كان عمر الشهيد الحمدي حينما اغتيل 35 عاماً .. عمر الشباب .. العطاء والقوة .. البذل والعمل .. النشاط والحيوية .. الرؤيا الحديثة والعقل النيّر .. العزة والاعتزاز .. حكم اليمن مدة ثلاث سنين فقط .. فكانت منجزاته .. أقواله .. تواضعه .. محبته .. فكره .. ووطنيته .. تتناقله الأجيال .. حتى يومنا هذا .. فعرفناه ولم نعايشه .. وهكذا هم العظماء .. فكان قائد وإداري ناجح وشهم .. وكان يبدأ بنفسه .. يشاهد وينفذ ويتابع ويراقب .. لا ينتظر التقارير والمستشارين وبطانة السوء .. وهناك رؤساء أتوا وذهبوا .. وذهبت ذكراهم بمجرد رحيلهم .. بل وقبل رحيلهم .. نظراً لفساد أرواحهم وأنفسهم ووطنيتهم .. كانت انجازاتهم نهب واختلاس وعمولات واستنزاف للمال العام .. وشغلهم الشاغل ( الحراسة الشخصية ) وعددهم وتسليحهم .. فيحرسوهم وأولادهم وأحفادهم وأقربائهم وعشيرتهم .. ليظلوا أطول مدة ممكنه على الكرسي .. بل وتوريثه لأولادهم وأحفادهم .. وجعلوا المصب العام لمن هب ودب من مقربيهم ولمن يسيرون وفق إستراتيجيتهم الانغلاقية العشوائية - إلا من رحم ربي - .. أطفوء شمعة الحمدي قبل 34 سنة بحقد وخيانة .. فظلت اليمن بلا نور حتى يومنا هذا .. مهما حاولوا تنويرنا فإننا نعيش في ظلامهم الدائم والمزمن .. فإن الله لا يصلح عمل المفسدين .. فتشارك اليمنيون جميعاً ذنب اغتيال الحمدي .. بخوفهم وصمتهم .. فغاصوا في وحل الفساد حتى يومنا هذا .. وظلوا في ظلمة دام مداها ثلث قرن من الزمان .. بسبب سلبيتنا جميعاً وعلى مدى أجيال .. فأشعلت ثورة التغيير الشبابية الحماس التصحيحي الذي كان قد بدأ به الزعيم الشهيد الحمدي .. فتم دك باب الخوف والصمت .. فلا أبواب مغلقة بين الحاكم والمحكوم .. لنرى نور الحرية والأمل ولو من بعيد .. ولكننا نفتقر إلى قيادة وطنية ونزيهة تدير البلاد .. فلازلنا ندور حول فلك الفاسدين وحول نفس الشخصيات (( التاريخية )) .. فكانوا هم لعنة الحمدي لنا .. بصمتنا .. سلبيتنا .. ولن يستقيم حالنا إلا .. بشباب شريف ونزيه .. متعلم وواعي وعملي .. يتولى زمام الإدارة بعقلية ودماء جديدة مثل ما كان الحمدي .. ولا بد محاكمة ومحاسبة قتلة الحمدي .. وحلمة .. وإلا فإن لعنة الحمدي ستظل تطاردنا جميعاً حتى نعيد حقه وإعتباره .. فلنا في القصاص (( حياة )) لو كنا من أولو الألباب ..