عندما طرحنا قضية الطفل علي والمأساة التي تعرض لها ، لم يكن يجول بخاطرنا بأن هناك مآسي أخرى ينتظرنا سماعها ، فعلي ليس الضحية الأولى لأب تجرد من كل معاني الإنسانية ، فبدل من أن يكون هو الرحيم عليهم والرؤوف بهم ، كان هو مصدر الذل والإهانة لهم ، وبدل من أن يصرف عليهم من عرق جبينه ، كان يحثهم على السرقة ، ومن لم يقم بإحضار المسروقات له ، فإن العذاب هو مصيره . تتحدت أم الأطفال " للمدينة " وعبراتها تسبقها حتى انها في لحظات لا تستطيع أن تستمر في الحديث بسبب ما عانته من إهانات وتعذيب ، وتقول كل ما حصل لي لا يهمني ، ولكن ما حصل لأبنائي قمة المأساة ، ونحن في بلد يطبق الأحكام الإسلامية فأخرجوا حقي وحق أولادي من هذا الظالم ، فقد أخرجني من بيتي مطلقة حتى الملابس لا أملكها ، لولا إحدى النساء التي تجملت فيني وأخذتني لمنزلها ، ثم أوصلوني الى منزل أخي في جازان ، فأنا أم لسبعة أولاد وهم وليد 11 سنة ، وفيصل 10 سنوات ، وعلي 9 سنوات ، ولؤي 6 سنوات ، وإياد 5 سنوات ، وروان 3 سنوات ، وسلطان سنتين ، كلهم تعرضوا لصنوف العذاب من أب لا يعرف الدين ولا الأخلاق ولا المروءة . وعن كيفية إصابة إبنها علي تقول جاء عندنا البيت إبني وليد وقال ان أبوه يريد علي فأخذه معهم ، وكنت أعتقد بأنه يريد أخذه مثل كل مره يكون معه في البيت ثم يرجعه مرة أخرى ، حدث هذا في يوم الإثنين ، وعاد به يوم الثلاثاء والدم ينزف منه بغزارة ، حيث قام بضربه بعصا على رأسه بسبب عدم قيامه بالسرقة ، حيث كان يحثه على السرقة ، وبعد ذلك قام بأخذ آله حادة ( سكين ) وقام بربط يدي الطفل وأرجله وربط على فمه لكي لا يصيح ، وكان يأمر أخيه بمساعدته في سلخ رأس الطفل بالسكين ، وكان وليد يقول بأن أبوه كان يهدده إذا لم يقم بمساعدته في سلخ رأس أخوة فسوف يقوم بذبحه بالسكين ، وعندها قمنا بالذهاب به إلى مستشفى جازان العام وتم تحويله إلى مستشفى الملك فهد المركزي .
وترجع أم علي حديثها للوراء وهي تسترجع كل فصول معاناتها ، فتقول بأن زوجها كان موظف في أحد المجمعات التجارية ( حارس أمن ) وتم فصله بعد إتهامه بسرقة عدة محلات من المجمع الذي يعمل به ، وتقول لي سبعة أطفال لا يوجد واحد منهم ملحق بكرت العائلة ، بل حتى الختان لم يتم ختان أي منهم ، حتى أنا زوجته لم يقم بإلحاقي معه ، رغم أنه كان يستطيع إضافتي في كرت العائلة بعد إنجابنا لعدد من الأبناء ، وأنا مطلقة الآن طلاق بائن منذ شهرين حيث رماني في الشارع اخر الليل ، لولا تدخل جارتي التي قامت بإيصالي مع زوجها إلى منزل أخي في جازان . وعن معاناة باقي أبنائها تتنهد قليلاً وتقول بأن إبني فيصل هرب من جحيم عذاب والده صباح يوم عيد الفطر وتم القبض عليه من قبل الجهات الامنية وتم ترحيله إلى اليمن ، وعندما كان في سجن الرعاية للأحداث أخبرهم أحد الذين كان مرحل معهم بأن هذا الطفل سعودي وليس يمني ، وعند سؤاله أخبرهم بأن له أقارب في اليمن وتواصلوا مع أخي الذي يسكن في اليمن ، وتم إخراجه بعد أن دفعت لهم ( 300 ريال سعودي ) ، لكم أن تتخيلوا بأن الناس في فرحة العيد ، وأنا أبكي على إبني الذي لم نكن نعرف عنه أي شيء ، فأخبر أخي بعد خروجه من التوقيف بأن والده هدده بكسر ظهره ، وأنه هرب خوفا من جحيم العذاب الذي كان يجده عند والده ، بسبب أنه لا يأتي له بفلوس ، فهل يعقل بأن طفل في العاشرة من عمره يصرف على والده من أجل ملذاته ، فكان فيصل يقول لوالده أنت الذي مفروض تصرف علينا يا أبي ، مو إحنا اللي نصرف عليك ، فكان يتعرض للضرب عندما يتكلم مع والده . وقالت بأن إبنها يتواجد حاليا عند أخوها في قرية صعفان التابعة لمحافظة حرضباليمن وانه يريد العودة إلى هنا حيث إتصل علي بالأمس وأخبرني بأنه يريد الرجوع الينا وكان يبكي خوفاً ، وأنا من هنا ابكي حرقة على إبني فلا توجد لدي ( 1500 ريال ) مصاريف عودته إلى هنا . وعن مطالبها تقول بأنها بحاجة إلى بيت يؤويها هي وأبنائها وإضافتي وإضافة أبنائي وأن يلتحقوا بالمدارس ، فكل أبنائي لم يلتحقوا بالمدارس ، فقد ضيع والدهم أبنائه وضيع مستقبلهم ، وأذاق أبناؤه كافة أصناف العذاب . وقد قدمت إدارة التربية والتعليم بمحافظة صبيا مبادرة من خلال قسم الإختبارات بأن تتبني الأطفال من هذه الاسرة وتسجلهم بالمدارس التي يرغبون الإلتحاق بها ، ومتابعة إجراءات إضافتهم إلى والدهم ، وتقديم كل اصناف الدعم التربوي والتهيئة النفسية لهم ،من خلال قسم الاختبارات وقسم التوجيه والإرشاد ، أوضح ذلك مدير تعليم صبيا أحمد بن علي ربيع ، وذلك بناء على سكن العائلة في قرية أبو السلع والتي تقع شمال محافظة صبيا وتتبع تعليميا ادارة التربية والتعليم بمحافظة صبيا ، وقد نقلنا مبادرة تعليم صبيا إلى أم الاطفال فدعوت لهم بدعوات صادقة وأفادت بأنها منذ طلاقها إنتقلت إلى العيش عند أخيها في جازان ، وهي تتمنى أن يلتحق ابنائها بالتعليم في جازان .