وما بين الظهر والعصر وقت مقطوع للغداء ومن ثم القيلولة.. تبدأ الحركة في الأسواق التجارية بعد صلاة العصر من جديد حتى بعد العشاء في الساعة التاسعة ليلاً ثم تشل الحركة وتغلق المحلات التجارية حتى الصباح. من يذهب إلى المهرة لأول مرة ولم يعرف نمط العيش يصطدم بكثير من الأشياء، كل شيء في المهرة يكون مبكراً الأكل، الصلاة، العمل، وهكذا الدوام في المنشآت الحكومية يبدأ فعلياً من الساعة التاسعة وينتهي بعد صلاة الظهر وان استمرت المنشآت الحكومية مفتوحة الأبواب فهي تبقى حتى الواحدة ومن ثم تغلق الأبواب وهكذا كل يوم. أبرز الأكلات المهرية هي الأرز مع اللحم أو الصيد وهذه هي الأكلة الأساسية فلا تخلو مائدة غداء من هذه الأكلة خصوصاً أثناء الغداء بل إن بعضهم يتناولها في العشاء والفطور. لغة مختلفة اللغة المهرية من لا يعرفها و يسمع من يتحدث بها يكون كالأطرش في الزفة، يتبادل المهريون هذه اللغة باستمرار فيمابينهم يتربون عليها وبعضهم لا يعرف العربية إلا عند دخوله المدرسة. ومن المشاكل التي يعانيها المدرسون في المدارس هي صعوبة فهم اللغة العربية عند بعض الطلاب خصوصاً في الصفوف الأولى. في كثير من بوادي المهرة من الصعب جداً الحديث بالعربية وعند الذهاب إليها لابد من وجود من يعرف العربية «مترجم» حتى تستطيع التحدث مع أبناء البوادي على جه الخصوص.وهذا ما أكده لنا الأخ ناصر أحمد ناصر «مدرس» والذي قال عن الوضع التعليمي في محافظة المهرة: التعليم هنا مثل أية محافظة لا توجد اختلافات أو مميزات شعار التعليم هو «الشهادة للجميع والتميز لمن يريد». ولمعرفة المزيد حول اللغة المهرية لنا لقاء في موضوع خاص عن اللغة المهرية سيتم نشره لاحقاً. بنية بدائية الخدمات والبنية الأساسية بدائية وتتحسن من سنة إلى أخرى، الفرق كبير بين ماكانت عليه المهرة قبل 15 سنة وبين اليوم ولا وجه للمقارنة في جميع المجالات ، فمثلاً في مجال التعليم كان في عام 1990م لا توجد مدرسة ثانوية كانت توجد فقط مدارس أساسية محدودة ومن يريد مواصلة الدراسة عليه أن يذهب إلى المكلا أو عدن أما اليوم فلا تخلو مديرية أو مدينة في المهرة من المدارس. ويمكن القول إن محافظة المهرة لا تزال بحاجة إلى جميع المجالات فلا يوجد مجال مكتمل البنية، فجميع المجالات في بداية وضع اللبنات الأساسية، خدمات بسيطة وكذلك البنية الأساسية والجميل أن هناك خططاً وطموحات كبيرة والكل يعمل ويثابر من أجل الوصول بالمحافظة إلى مرتبة متقدمة تنافس بقية المحافظات. بساطة وهدوء في المهرة الكل يحب البساطة والهدوء،الجميع يحب النظام والقانون والكل يسعى للحصول على خدمات ويطالب باستمرار بتحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية وهذه ميزة يتميز بها أبناء المهرة. أعضاء المجالس المحلية متابعون لما يجري في المحافظة ومتفاعلون مع القضايا خصوصاً أعضاء الهيئات الإدارية، الكل يراقب ويناقش كل شكوى تتقدم، يتابعون أعمال المكاتب التنفيذية باستمرار وفي حالة حدوث أي تقصير يعملون على تقصي أسبابه ويصل الأمر إلى تغيير المسئولين والمديرين. أبناء المحافظة أيضاً يتابعون أعمال أعضاء المجالس المحلية وما يقومون به فهم على اتصال باستمرار مع ممثليهم في المجالس المحلية ومجلس النواب ، من مميزاتهم أنهم متابعون لما يجري في المحافظة فكل ما يحدث الكل يعلم به، بكل سهولة، إن تسأل عن عنوان معين يدلوك بسهولة. طموح كبير سألنا من التقينا بهم عما حدث في المحافظة وأوضاعها فكان جواب الغالبية أن تحقق انجاز كبير لكنه ليس بالمستوى الذي يطمح إليه أبناء المحافظة. ويجب أن يعرف الجميع أن أبناء المهرة رغم بساطة العيش لكنهم طموحون ومثابرون ومتابعون لمختلف التطورات التي تحدث. باب المحافظ مفتوح محافظ المحافظة العميد محمد عبدالله الحرازي موجود على مدار الساعة في مكتبه بالمجمع الحكومي «مقر المحافظة» بابه مفتوح أثناء الدوام الرسمي أو في مقر منزله بعد الدوام حتى ساعات متأخرة من الليل وفي بعض الأيام يواصل المحافظ العمل طوال الليل. يأتي إليه أبناء المحافظة باستمرار وفي بعض الأيام تكون المعاملات خارج أوقات الدوام الرسمي أكثر أي في المنزل ، يطلب منه أحيانآً حتى حل مشاكل شخصية لا توجد حراسات أو شخص يمنع الدخول إلى عند المحافظ الكل يذهب إليه في أي وقت. لهذا تجد كل من قابل الأخ المحافظ الحرازي أو عرفه يثني عليه بتفاؤل بأنه سينهض بالمحافظة وسيعود بالنفع عليهم، ويعلقون عليه الآمال الكبيرة للمحافظة. نتمنى للأخ المحافظ الحرازي كل التوفيق والنجاح وأن يحقق لأبناء المهرة مايطمحون. تكافل اجتماعي من مميزات المهريين أيضاً التعاون والتكافل الاجتماعي.. الكل يسأل عن أحوال الآخرين ولا توجد حواجز فيما بينهم، بإمكان تبادل الزيارات في أي وقت بدون رسميات أو تقاليد معينة.. فخلال النهار بعد ما يعودون من العمل يتجمعون أمام المنازل في الدكة.. وهي مكان للجلوس يتبادلون الأحاديث ومناقشة القضايا المختلفة ، وهذه «الدكك» أشبه بمجالس القات. لهذا تجد كل شخص يعرف أخبار الآخر وأحواله من مختلف الجوانب.. من يذهب إلى المهرة يرحب به لكنه يجد أن هناك عادات وتقاليد تفرض عليه إما أن يمارس عادتهم وتقاليدهم حتى يندمج وإلا يبقى منعزلاً وحيداً خارج الدائرة. في حالة حدوث خبر ماإن يسمع به أو يعلم به شخص بكل سهولة وبسرعة الطير يتناقلونه فيما بينهم وكل واحد يدعم ويساعد الآخر، وفي حالة وجود قصور أو عيوب في أحدهم أو حدث خطأ ما يستخدمون القول: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً». خبور خير إذا قابلت المهري أو كلمة بعد تبادل السلام والتحايا هي كلمة «خبور» ويقصد منها «أخبارك، علومك، ماعندك من جديد..الخ» ولا بد من قول كلمة خبور وإلا تكون النتيجة عكسية تماماً عند الكثيرين وبالذات اذا كان اللقاء بين أبناء المهرة ،أما اذا كان اللقاء مع أشخاص غير أبناء المهرة يتم التغاضي عن الإجابة وهكذا. سرية التخزين القات بشكل عام غير مرغوب وغير محبوب عند أبناء المهرة، قليل من المهريين يتناولون القات، يتناولونه بسرية تامة وخصوصاً الشباب، وكما هو معروف أن المحافظة لا تزرع القات لكنه يأتي إليها من محافظات أخرى وأهمها صنعاء ورداع والضالع، المهريات لا يتناولن القات فهو شبه محرم خصوصاً من قبل النساء ، الرجال هم من يخزنون ، أما النساء فمن العيب أن تتناول المهرية القات. المهربون يتناولون القات خارج المنازل، كثير منهم يخفيه وخصوصاً الشباب، أحد الشباب قال لي إنه يتناول أحياناً القات خارج مدينة الغيظة ولم يعلم أحد إلا بعض أصدقائه لكن أسرته لا تعلم تماماً ولو علمت حسب قوله سوف يكون لهم شأن آخر معه. القات يفرق المخطوبين وإذا كان هناك شاب يتناول القات وهو خاطب إذا علمت خطيبته أنه يتناول القات تفسخ الخطبة على الفور ويؤيدها جميع أفراد الأسرة وكأنه ارتكب جريمة كبرى ، ولا مجال للنقاش. أما المتزوجون فعقوبتهم عدم التخزين في المنزل. وعادة ماتكون أماكن القات على شواطئ البحر وفي الفنادق والمنازل التي يسكنها الرجال فقط «بيوت العزوبية» أو في المنازل التي يسكنها غير المهربين. النساء تحرم القات حاولنا طرح الموضوع على إحدى نساء المهرة والتي بمجرد أن سألتها عن القات تلقت السؤال بغرابة وقالت كنت أظن أنك ستسأل عن مواضيع أخرى غير القات وقالت: المرأة المهرية لا تتناول القات لا في الماضي ولا في الحاضر؛ لأنه عيب بل وحرام ، هكذا قالت أختنا ونصحتنا بعدم طرح مثل هذا الموضوع على نساء المهرة. محلي المحافظة يلغي قرار حوف في مديرية حوف وصل الأمر إلى أن المجلس المحلي كان قد أصدر قراراً بأغلبية أعضائه الاّ عضوين فقط بمنع تناول وتداول القات في المديرية لكن سرعان ما تم الغاء القرار من قبل المجلس المحلي بالمحافظة ، وكان الغاء القرار بتوافق جميع اعضاء المجلس بالمحافظة ، وقد احدث القرار استغراب واستنكار الجميع وكان كل من سمع بالقرار يقول إنه قرار غريب ومستحيل تطبيقه؛كون المجتمع اليمني اعتاد تناول القات منذ زمن بكل حرية. كثرة المساجد المساجد كثيرة ولا تخلو منطقة أو قرية إلا وفيها مسجد ، ولكن ما يميز مساجد المهرة أن من يقوم ببناء مسجد يوفر كل احتياجات الجامع اثناء البناء وما بعد البناء والتكاليف يدفعها من قام بالبناء ليست شروطاً مفروضة لكنها عادة في محافظة المهرة ، فيظل فاعل الخير الذي قام ببناء مسجد يدفع مرتب القيم وإمام وخطيب المسجد ولم توجد مشاكل كما يحدث في بقية المحافظات في بعض المساجد فمكتب الأوقاف يقوم بعملية الاشراف الكامل على جميع المساجد في المحافظة ، والتي لم يشرف عليها خصوصاً تلك التي في البوادي، الكل ملتزم بتقاليد الشرع ولا توجد أية اختلافات أو مشاكل. حب الاغتراب من عادات أبناء المهرة أيضاً الاغتراب ، فكثير من أبناء محافظة المهرة مغتربون في المهجر فلا تخلو بيت إلا وفيه مغترب على الأقل إن لم تكن الأسرة بأكملها ، وقد أصبح الاغتراب عادة متوارثة وأكثر المغتربين في بلدان الخليج العربي. النشاط التجاري والاستثماري في المحافظة حالياً تعود نسبة كبيرة منه للمغتربين من أبناء المحافظة فأغلب الفنادق التي تم إنشاؤها مؤخراً في الغيظة والمحلات التجارية تعود للمغتربين من أبناء المحافظة. ورغم طول سنوات الاغتراب إلا أن عملية الاستثمار لم يفكروا بها إلا خلال السنوات الأخيرة ، فبحسب قول من التقينا بهم قالوا إن اخوتنا المغتربين لم يقدموا على الاستثمار إلاّ مؤخراً والسبب أنهم لم يجدوا الأمن والاستقرار في الماضي وعندما استقرت الأمور في المحافظة عاد الكثير من أبناء المحافظة ومنهم من أنشأ منشآت تجارية وسياحية ، وهناك رغبة كبيرة لدى كثير منهم للاستثمار في المحافظة ونتوقع خلال السنوات القادمة نهضة استثمارية كبيرة في مختلف المحافظات. تبادل الزيارات مع العمانيين ولكون محافظة المهرة تقع على حدود سلطنة عمان الشقيقة ، يجد أبناء المهرة سهولة في السفر إلى عمان وخصوصاً المرضى ، فكثير من المرضى يذهبون إلى السلطنة للعلاج بمجرد أخذ تقرير طبي من مستشفى الغيظة وإذا وجدت حالات مرضية بمجرد أنه مريض يسمح للدخول إلى السلطنة للعلاج ، فالتعاون في هذا المجال كبير. هذا بالإضافة إلى أن هناك عادات وتقاليد مشتركة يمارسها أبناء المحافظة وكذلك أبناء سلطنة عمان الشقيقة فأبناء المهرة يحترمون إخوانهم العمانيين. وتبادل الخدمات والزيارات بين أبناء البلدين بلاشك يعزز العلاقات الثنائية اليمنية العمانية. وكما أخبرني الكثير من أبناء المهرة والذين قالوا إنه لا يوجد فرق في جميع المجالات في بعض المناطق الحدودية نفس المعيشة والتعامل وتسيير الأمور.