اتفاق تهدئة جديد بين المؤتمر والمشترك ، وترحيب رئاسي بذلك ، بينما قد يضع الكثير من المتابعين والخبراء والمهتمين أيديهم على قلوبهم نحو المنحدر السحيق الذي قد تهوي إليه ما تبقى من مفهوم الدولة في اليمن السعيد المراوغات السياسية مستمرة ، ومن خلالها يتضح مقدار الدهاء السياسي للطرفين المتناحرين ، واللذان ينسيان في معمعة صراعهما انهما جزء من كل في وطن ليس كل ما فيه المؤتمر الحاكم او المشترك المعارض. المؤتمر الحاكم .. هذا الحزب الذي يحكم البلاد منذ ثلاثة عقود مضت منفردا تارة ، أو في حكومات ائتلافية مع قوى سياسية تارة أخرى ، يثبت اليوم للشارع اليمني انه لا يتسلح بالحنكة الكافية لقيادة دفة البلاد نحو الأمان .. وتثبت قياداته وكوادره إنها عاجزة تماما عن الفعل ، بينما تتبارى في خطابات حماسية مفرغة المضمون ، ثم تمضي في توقيع اتفاقات مفرغة بعيدة تماما عن واقع الحياة " المأساوي" للوطن ، ولا تعبر عن حس وطني مسئول يتعامل بواقعية مطلقة مع الازمات ويفلح في وضع حداً لها .. ان لم يكن من المفترض معالجتها تماماً. يبدو المؤتمر الشعبي العام بأنه مضطرب ومتجزأ وغير واضح الرؤية ، تلك قناعة حاولنا مراراً نفيها ، لكن المواقف المتتالية تبرهنها وتأكدها .. فبعد وصوله مع أحزاب المشترك الى نفق مسدود نحو التقارب والحوار البناء نتيجة للتعنت المجحف الذي ضل يحمله المشترك كشروطا لجلوسه على الطاولة ، يحاول المؤتمر الشعبي العام ان يوجد له هوية و رؤية من خلال اتخاذه قراراً بأنه ماض وبقية الأحزاب الوطنية الغير منطوية تحت اللقاء المشترك الى الانتخابات النيابية ، بغض النضر عن دخول المشترك فيها من عدمه، وذلك القرار استبشر به كل من يحمل بين جوانحه مفردة اليمن الديمقراطي والحداثي الساعي نحو التقدم .. ثم ما يلبث الحزب الحاكم ان يعود الى ديدنه متسولاً رضاء المشترك ومستجدياً له ، في نهج غريب يضع الكثير من علامات التساؤل والاستفهام حول ماذا يريده المؤتمر بالضبط؟! وعلى الجانب الآخر ، يبدو ان اللقاء المشترك قد درس الحزب الحاكم جيداً وأصبح يفهمه أكثر من قياداته وأعضاءه ، لذا فقد تملك " المشترك" خيوط اللعبة السياسية في البلاد وأصبح يديرها كيفما يحلو له ، بل انه صار " يرقص" على جروح الحاكم ونقاط ضعفه. لذا جاء الاتفاق الأخير ليكسب المشترك الرهان .. الذي كان قد أكده ، وفحواه ان الحزب الحاكم اضعف من ان يمضي في قراره طالما والصراع الحقيقي ليس في السباق نحو مقاعد البرلمان.. بل ابعد من ذلك بكثير. كما ان احد بنود الرهان التي يسعى اليها هذا اللقاء المعارض هو شنق ما تبقى من شرعية للحزب الحاكم وتعريته امام الملأ بأنه حزب " الصفقات". لقد فلح المشترك حقاً في ان يجر المؤتمر الى طاولة الحوار ، في تكتيك حذق وماهر يمهد لنوايا المشترك الحقيقية .. الوصول الى سدة القرار .. وبتفصيل اكثر .. حكم البلاد... ربما المؤتمر الشعبي كذلك .. الطرفين الأن يمضيا نحو اتفاق ملغوم يبتر اذرع التجربة الديمقراطية اليمنية ويجعلها مشلولة ، ناهيك عن الخطر المحدق الذي ينتظر البلاد هو الفراغ الدستوري .. ولا شي دونه.. هذا ما يسعى اليه احزاب اللقاء المشترك .. وما يعجز عن فهمه الحزب الحاكم للبلاد. اليمن في مفترق طرق .. وبين ايدي عبثيه تعجن حاضره ومستقبله على شاكلة .. زاد الماء .. زاد الطحين .. في مصفوفة متهاوية تمضي بنا جميعا نحو .. اللادولة .. بمعانيها الكاملة ..