قال الصائدي كان الرئيس الراحل الشهيد ابراهيم محمد الحمدي في جولة تفقدية في ليلة من ليالي شتاء اليمن القارص في سنة 1976 وكان الرئيس يرتدي بدلة عسكرية بلا رتب , وصادف وصوله الى مدينة رداع محافظة البيضاء الساعة السادسة صباحا , وقرر الرئيس ان نتناول فطورنا عند أمرأه في الخمسين من عمرها تبيع خبز الخمير مع الشاي ليجلس الرئيس قبالة المرأة صاحبة المقهاية وهي لا تعرف من هو الجالس أمامها , وهنا سألها الرئيس :الحمدي هل لك من معيل يعيلكم أنتئ وبناتك ؟ لترد عليه , نعم لي زوج معوق في حرب المناطق الوسطي سنة 1971 ونحن نسكن في بيت من اللبن في قرية المصلى , وانا الوحيدة مع هاتين البنتين نعمل في هذه المهنة منذ خمس سنوات . فرد عليها الرئيس الحمدي :وهل شكوت حالك للرئيس ؟؟. وهنا ردت علية بعصبية ( يلعن ابو الرئيس ). يقول (الصايدي) (وهو الشخص الذي يروي الحادثة) رأيت الرئيس الحمدي وقد تغيرت ملامح وجهه , ليقول لها (يا أمي انا صديق الرئيس وهذه ورقة مكتوبه له) وانشاء الله الرئيس ما يقصر معك وسلمها لها.. ويواصل الصايدي في حديثه ويقول: بعد يومين من اللقاء بهذه المرأة جاءنا صباحا الملازم اول محمد الضبري يخبرنا بأن هذه ورقه مكتوبه بخط الرئيس يقول فيها كل من تقع هذه الورقة في يده عليه توصيل صاحبها او حاملها الى مقر تواجدي , وبعد ان اخبرت الرئيس بذلك طلب احضارها فورا , وبعد دخولها الى مكتبه حيته بأجمل التحايا وطلب من المراسل احضار صحنين كباب من مطعم الشيعاني المجاور للقيادة وكان سعر النفر الواحد نصف ريال.!! اي انه سلم المراسل ريال واحدا ورحم الله ايام ذلك الزمان , وبعد وصول الصبوح(الفطور) جلس الرئيس امامها وفي يده قلص من الشاي بالحليب . وبعد الإنتهاء من الصبوح , طلب حضور مدير عام دائرة التقاعد وكذلك مدير الدائرة المالية في القيادة العامة للقوات المسلحة الرائد علي العوش وقرروا تخصيص راتب تقاعدي لزوجها مقداره أربعون ريالا شهريا كان هذا المبلغ يعادل راتب من يحمل رتبة عريف في ذلك الوقت ومن ثم طلب من مدير الدائرة المالية توجيه مذكرة الى وزير الأوقاف بأن يخصص لعائلتها سكن من بيوت الأوقاف وبعد انصراف هذين المسؤولين, اخرج من جيبة كل ما يملكه وهو 17 ريالا وسلمها لها وبعد ان شكرته المرأة وارادت تقبيل يده رفض ذلك ورفع يده الى الأعلى وقال لها (هل عرفت صاحب الرئيس الذي كتب لك هذه الورقة؟) فردت علية (لا والله بس هو طيب مثلك)فرد عليها بابتسامة وقال (يا أمي انا صديق الرئيس) تتأثر المرأة وتنهال بالبكاء (انت الرئيس وانا سبيت لك )ليرد عليها الحمدي ويقول انا استأهل اكثر من ذلك !. هكذا هي حكاية رجل احب الفقراء واحبه كل من عاصروه من ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج, وكان جزاءه لناكري الجميل والمعروف (عفى الله عما سلف) .. هكذا كان الشهيد الحمدي وهكذا كانت صفاته..