مسكينة هذه المدّنية أصبحت حديث المقايل والقهاوي وغرز الشيشة ومجالس التفرطة وحتى مناورات المغازلة والتجليس أيضاً لا تخلو من إقحامها كلغة تخاطب ( مش قلنا دولة مدنية ... رخي طبعك يا مليح) . بس ياليت الكل يرخي طبعه معها من صدق, لا أن يستغلها الطرف المناصر فيضعها على الشعارات الكثيرة والمتشابهة التي ادوشوا الشارع بها , وكل يوم يتحف الناس بمنتدى أو حزب أو صحيفة بهذا المصطلح , ليس إيماناً منه بأنها فعلاً بذرة المجتمع الراشد والفاعل والمنتج, ولكن لأنه سمع شباب الساحات مجمعين عليها .. ينادون باسمها ويتمنونها ويبشرون المجتمع بدنو موعد إشراقها فقرر أن يغتصبها قبل أن تزف إليهم ويضع الجميع أمام الأمر الواقع. وهناك من ينادي بالمدّنية وهو يتجول في شوارع صنعاء, يرافقه عشرون (شاص) محملة عشرات أو مئات المسلحين المدنيين .. يمكن صاحبنا اعتقد أن المدّنية تأتي من اللباس المدّني فقط , وهاهو وجماعته كلهم يلبسون الزنين والأكوات _أصلاً مايعرفوش إلا هذا اللباس_ أي أنهم يطبقون روح المدّنية وجسدها. طرف ثالث حصر وحاصر المدّنية في ضرورة مسح كل العادات والتقاليد الايجابية والسلبية باستيكة . بل وقفز بمدّنيته إلى مساحة الاستهزاء والسخرية والإساءة للمقدسات الدينية عمداً وعدواناً إيماناً منه باستحالة التعايش بين المدّنية والمعتقدات الدينية. طرف رابع ربما استيقظ بعد سبات عميق ليجد هذا الشيء حاضراً في خطابات الناس والأحزاب والتكتلات, كل طرف يتغنى بها بعد أن ادخلها محل خياطة وأشرف على تفصيلها بحسب تخديرة ما قبل القات وما بعد الفسبكة. صاحبنا (الطرف الرابع) أوجس خيفة من هذا الذي يسيطر على عقول الناس وقلوبهم, وبعد تفحيص وتمحيص وتأمل وتعلعل ومراجعة واستفسار خلص إلى أن المدّنية رجس من عمل الشيطان, تبيح الفاحشة بين الولدان, وتساوي بين الإنسان والحيوان, فخرج إلى الناس ليحذر منها وينذر ويتوعد ويتجعد. يعني باختصار على أروى عبده عثمان وأحمد سيف حاشد وسامية الأغبري ومحمود ياسين وجماعتهم أن يبحثوا لهم على بقعة بعيييييييدة يطبقوا مدّنيتهم التي يحلمون بها ويناضلون من أجلها, أما هنا في ظل عجرفة العسكر وبنادق أم شيخ وفتاوى رجال الدين نقول لهم مافيش فااااااااااااااااايدة يا صفية . ورحم الله سعد زغلول.